كتّاب

إلغاء السنة السادسة .. وفتحى سرور .. وهكذا كان يدار التعليم…


إلغاء السنة السادسة .. وفتحى سرور .. وهكذا كان يدار التعليم زمن مبارك:
فى الستينيات كان التعليم الوحيد المتاح للناس جميعا على اختلاف، طبقاتهم هو التعليم فى المدارس الحكومية المجانية أو برسوم سنوية لا تصل للجنيه، وكان تعليما فعلا – طبعا أقل من تعليم ما قبل الثورة – ولكننا كنا نتعلم بحق، ونمارس الأنشطة المختلفة رياضية وثقافية وفنية، ونخرج فى رحلات، ولم تكن هناك فترات دراسية متعددة للمدرسة، ولم تكن هناك دروس خصوصية، ولم تكن هناك مدارس خاصة، إلا عدد قليل جدا لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، وكان وجودها طبيعيا ليقبل بها من فاتته فرصة التعليم وكبر سنة، أو من تعددت مرات رسوبه، أو من يفكر فى استكمال تعليمه من منازلهم.
ولكن مع السادات بدأ التعليم فى التدهور، إذ توقفت خطط التنمية وقل الإنفاق على التعليم، فتعددت الفترات الدراسية فى المدسة وتقلص اليوم المدرسى، وزادت كثافة الفصول، فاضطر القادرين على إعطاء أبنائهم دروسا خصوصية لتعويض قصور المدرسة، ومع عودة القادمين من الخليج انتعشت المدارس الخاصة وزادت أعدادها، وخاصة وان الطلب عليها كثير ومكسبها كمشروع استثمارى كبير فى ظل غيبة معايير حاكمة من الدولة.
وراحت قيمة التعليم تتدهور بين سنة وأخرى وتتدهور جودة العملية التعليمية ونجاعتها، وتشتد ضراوة السوق الموازية للتعليم “مدارس خاصة ودروس خصوصية وكتب خارجية،
حتى جاء الوقت الذى فكر مبارك فى أن التعليم أصبح عبئا على ميزانية الدولة وأنه لا بد من توفير عدة ملايين من الجنيهات مما ينفق على التعليم، وعهد بالمهمة المقيتة لوزير التعليم وقتها ” أحمد فتحى سرور” الذى كان يفخر بأن دكتوراهه فى بطلان الإجراءات.. طبعا لم يكن من الممكن التوفير من مرتبات المعلمين الفقراء أصلا، ولا من الأنشطة ولا طباعة الكتب لأنها فى الحد الأدنى من الإنفاق، ومن هنا تفتق ذهنة عن إلغاء سنة كاملة من التعليم وهو ما يوفر نحو “35 مليون جنيه”، وعقد مؤتمرا سنة 1988، تحت عنوان: إصلاح التعليم ألقى فيه بفكرته، وراح هو وأعوانه يبحثون عمن يود “ألا يفوتهم الميرى”، فيؤيد إلغاء سنة كاملة من تعليم منهك وفقير، وقام مدير المركز القومى للبحوث التربوية وقتها: “ع. ع ” بفبركة دراسة بعنوان: ” التحصيل الدراسي وسنوات التمدرس” أجراه على مدرسة ألمانية ثرية ليؤكد أن يحصله التلميذ فى خمس سنوات يمكن أن يحصله فى أربع سنوات فقط، وراح فتحى سرور من زبانيته يدرس الموضوع من مختلف جوانبه.
وأخيرا دعى نحو أربعين من هؤلاء الزبانية لفندق سفير بالدقى، وبعد ورشة عمل صباحية، نادى الأمن على موظف الريسبشن الذى سلم الأساتذة مفاتيح وأرقام غرفهم المحجوزة فى افندق، قائلا لهم شوفوا بقى: مجلس الشعب منتظرنى بعد يومين علشان نغير القانون ونحذف السنة السادسة مع مايقتضى هذا من تعديلات فى المعلمين والادارة والمقررات والامتحانات، وانتم حتفضلوا هنا فيه الأكل والشرب والخمرة للى عاوز واللى عاوز يجيب مراته يجيبها، بس آجى بعد بكرة الاقى كل حاجة جهزت، وأمناء الشرطة إللى واقفين على الباب دول عندهم أوامر يضربوا بالرصاص إللى يخرج من الفندق.
هكذا ألغيت السنة السادسة، وهكذا رحنا، لأول مرة نجد من بين تلاميذنا من يصل للإعدادى دون أن يعرف القراءة والكتابة، وعادت السنة السادسة سنة ١٩٩٤، ولكننا لم نعد متأكدين من قدرة تلاميذنا على القراءة والكتابة بعد سنوات من التعليم لأن عوامل التدهور قد أصبحت أشد ضراوة.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى