الأقيال

عــــــــندمـا يــــــــصبح الكــــذب حـــــــقــيقـه…


عــــــــندمـا يــــــــصبح الكــــذب حـــــــقــيقـه

مصطفى محمودــاليمن

على الرغم من كل الكذب والزيف وقلب الحقائق الذي يمارسه إعلام المليشيا الحوثيه منذ بداية اجتياحها للعاصمه صنعاء وإلى اليوم، مازالت “البروبغندا” الإعلامية التابعة لها تبدو أكثر تأثيراً في الرأي العام من إعلام الشرعيه لماذا؟

هل كان ذلك بسبب الضعف وقلة الخبرة في إعلام الشرعيه وإعلامييها، أم لأن إعلام المليشيا أكثر احترافية في ايصال الخبر والمعلومة والايحاء للمتلقي من إعلام الشرعه ؟ أم لأن قوة الوهم عند البشر هي فعلاً أكبر من قوة الحقائق؟ أم لأن الحقيقة هي بالأصل تصنع صناعة وغالباً ما يصنعها الأقوى و يصوغها المنتصر؟!

مما لا شك فيه أن تكرار الكذب يحوله إلى حقيقة واقعة (ولو كانت مؤقتة)، ومما لا شك فيه أيضاً أن النفس البشرية سهلة الانخداع وسريعة التصديق كما علّمنا ابن خلدون، ومن المعروف أن الكذب الإعلامي الممارَس من قبل المليشيا الحوثيه وأعوانها اقتداء بالدعاية النازية، هو كذب متواتر ومركزي وشمولي ومحكم التنظيم، مثلما هو سائد في النظام الايراني ولذلك فإن مرحلة الانقلاب الذي ابتدأت بها المليشيا على شرعيه الشعب مازالت ثابتة ومتمترسة في مواقعها حتى اليوم، لا بل إن انكار الشرعيه وتعريفها على أنها مؤامرة كونية وعدوان سعوديامريكصهيوبريطاني …الخ، لم يتوقف عن التحول في كل يوم جديد إلى واقع، بل إلى الواقع.

يدافع اليمنيون عن حقيقة يعرفها العالم أجمع، وهي أن الحوثيه جماعه سلاليه طائفيه طغمويه كهنوتيه اجراميه، ولابد من ازاحتها ، لكن العالم الذي يطالب اليمنيين بالانضباط والانتظام وتقديم البديل الواضح والمنظم و”الحضاري” عن المليشيا الحوثيه ، يرمي باليمنيين في أحضان الملشنه والعنف والفوضى، ويساهم في خلق كل الشروط المثالية لتلك الفوضى وذلك العنف، عبر المراوحة بين التدخل وعدم التدخل ولعبة السماح والمنع والتقنين وغيرها، الشيء الذي يعود وينعكس في عدم قدرة اليمنيين على وحدة الصف الجمهوري و الانتظام، إن كان بالمعنى السياسي أو العسكري أو حتى الاجتماعي والمدني.

من هنا تصبح الحقيقة تابعة للواقع ومجرياته، بحيث يتناسى العالم قوة الحقيقة التي لا ينفك عن تأكيدها ان الحوثيين جماعه دمويه عنيفه، لصالح الواقع الذي يساهم هو بخلقه، والذي لا يكف عن التبدل والتشظي والتفتت العنيف، فتتغير أولوياته من جديد ويصبح داعماً أو مشاركاً أو ساكتاً عن دعم للمليشيات القائمه طالما أن البديل الأكثر قوة وتأثيراً وتنظيماً عنها هو تنظيم القاعده والاهاب،

ربما يجدر القول إن العلاقة دائماً تفاعلية بين الإعلام والواقع والقوة والانتشار، وأن هناك صراعاً دائماً بين القوى المؤثرة في الواقع ومن بينها الإعلام بوسائله المختلفة، لكن الجدير بالذكر أيضاً أن الاعلام الجمهوري المتنوع والمتعدد والمختلف والمتنافس والمتنافر أحياناً، ورغم كل المثالب والنقائص التي تعتريه، يبقى الأكثر تعبيراً عن روح الجمهوريه والديمقراطية، والأكثر التزاماً بحرية الرأي والاختلاف والتعدد، والأوفى للحقيقة التي يحاول اليمنيون التمسك بها، والدفاع عنها، رغم ضعفها أمام المؤامرات والخذلان وسلطة المال والمافيات الاقليميه و الدولية المتحالفة.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى