حقوقيون

إنها الساعة الحادية عشرة والخمس دقائق بتوقيت مشفى الثاني والعشرين من سبتمر ضلاع


إنها الساعة الحادية عشرة والخمس دقائق بتوقيت مشفى الثاني والعشرين من سبتمر ضلاع همدان.

مباني متوسطة منثوره داخل سور متوسط الحماية. موقعه يتوج بداية الإلتوائات الطرقية. في بوابتها أطفالًا مدججين بالبنادق، ومتورمي الوجنات، والأفواه.. لا تسطع فهم ما يقولونه إلا بصعوبه. لا يمكنك ادخال سيارتك وإن كانت تسعف من على عتبات الموت! يسمح لك بإلقائه على بوابة الطوارىء والخروج الفوري. ثم تتفاجىء بالزحام للسيارات داخل الحوش؛ وتكتشف بأن هناك طرق ملتوي للسماح بإدخال السيارات، بل وتعاطي القات، والشمه، والسجائر رغم أنها ممنوعه! المال هنا كما هو في أغلب المؤسسات الحكومية للأسف: سلطة لا تعلوها من سلطة!
الدكاترة، والدكتورات المناوبين، والمنوبات يكاد ان يكونوا بالطبع ذاته!
وجوه موجومه..غضب عارم.. تشنج وعصبية في التعامل.. انعدام انسانية ورحمه..!
الا قلة قليلة منهم.
كان احدهم يرفض توفير أسرة للمرضى بالرغم من أن القرار ليس بيده، وليس من صلاحياته! ولأن القبائل، والقروين هنا بسطاء، ويعرفون قانون الغاب، والتعامل بالرشوى.. يدسون أموال لأحد أدراج بنطاله المتخمه، فتتفتح أبواب الغرف، وتتوفر الأسرة!!

هذه المشفى الريفي معروف بكونه مشفى نساء وولادة بالرغم من أنها تستقبل حالات كثيرة، وأمراض مختلفة..
الا أن الأهلي هنا يعرفونها بكونها مشفى وولادة!

في الغالب يتم تحويل أبسط الحالات، والكثير من الإجراءات الطبية من: فحوصات، وأشعة.. لخارج المشفى!
عندما تحريت لكون والدي احد المنومين في غرف العناية المركزة؛ عرفت بأن التحويل ذلك، لكون أغلب الأهالي لقلة حيلتهم، وضعف حالتهم المادية يحيلون الحسابات الباهضة بالرغم من كون المشفى حكومي للـ #آجل ولذلك يتعاقدون مع مراكز، ومشافى اخرى يحددونها مسبقًا؛ للحصول على نسب عالية، وحرمان المواطن البسيط من الحصول على حقه في تأجيل الدفع؛ وبالرغم من وسائل الضمان، والكفالة!!

لست بمبالغ، ولا بمدعي. اذهبوا لأقرب مشفى حكومي وسترون. بل واذهبوا لأقرب مشفى وأنظروا للفواتير الفلكية!

ها أنذا أمكث هنا بالغرفة التي يعدها البعض مكانًا للراحة، ولتأدية الصلاوات، والعبادات، والتمني على لله بتلين قلوب تجار الصحة، ومتاجري بمعانات الناس..

احدهم اخبرني بأن والدته التي تعاني من فشلًا كلويًا رفضوا إدخال والدته مرارًا بالرغم من تحويله من أكثر من مشفى لهنا.. الا أنه تم ردهم مرارًا، وتكرارًا حتى تم الإبلاغ، وتوصيل الشكوى لمكتب الصحة؛ بعد إذا كانت والداته ستلقى حدفها!

اخر اتى من احد قرى الحديدة لمداواة فلذة كبده؛ تم تحويلة من مشفى ريفي بعيييد الى هنا بالرغم من قرب الكثير من المشافي! بل كان يحدثني وعيناه تزف الدمع؛ بإنه لم يكن يتوقع بأن أبنته ستصل على قيد الحياة للمشفى التي تبعد عن المكان الذي هو منه كثييييرًا.

في اليمن لا طب إنساني. بل طبًا تجاري، وبكل ماتعنيه الكلمة. إن لم تكن تملك الأموال.. الكثير منها، فلتمت بصمت!

وضع مزري، وغير إنساني.

اتجول الآن في المشفى، وأزور أقسامها، وألقى بالتحايا للدكاترة عن بعد، فيكون ردهم إما بنظرة عابسه، أو بالشتم بصوت منخفض، أو مكتوم!
أهالي المرضى كثر، وجميعهم يأنون لعجزهم عن تخفيف آلام أحبائهم الذي لم يتساعد الأطباء، والطبيبات في تخفيفه!

ليالي قلية أمضيتها هنا، ولا أتمناها لأحد. فالذي تشاهده هنا يقت.ل أحزاء منك ببطء.
عندما ترى التعامل، والمعامله ممن يفترض بكونه ملائكةً للرحمه بهذا السوء، والأسلوب.. لا يمكنك ألا أن تصرح في أعماق دواخلك بأن ” على الدنيا السلام”!

هذه المأساة وأكثر مما رأيتها بأم عيني، والكثير من التفاصيل المؤلمة، والموجعة والتي كثيرًا ما أبكتني، ولا أملك من قوة للكتابة عنها.. مجرد فيضًا من غيض و #ماخفي_أعظم

*تفاصيل تجربتي الشخصية في ادخال والدي للمشفى في اول تعليق

#لا_طب_إنساني_في_اليمن
#طب_تجاري

لؤي العزعزي


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫8 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى