كتّابمفكرون

إذاعة القرآن الكريم”…


إذاعة القرآن الكريم”
جلست عند الحلاق حوالي الساعة، الرجل يفتح الراديو طوال الوقت علي إذاعة القرآن الكريم، مثله مثل كافة المحلات وعيادات الأطباء ومختلف الأماكن، والحقيقة أنني لم أكن أسمعها، ولكنني عاصرت وقت انطلاقها عام 1964، وقتها كان أبي سعيدا بها لأنها تذيع قراءات لمقرئين عظام أذكر منهم الشيوخ المجوّدين عبد الباسط عبد الصمد، ابو العينين شعيشع، وعبد الفتاح الشعشاعي، صديق المنشاوي، وعبد العظيم زاهر، وترتيل الشيخ الحصري وآخرين.

كانت قناعتي ان ما يجذب أبي هي طريقة التجويد وحلاوة الصوت والانتقال بين المقامات واستعراض القدرات الصوتية وأظنه لم يكن يهتم بالتدبر في معاني الآيات فهو يحفظ القرآن كاملا وكنت أراه سعيدا بأن يرتل مع القارئ ما يحفظه.

وعندما كان يجدني مشغولا بالتحدث مثلا مع أخوتي وبصوت عال ينهرني قائلا (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)، فصارت عندي قناعة أن من لا يستطيع التفرغ لسماع القرآن عند تلاوته فعليه أن يؤجل ذلك لوقت آخر، وبناء علي ذلك لن تجدني محبذا لإذاعة القرآن (عمال علي بطال) في كل الأماكن كما يحدث الآن.

المهم في الموضوع أنني عندما ركزت إنتباهي لما يذاع وجدت أن الإذاعة أصبحت لا تكتفي بالقرآن الكريم، وأنها تقدم البرامج المختلفة، ونشرة الأخبار.

وقد تركزت هذه الأخبار علي تصريحات شيخ الأزهر ولقاءاته وأعماله وأخبار الأزاهرة المختلفين، وأن البرامج المذاعة تكاد تتطابق مع برامج الفضائيات الدينية بكل ما تحمله من غيبيات وأساطير وآراء فقهية قديمة لا تناسب العصر، وأحسست أنها لسان حال السلفيين بكل فتاواهم الغريبة والمثيرة للجدل، وأثار تعجبي برنامج بإسم (فتوي في دقيقة).

الأهم أنني شعرت أنها إذاعة لا رقابة عليها ولا ضابط لها، وبالسؤال علمت أن المسيطرين عليها مجموعة من الأزهريين المتطرفين يمارسون وصايتهم المعهودة علي أحوال الناس، ويضعون أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة كما هي عادتهم.

الطامة الكبري أن تكون إذاعة الدولة للقرآن الكريم التي تصرف عليها الحكومة من أموال الشعب هي أحد وسائل التطرف وبث الطائفية دون أن ينتبه اليها أحد.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى