الأقيال

اليمن ومـرجـعـية الرجوع الى النفس…


اليمن ومـرجـعـية الرجوع الى النفس

مـصـطـفۍ مـحـمـود

إن ضلال الأفراد، أيا كان نوعه ومستواه هو جزء من حياتهم الشخصية، بينما ضلال الأمم هو عين السقوط في هاوية الأوهام والرذيلة. فالأول جزء من دراما الحياة ومن ثم يحتوي على إمكانيات متنوعة النتائج، بينما لا يحتوي الثاني إلا على قدر محتوم هو ضياع الأمل وانحطاط الوجود. فالابن الضال يعود وفي انتظاره عيون حنونة، بينما ضلال الأمم هو ضياع الروح وتيه الجسد! وهي حالة مأساوية نادرة الحدوث، لكنها تحتوي مع ذلك على إمكانية واحتمال صنع مأثرة تستحق الغناء والتمجيد أو مسخرة لا قيمة لها. وفي كلتا الحالتين ليس أمام اليمن مهمة المفاضلة بينهما مازال يقف أمامهما بوصفهما جزء من مصيره الفردي والوجودي. بمعنى وقوفه أمام حالة فريدة ونادرة في تاريخه العريق،

كما لو انه يريد البرهنة من جديد على بديهة قد يكون هو أول من عانى من اجلها وأسس لها بمعايير الحس والعقل والحدس، ألا وهي أن رؤية الظلال في الضلال هي بداية الصعود الفعلي لأشعة الوعي الذاتي. وهو وعي لا يمكنه التكامل إلا بعد تأسيسه لفكرة “الرجوع الى النفس” بوصفها مرجعية متسامية.وليست هذه “الاظلة” سوى الصيغة الأولية لحركة الوعي الاجتماعي والسياسي باتجاه إدراك قيمة الرجوع الى النفس. وهي عملية سوف تستغرق فترة طويلة نسبيا، بسبب كمية ونوعية الانحطاط المادي والمعنوي الذي تعرضت له بنية الدولة والمجتمع والثقافة بشكل عام والسياسية منها بالأخص.

وما لم ترتقي النخب الاجتماعية والطبقه السياسية اليمنيه الى مستوى الحدث وخطورة الاوضاع لتجاوز إشكاليات اليمن في الأقوال والأعمال والرؤية الإستراتيجية للبدائل، فإن الضياع سيبقى ملازما لحالة اليمن مع ما يترتب عليه من اغتراب شامل وضعف بنيوي يناسبه بحيث يجعل من الملشنه و التدخل الخارجي و”مشاريعه” القضايا الوحيدة في “جدول أعمال” التلهية السخية والتسلية الغبية للنخب والمجتمع على السواء

إن مشكلة اليمن الجوهرية ليست في كيفية تحرير اليمن من المليشيا الحوثيه ، بل في كيفية رجوع اليمن الى نفسه. وهو رجوع لا ينبغي أن يشبه بشيء… رجوع “قوى الخارج” المحكوم بالرؤية الإيديولوجية الحزبية، بل بفكرة الوطنية اليمنيه والمصالح العليا للدوله. أي بفكرة فدرلة الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي.

حينذاك فقط يمكن رمي المليشيا الحوثيه وكل مشاريع قوى الاحتلال الايراني والامريكي ووصاياه في مزبلة الزمن السياسي. حينذاك لا معنى للجدل حول عدد السنوات التي ينبغي انتظارها من اجل “بلوغ اليمن ” القدرة على إدارة شئونه الذاتية وما شابه ذلك من صيغ هي عين الاستصغار والاحتقار والإذلال لليمن واليمنيين وضمنها أيضا يمكن رمي كل المشاريع المشابهة مثل “دعوة الأمم المتحدة للبدء فوراً في محادثات ومفاوضات معمقة وجادة مع الساسة اليمنيين من جميع الأطياف شريطة أن تكون محادثات مستمرة حتى التوصل إلى اتفاق واضح حول السلطه والثروه

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى