مفكرون

Johnny B. Good | دروس في المنطق: التشابه بين جوزيف مكارثر وترامب ربما الكثير من القراء


دروس في المنطق:

التشابه بين جوزيف مكارثر وترامب

ربما الكثير من القراء المتابعين لا يعلمون شيئ عن السيناتور الامريكي جوزيف مكارثي الذي ولد في ولاية ويسكانسن في سنة 1908 والحاصل على شهادة في القانون وكان اصغر قاضي في الثالثة والثالثين يتم انتخابه في محكمة الإستئناف بنفس الولاية التي ولد فيها, ثم تطوع ليخدم في الجيش الامريكي فرع المشاة البحرية برتبة ملازم أول اثناء الحرب العالمية الثانية وفي عام 1946، فاز مكارثي بالمقعد الجمهوري في مجلس الشيوخ (Senators) عقب هزيمته السناتور روبرت لا فوليت الابن اثناء فترة الرئيس أيزنهاور، ودخل الكونغرس الأمريكي وهو في الثلاثينات من العمر ليكون أصغر عضو في مجلس الشيوخ.

ادرك جوزيف ماكرثي بانه سيخسر الدورة الثانية للانتخابات إن لم يفعل شيئاُ لزيادة شعبيته بين الجماهير وبداية الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي (انذاك) كانت افضل فرصه له ليتظاهر بوطنيته وشن حملة اعلامية في الشكوك حول تسلل الشيوعيين إلى داخل الحكومة الأمريكية من شخصيات صحافية وسياسية وعسكرية رفيعة المتسوى ومطالبة بتصفية "الخونة الشيعويين المتعاونين مع الاتحاد السوفيتي" (حسب ادعائه) وهذه الحملة جعلته يحتفظ بمنصبه في الدورة الانتخابية الثانية لمجلس الشيوخ ​​عام 1952، وأصبح رئيسًا للجنة العمليات الحكومية في مجلس الشيوخ، مما أفسح المجال أمامه كي يباشر التحقيقات المعادية للشيوعية، فاستجوب عددًا كبيرًا من المسؤولين المشتبه فيهم.

لم يكتفي جوزيف مكارثي بفوزه الانتخابات للدورة الثانية بل قام باستدعاء كل من يراهم خصومه او من يعاديه او ينافسه في المنصب بحجة مشتبهين بهم ويطالبهم بإدلاء بشهاداتهم أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وفي مطلع العقد الخامس من القرن الماضي، أطلق مكارثي اتهامات صادمة وهي بالاصل كاذبة زعم فيها وجود 205 جاسوس شيوعي داخل وزارة الخارجية الأمريكية، وأعلن زوراُ عن امتلاكه أسماء 57 واحدًا منهم. ودعا إلى إجراء تحقيق شامل في مختلف إدارات الدولة، فكان ذلك شرارة ما عرفت بفترة "الرعب الأحمر" غير أنه لم ينجح في إثبات صحة ادعاءاته ولكنه يعلم بان شعبيته بأزدياد نتيجة الحملة التي يشنها وكداعية "وطنية" رخيصة يتاجر بها على عقول البسطاء خصوصًا أن مزاعمه التغلغل الشيوعي لامست شعور الشعب الأمريكي بالقلق إزاء النشاط السوفييتي في الصين وأوروبا الشرقية واستغل مكارثي هذه المخاوف أفضل استغلال لشن حملة واسعة مناهضة للشيوعية، وقدم نفسه للشعب الأمريكي بصورة البطل الوطني وحامي النموذج الأمريكي.

ادرك جوزيف مكارثي ان شعبيته في ازدياد من خلال الحملات العدائية التي شنها على مثقفي اليسار، وباشر في البحث عن عدوا اخر لتوسيع شعبيته استعداداُ لخوض الانتخابات الرئاسية التي كان يطمع لها, وبهذا وجه مكارثي أنظاره صوب المثليين، زاعمًا أن الموظفين الرسميين المثليين الذين هم بالاصل لليبراليين ويمكن ابتزازهم على يد العدو اليساري والشيوعي وبالتالي سيزيد احتمال التعاطف معهم وإفشائهم لأسرار الدولة, وكان نتيجة الضغط الهائل لهذه الحملة توقيع الرئيس إيزنهاور الأمر التنفيذي رقم 10450، والذي يشرع ملاحقة الموظفين المثليين وطردهم من وظائفهم. فجرى تسريح المئات من الموظفين، وأطلق على تلك الفترة اسم "الرعب الأرجواني".

الحزب الجمهوري في السابق يختلف كلياُ عن ما هو اليوم, فهؤلاء الجمهوريين كانوا يملكون الشرف والضمير الذي لا يسمح لهم ان يتملقون لشخصية معتوة مثل جوزيف مكارثي من اجل الحفاظ على مقاعدهم في مجلس النواب والشيوخ واصبحوا يدركون تماماُ بأن أفكار مكارثي اصبحت وباًلا عليهم خصوصًا بعدما تسبب بأضرار كبيرة للمواطنين الأبرياء، وأثرت على سياسات الحكومة الأمريكية. فاستدعي إلى جلسة استجواب متلفزة دامت 36 يومًا، تبين جليًا بعدها أن أفكارهذا المعتوه مكارثي كانت خارج حدود المنطق، وهذا ما اعطى دعم لمنتقديه هجومًا حادًا عليه، وشبهوا مزاعمته بحملات مطاردة الساحرات خلال العصورالكنسية الوسطى، وكشفوا أنه قد استخدم سلطاته وصلاحياته لقمع الحريات المدنية، واضطهاد المثقفين والفنانين المعتنقين فكر اليسار. وكان من نتائج إشهار ممارساته علناً على التلفاز لطرده عدد كبير من الأشخاص الأبرياء من وظائفهم أدى إلى تراجع شعبيته بين الناس بشكل غير محسوب.

يعيد التاريخ نفسه في ايامنا هذي بأحداث متشابه كثيراُ وخاصة في الحملات ضد المواطنين الامريكان ذوا مختلف الاجناس والاعراق, لم يكن ترامب شخصية معروفة او مهمة يؤخذ في الاعتبار, فالكثير من الاس اعتبروه مهرج درجة اولى بسبب ضعفه في الخطابات والتصريحات وكأنه يتحدث بلغة المراهقين او الغير متمكنين من تصفيط جملة مفيدة, ولكنه اشتهر مثل ما اشتهر جوزيف مكارثي في شن حملة على مجموعة من المواطنين ومن اتباع دين معين ليعلن بمنعهم الدخول الى أمريكا وملاحقة المواطنين الامريكان من اصلول افريقية (السود) وعلى اللاتينية (المكسيكان) لأنهم (حسب ادعائه) قتلة ومجرمين وسراق ومغتصبين وكسلة لا يعملون وفقط معتمدين على المساعدات الحكومية, وترامب مثل مكارثي لم يكتفي بالتأييد والدعم من شريحة في المجتمع الامريكي التي تحمل الحقد والكراهية (Bigotry),فهو ايضاً شن حملته على المثليين والليبراليين واليساريين بحجة انهم سيهدمون الوطن وعلينا نبذهم للحفاظ على "امريكا" من الهلاك.

والانكى من ذلك ان اتباعه يسيرون على خطاه وينشرون في مواقع شبكات التواصل الإجتماعي مواضيع معاداة لليبرالية واليسارية والمثلية, فهم لا يدركون بانهم اصبحوا اداة قمع لحرية الفرد ولا اعلم لماذا كل هذا التهجم على المثليين سوى ارتأوا طبيعة جنسهم باي طريقة كانت, فهم لا يضرون المجتمع من تصرفاتهم وكل ما يطالبون به هو حقهم كمواطنين بدون التميز ضدهم, فلماذا اتباع المعتوه ترامب يحاولون شيطنتهم وسلب حقهم كمواطنين, واللطمة الكبرى ان اتباع الغبي ترامب يحاولون تسقيط اليسار الذي كان في المقدمة لحقوق المرأة والعمال ,والفلاحين والكادحين والطبقة الوسطى والمعدومة, فهم في نضالهم حققواغ العدالة الإجتماعية وحقوق المواطنة والضمان الإجتماعي والتقاعد والعجز عن العمل ومطالبتهم بنظام صحي عام وتعليم مجاني شامل ومساندة النقابات والحفاظ عليها من جشع وطمع الشركات الإحتكارية التي تطمع ال تفقير وتجويع الشعب قدر الأمكان من اجل الزيادة في الارباح, وربما اتباع الحزب الجمهوري المتطرف لا يعلمون بان الجمهوريين نفسهم لا يوافقون على زيادة الاجور حفظاً على اموال الاغنياء.

Mazzin Haddad, 07/07/2020 Michigan / USA


Johnny B. Good

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى