كتّاب

أمجد سيجري | وريقات من كتب التاريخ … يذكر أبي شامة المقدسي وهو المعروف بتخليده لصلاح


وريقات من كتب التاريخ …

يذكر أبي شامة المقدسي وهو المعروف بتخليده لصلاح الدين وتمجيده كونه المؤرخ الرسمي للسلطة حينها فيذكر في كتابه الشهير الروضتين في اخبار الدولتين النورية والصلاحية في الجزء الثاني حكاية صغيرة :

ولما فرغ السلطان " (أي صلاح الدين )" من أمر الخطبة "( أي عندما الغى الخطبة للخليفة العاضد الفاطمي المستضيف له و أمر بالخطبة للخليفة المستضيء العباسي المنتسب عقائديا له ) " أمر بالقبض على القصور وجميع ما فيها من مال وذخائر وفرش وسلاح وغير ذلك فلم يوجد من المال كبير أمر لأن شاور كان قد ضيعه في إعطائه الفرنج في المرات التي قدمنا ذكرها ووجد فيها ذخائر جليلة من ملابس وفرش وخيول وخيام وكتب وجوهر ومن عجيب ما وجد فيه قضيب زمرد طوله شبر وكسر قطعة واحدة وكان سمت حجمه مقدار الإبهام ووجد فيه طبل للقولنج ووجد فيه إبريق عظيم من الحجر المانع ووجد فيه سبع مئة يتيمة من الجوهر فأما قضيب الزمرد فإن السلطان أخذه وأحضر صائغا ليقطعه فأبى الصائغ قطعه فرماه السلطان فانقطع ثلاث قطع وفرقه السلطان على نسائه وأما طبل القولنج فإنه وقع إلى بعض الأكراد فلم يدر ما هو فكسره لأنه ضرب به فحبق وأما الأبريق فأنفذه السلطان إلى بغداد
واحتاط السلطان على أهل العاضد وأولاده في موضع خارج القصر جعله برسمهم على الانفراد وقرر لهم ما يكفيهم وجعل أمرهم إلى قراقوش الخادم وفرق بين النساء والرجال ليكون ذلك أسرع إلى انقراضهم واستعرض من بالقصر من الجواري والعبيد والعدة والعديد والطريف والتليد فأطلق من كان منهم حرا وأعتق من رأى إعتاقه ووهب من أراد هبته وفرق على الأمراء والأصحاب من نفائس القصر وذخائره شيئا كثيرا وحصل هو على اليتيمات وقطع البلخش والياقوت وقضيب الزمرد وأطلق البيع بعد ذلك في كل جديد وعتيق فأقام البيع في القصر مدة عشر سنين
قال ومن جملة ما باعوا خزانة الكتب وكانت من عجائب الدنيا ويقال إنه لم يكن في جميع بلاد الإـ///ــلام دار كتب أعظم من الدار التي بالقاهرة في القصر ومن عجائبها أنه كان بها ألف ومئتان وعشرون نسخة بتاريخ الطبري ويقال إنها كانت تحتوى على ألفي ألف وست مئة ألف كتاب وكان فيها من الخطوط المنسوبة أشياء كثيرة وحصل القاضي الفاضل نخبها وذلك أنه دخل إليها واعتبرها فكل كتاب صلح له قطع جلده ورماه في بركة كانت هناك فلما فرغ الناس من شراء الكتب اشترى تلك الكتب التي ألقاها في البركة على انها مخرومات ثم جمعها بعد ذلك
ومنها حصل ما حصل من الكتب كذا أخبرني جماعة من المصريين منهم الأمير شمس الخلافة موسى بن محمد
واقتسم الناس بعد ذلك دور القصر وأعطى السلطان القصر الشمالي للأمراء فسكنوه وأسكن أباه نجم الدين في اللؤلؤة وهو قصر عظيم على الخليج الذي فيه البستان الكافوري ونقل الملك العادل إلى مكان آخر منه وأخذ باقي الأمراء دور من كان ينتمي إليهم وزاد الأمر حتى صار كل من استحسن دارا أخرج منها صاحبها وسكنها وانقضت تلك الدولة برمتها وذهبت تلك الأيام بجملتها بعد أن كانوا قد احتووا على البلاد واستخدموا العباد مئتين وثمانين سنة كسورا .

مع تحياتي أمجد سيجري .


أمجد سيجري | كاتب وناشط مجتمعي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى