كتّاب

ملكة الأقدار…


ملكة الأقدار
آخر ثلاث خطوات لنفرتيتى فى مصر:
لم يكن يتصور الأثرى الألمانى “بوركهارت” أن يسعده القدر بالعثور على أجمل تمثال لإمرأة على مر التاريخ “نفرتيتى” –الجميلة تتهادى- عاشت نحو 40 سنة بين 1370-1330 ق.م تقريبا، ابنة لأحد قادة الملك أمنحتب الثالث “آى”، وهام بها عشقا وهامت به، ولى العهد القلق المتفلسف،أمنحتب الرابع، فتزوجها وتولى الحكم بعد أبيه نحو 1353ق م، حكم نحو سبعة عشر عاما قضي نحو نصفها فى طيبة، وبدأ حكمه بإعلان آتون سيدا للآلهة، وسعى كهنة آمون، إله طيبة العتيد، لقبول ما اعتبروه هرطقة من الملك الشاب، حتى قرر محو وتدمير صور وتماثيل آمون وآلهته الطيبيين وتسمى باسم إخناتون – المخلص لآتون-، فثاروا على الملك الذى قرر الفرار بعقيدته الجديدة نحو 450 كيلو إلى الشمال، “أخيتاتون” تل العمارنة بالمنيا، ومعه من آمن به وزوجته المخلصة والمؤمنة به وبإلآهه أتون، فغيرت اسمها إلى “نفراتون نفرتيتى”.
وأنجبت لمليكها ستا من البنات، وكانت تقتطع من واجباتها الملكية وصلواتها وقتا تقضيه فى ورشة النحات الملكى”تحتمس” ليصنع لها تلك التحفة الخالدة، نحو سنة 1345ق م، وبانشغال إخناتون بصلواته وعبادته لإلهه المحبوب، عن واجباته الملكية، وغضب كهنة آمون تدهورت أحوال البلاد الداخلية وعمت الفوضى، وتمردت الأقاليم الخارجية، فتقدم قائد الجيش العظيم “حورمحاب” لينهى حكم إخناتون، وفتنته، ومع هذا تهيئ نفرتيتى لابنه ووريثه الصغير “توت عنخ آتون” الحكم بعد تزويجه من ابنتها، ويقرر حورمحاب إجبار الملك الصغير على هجر اخيتاتون فيغير اسمه الى توت عنخ آمون، ويعود به إلى طيبة العتيدة، وتنقطع من التاريخ أخبار الملكة العاشقة، ومع الفوضى التى اعقبت الرحيل وتدمير كهنة آمون لكل مايتعلق بالآتونية من آثار، يضطر النحات العظيم دفن تمثال الملكة العاشقة التى اختفت، تحت تراب ورشته.
وتمر أكثر من ثلاثة آلاف سنة حتى يعثر بوركهارت عليه 6 ديسمبر 1912، فيقرر أن تذهب تلك التحفة النادرة إلى ألمانيا مهما كانت الظروف، فيتحايل على القانون الذى يقرر الاحتفاظ بالقطع الفريدة من الآثار بوصفه للتمثال: “رأس أميرة من الجبس”، ويتركه بما علق به من أتربة، وبعد أن تنطلى الخدعة على مندوب مصلحة الآثار المصرية، يضعه فى صندوق تحت كومة من الفخار المكسور حيث يتخذ طريقه إلى ألمانيا، 1913، ويحوزه “جيمس هنري سيمون” ممول الحفائر، فيظل بحوزته سبع سنوات، حتى يمنحه سنة 1920 لمتحف برلين، ويقرر المتحف خروج التمثال إلى الجمهور سنة 1924، (انظر كتاب: سرقات مشروعة للمستشار أشرف العشماوى) وفى الثلاثينيات يقرر “هتلر” الجبار رؤية ذلك التمثال الذى يتحدث عنه الناس وتطالب به مصر، فيراه ثم يعلن: أنه على استعداد لمحاربة العالم كله لكى يظل التمثال بألمانيا، ومع بداية الحرب العالمية الثانية 1939، قررت ادارة المتحف تخبئة التمثال فى قبو البنك البروسى، ومع تعرض برلين لقصف طائرات الحلفاء ينقل من قبو البنك لإحدى المواقع العسكرية الحصينة 1941، ومع استمرار القصف ينقل إلى منجم للملح 1945، ودخلت القوات الأمريكية إلى برلين وعثرت على التمثال الذى عرضته للجمهور 1946 لأول مرة بعد الحرب، وفى سنة 1956 عرض التمثال فى متحف داهليم ثم المتحف المصرى فى برلين الغربية ودارت معركة حامية الوطيس بين برلين الشرقية وبرلين الغربية حتى انهار جدار برلين وعاد التمثال الخالد إلى مكانه الأول سنة 2005. تلك هى رحلة التمثال الفريد أما صاحبته فقد تصور الأثريين العثور على موميائها آخر القرن التاسع عشر، في قبر يظن أنه لإخناتون، حتى عثر بعض الباحثين الانجليز سنة ٢٠١٥،على جدار يخفى غرفه سرية فى مقبرة الملك الصغير توت عنخ آمون يأملوا أن تكون فيها مومياء ملكة الأقدار نفرتيتى.
وعندما تزور برلين وتقرر رؤيتها ففى محيط متحفها سيدعوك هاتف للصمت والخشوع فأنت فى رحاب ملكة الأقدار “نفرتيتى”
الصورة المرفقة هى للثلاث خطوات الأخيرة للملكة العظيمة قبل أن تختفي فى صندوق فى العمارنة لتظهر فى برلين.
يسعد أوقاتكم


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى