مفكرون

Johnny B. Good | دروس في المنطق, رحلة المخاطر من اجل الحرية بإمكاننا ان نقول بأن الإنسان قد


دروس في المنطق,

رحلة المخاطر من اجل الحرية

بإمكاننا ان نقول بأن الإنسان قد بدأ فيه استرقاق إنسان آخر في مرحلة ظهور الملكية الخاصة, تطور حسب النمط الإقتصادي ليصبح الرق بصفة عامة ممارسة تمارسه الحضارات والديانات الوضعية والسماوية طوال التاريخ وحتى فترة لقلية قريبة مضت, وتذكر بعض المصادر ان الرق لا يزال يمارس في بعض الدول الإـ///ــلامية مثل مالي وموريتانيا, أن العمل الإجباري لم يكن غريبا، فقد كان الأفارقة والأوروبيون يتاجرون بالسلع والناس عبر البحر المتوسط لقرون عديدة، لكن الاستعباد لم يكن قائما على العرق, وأن تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي -التي بدأت منذ القرن الخامس عشر- أدخلت نظاما من العبودية التي تم تسويقها وتمييزها ووراثتها إلى أنه لم يكن يُنظر إلى المستعبَدين على أنهم أشخاص على الإطلاق، بل كان ينظر إليهم باعتبارهم سلعة يتم شراؤها وبيعها واستغلالها.

لا يزال معظم الأميركيين لا يعرفون قصة العبودية الكاملة وما حدث في الارض الجديدة على يد السيد الابيض من سوء المعاملة يندى له الجبين وحيث اربطت مؤسسات الرق بالحاجز اللوني بين الاوربي الابيض والزنجي الاسود, وبعد مرور أربعمئة عام على إحضار الأفارقة المستعبدين بسفينة برتغالية كانت تحمل شحنة من العبيد في عام 1619 عبر المحيط الأطلسي، وكان هؤلاء العبيد أفارقة من أنغولا في جنوب غرب أفريقيا إلى ولاية فرجينيا في الولايات المتحدة, وقليل من الامريكان لا يعلمون شيئ عن الرجال والنساء والأطفال خطفوا من مملكتي نوندو وكونغو- تحمّلوا عناء الرحلة المرعبة التي كانت مرتبطة بحياة الاستعباد في العالم الجديد وكان ما يقرب من نصف الأسرى قد توفوا بحلول الوقت الذي وصلت السفينة الى موانئ ولاية فرجينيا.

فالرق في الأرض الجديدة التي عرفت فيما بعد بأسم الولايات المتحدة الأمريكية كان لها مؤسسات قانونية فرضها السيد الاوربي الابيض ويكون فيها إنسان اسود اللون مملوكاُ بقوة القانون لشخص ابيض وكان يتم تدعيم سلطة الشيد المالك على رقيقة بإستمرار ليس فقط بقهرهم جسدياُ وتوقيع عقوبات بدنية عليهم تشمل حتى حق السيد في إعدام رقيقه بل كانت توجد ايضاُ وسائل رمزة اخرى لتكريس خضوع هؤلاء العبيد ذو سواد اللون لأسيادهم والحفاظ بإستمرار على شعور الارقاء عند انتقالهم من حوزة سيد لأخر, واحياناُ من فترة لأخرى لديى نفس السيد لإذلالهم وحرمانهم من شخصيتهم بل سحقها, بالإضافة الى الممارسات الأخرى الشائعة بإطلاق اسم "ولد Boy" على كل العبيد الزنوج الذكور بغض النظر عن أعمارهم.

ولم يكن الضرب بالسياط على سبيل المثال مجرد وسيلة لعقاب الرقيق الزنجي الاسود على أخطاء ارتكبها او تقصيره في خدمة مالكيه بقدر ما كان أداة للسيطرة عليهم والتأثير في نفوسهم وتذكيرهم دوماً بوضعهم الإجتماعي بصفة أنساً لا كرامه لهم, بالإضافة الى أن الضرب بالسياط كان يتم أستخدامه في الغالب على اعتبار أنه الحافز الوحيد المناسب للحصول من الأرقاء على المزيد من الجهد سواء من رقيق للخدمات المنازل او من الرقيق القائم في المزارع او بأعمال اخرى.

في القرن التاسع عشر حصلت نهظة تحررية بين العبيد في الولايات الجنوبية حيث شكلت شبكة من الطرق السرية والمنازل الآمنة التي ساعدت العبيد على الهروب وكان يديرها نشطاء أشاروا الى انفسهم على أنهم قأمون بأعمال المحطة وصيانتها سميت تلك النهظة لاحقاُ بل "السكك الحديدية تحت الأرض" ( Underground Railroad), كانهذا الاسم الرمزي الذي أطلق على الناشطين الذين ساعدوا العبيد على الفرار من الجنوب الأميركي للوصول إلى الحرية بالولايات الشمالية، ولم تكن منظمة بالمعنى الرسمي للكلمة واستخدم المصطلح لوصف الذين ساعدوا العبيد على الفرار وبينهم مواطنون عاديون ومناضلون نشطاء.

يعود تاريخ شبكة السكك الحديدية تحت الأرض إلى القرن التاسع عشر وكانت بمثابة "سلسلة متشابكة من الشبكات المحلية" تألفت من "مجموعة صغيرة مثقلة بالأعباء من النشطاء المتفانين" معظمهم من الليبراليين اليساريين. لم يكن الكثير من نشاط هذه اللجان تحت الأرض على الإطلاق، ولكن في الواقع كان نشاطهم ظاهرا جداً عبر ممارسات اشتملت على جمع الأموال والتبرعات، وتعبئة الجمهور، وتقديم المساعدة القانونية، ومواجهة مالكي العبيد, اعتبرت الشبكة عملاً إجرامياً وخطراً على نمط الحياة بالولايات الجنوبية وسبباً محتملاً لإثارة ثورات العبيد جنوب أميركا، كما نظر إليها كنوع من تحدي القوانين الفيدرالية التي تمنع مساعدة العبيد الهاربين، ومع ذلك نظر إليها في صحف الولايات الشمالية بنوع من التقدير والامتنان لدورها البطولي.

وكان غالبية العبيد الهاربين في القرن التاسع عشر لا يتوقعون دعمًا من نشطاء "السكك الحديدية تحت الأرض" إلا بعد أن تحركوا شمالًا وعبروا خط ماسون ديكسون، الحد الفاصل بين ولايات الرقيق بالولايات الجنوبية والولايات الحرة بالشمال, وخلال معظم رحلاتهم، كان على العبيد الاعتماد على براعتهم الخاصة وقوتهم وكذلك أعمال التضامن والمساعدة العفوية على طول الطريق، والتي يقدمها غالباً أشخاص من السود والمجتمعات التي لا تعتبر جزءًا من "السكك الحديدية تحت الأرض".

والجدير بالذكر ان الولايات الشمالية لم تمانع مجيئ فرق خاصة تسمى "Rangers" بمعنى حراس جوالين وهؤلاء يختصون بملاحقة العبيد الهاربين وإرجاعهم لأسيادهم وكالعادة يكون مصير هؤلاء العبيد الهاربين بالتعذيب الشبه إرهابي امام انظار العبيد ثم يشنقونهم " Lynching" على الاشجار لمدة طويلة تتعفن الجثث وتفشي رائحة كريه يضطر العبيد تنشق الرائحة لأيام لكي يتذكرون ما سيحدث لهم إن فكروا في الهروب, ولذلك اضطر النشطاء بتهريب العبيد عبر الحدود الامريكي الى كندا حيث لا تستطيع فرق الحراس الجوالين (Rangers) ملاحقتهم

وفي الفترة التي تلت الحرب الأهلية الأميركية في القرن التاسع عشر كشفت بعض شخصيات هذه الشبكة عن نفسها وروت قصصها التي كانت مخفية وكانت من الاهم الشخصيات السيدة هارييت توبمان كأول أميركية من أصل أفريقي وهي مستعبدة تحولت إلى ناشطة بمجال "السكك الحديدية تحت الأرض".

لا بد ان نذكر هنا أن تجارة الرقيق وفرت قوة سياسية ومكانة اجتماعية وثروة للكنيسة وللدول الأوروبية ومستعمرات العالم الجديد والأفراد، وأن رجال الأعمال جنوا المال عن طريق تداول السلع التي تنتجها العبودية على مستوى العالم وقاموا بسن قانون فرجينيا الصادر عام 1662 الذي ينص على أن وضع الطفل يتبع وضع الأم، مما يعني أن النساء من أصل أفريقي المستعبدات أنجبن أجيالا من الأطفال الذين يُنظر إليهم كسلع؛ ويضيف أنه تم سن قوانين صارمة تحدد الوضع القائم على أساس العرق والطبقة، وأن السود في أميركا كانوا يتعرضون للاستعباد مدى الحياة.

أن الأفارقة المستعبدين ناضلوا بشكل متواصل لنيل الحرية، وأنهم كثيرا ما تمردوا وقادوا حملات للتخلص من نير العبودية، مشيرتان إلى "ثورة ستونو" التي حدثت في سبعينيات القرن الثامن عشر، وإلى وضع السود على الخطوط الأمامية لجبهات القتال ضد الهجمات البريطانية, والفترة الزمنية بين العبودية والتحرر ليست بعيدة عن الذهن كما حصل لأمم اخرى عبر التاريخ, فنحن نتحدث عن فترة لم تتجاوز عشرين قرن, وكان تحررهم من قيود العبودية ولكن التحرر الاساسي حصل في الستينيات من القرن الماضي حيث حصلوا على حقوق المواطنة الكاملة ولكن الافارقة الامريكان الى يوماُ هذا لا يزالون يعانون من التميز والعنصرية والإضطهاد.

لا كاتب هذا المقال ولا اي شخص ذو عرق ابيض او للاتيني او شرقي او اسيوي يستطيع ان يتوصل الى حالة التفهم الصحيح لما يعاني منه المواطن الامريكي ذو البشرة السوداء التي اصبحت ماركة "عبيد مسجله بأسمهم اينما وجدوا ", ناهيك عن ما استطاعوا الحصول عليه وما استطاعوا تحقيقه, فبشرتهم السوداء تبين لفكر لانسان الاخر من هم ومن كانوا في الامس القريب وما هو مستاوهم اليوم.

Mazzin Haddad, 08/07/2020 Michigan / USA


Johnny B. Good

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى