الأقيال

الــعــلــمــانــيــه والآســــلام،،…


الــعــلــمــانــيــه والآســــلام،،
ح.1″
مــصــطفى مــحمــود،

اقــــول وبالله توفيقي :
أن العلمانية، أو الليبرالية، لاسيما الليبرالية المعرفية والسياسية، هي الحاضنة الأفضل لقضايا الدين وقضايا الوطن، فهي تتيح لكل فرد أن يمارس بكامل الحرية خصوصياته، ومنها خصوصيته الدينية والثقافية. العلمانية ليست الضد من الدين، بل هي الضد من الدينية أو الدينوية، أي الضد من الأدينة أو التديين القسري للحياة الاجتماعية والسياسية. وما زال العالم العربي والعالم ذو الأكثرية المسلمة غير قادر على التفاعل مع مفهوم العلمانية، لأن الإسلاميين والدينيين، نجحوا في إشاعة أن العلمانية تعني مناوءة الدين، فهي – حسب فهمهم عن جهل، أو ادعائهم عن علم – مرادفة للكفر والإلحاد، ومن جهة أخرى إشاعة أن الليبرالية تعني الإباحية والتحلل. ولعلهم محقون من زاوية فهم ما، كون العلمانية والليبرالية، صحيح ليس من شأنهما نشر الكفر والممارسات الشخصية التي تعد إباحية أو تحللا عند الإسلاميين والدينيين، ولكن الدولة العلمانية لا ترى من مهامها منع الفكر الذي يُعَدّ كفرا عند الدينيين، ولا الممارسات التي تُعَدّ إباحية عندهم، بل هي تحفظ حقوق وحريات الجميع، بما في ذلك حرية وحقوق المتدينين للتعبير عن تدينهم، اعتقادا والتزاما وترويجا ومزاولة للطقوس والشعائر والعبادات، لكنهم بقدر ما يحق لهم التمتع التام بحرية الالتزام بلوازم دينهم، تحظر عليهم الدولة المدنية القائمة على العلمانية والليبرالية إلزام غيرهم بذلك قسرا، ولو كان القسر بمستوى الإحراج، فالالتزام يمثل لونا من ألوان الحرية، والإلزام يمثل لونا من ألوان التعدي على حرية الآخرين، غير المسموح به على ضوء الفهم العلماني والليبرالي للدولة الديمقراطية. ومما جعل العلمانية يساء فهمها كون كل الديكتاتوريات في المنطقة – كما يدعي الإسلاميون – هي علمانية وليست إسلامية. وهذا يشتمل على خطأين؛ الأول إن العلمانية جاءت لاحقة للديمقراطية ومكملة لها أو ضامنة لعدم الانتقاص منها باسم الدين، فهي بالتالي قرينة الديمقراطية وليست خارجة عنها، وبالتالي لا يمكن أن تكون لاغية لها. والخطأ الثاني في هذا الفهم أو المدعى، هو أن الديكتاتوريات تقمع عادة كل فكر مخالف لها، وهي ضد كل تيار وتوجه لا يطابق متبنياتها ورؤاها، وبما في ذلك ضد الاتجاه الديني المعارض لها، مع إن لدينا تجارب من الديكتاتورية الدينية في تاريخنا وفي واقعنا الراهن، كديكتاتورية جمهورية ولاية الفقيه الإسلامية في إيران، وتجربه حكومة الطالبان في أفغانستان وغيرها، هما وغيرهما من أمقت الديكتاتوريات. ولعل من أسباب عدم بروز العلمانية في العالم العربي والعالم ذي الاكثرية المسلمة كموجة وعي جمعي، كتيار شعبي، هو خوف العلمانيين المبالغ به من طرح هويتهم العلمانية، خشية تسقيطهم جماهيريا عبر تهمة التكفير ومعاداة الدين. وشخصيا أدعو العلمانيين دائما إلى الإفصاح عن هويتهم العلمانية، بموازاة تصحيح سوء الفهم عنها، ودرء التهم ضدها والشبهات حولها.،
يتبع،،،،

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى