كتّاب

معركة الحجاب والخمار والإسدال والنقاب…


معركة الحجاب والخمار والإسدال والنقاب
بين السطحية والتطرف والتناقض
فى مقالى السابق قلت أن المرأة المصرية لم تعرف الحجاب والخمار والإسدال والنقاب إلا مع الغزوة البدوية الوهابية، وعاشت المرأة المصرية طوال تاريخها تلبس ملابسها المناسبة لطبقتها ومهنتها دون أى إلتزام بقواعد الشيوخ، ولم تعرف البيشة واليشمك والبرقع إلا نساء الطبقة العليا ممن تأثرن بالتقاليد المملوكية والتركية، وأن طرح هدى شعراوى لبرقعها هو موقف سياسى وليس موقف دينى..
فرد علىً بعضهم ردا مؤداه أن الحجاب مقرر كفرض دينى ثابت.. وأن المرأة المصرية طول عمرها محجبة.. بدليل أن قاسم أمين تحدث عنه فى كتابه المثير.. وأن خلع الحجاب كان تقليدا للغرب سرعان ما ندمنا عليه مع الصحوة الإسلامية فى السبعينيات وعدنا إلى ملابسنا الإسلامية
وأنا لا أريد هنا أن أناقش مايتعلق بهذا من نصوص فقهية وقد درست فى الأزهر سنوات طوال وعموما ففى كتاب سعيد العشماوى”الحجاب وحجية الحديث” وكتاب جمال البنا”الحجاب” الكفاية
ولكنى أتسائل:
– أيهما الفرض: الحجاب أم النقاب؟، ولماذا يلعن فريق النقاب فريق الحجاب، ويحدث العكس، وأين نجد ذلك الإسدال المزعوم إلا فى قول الشاعر: أرخى الليل سدوله؟
– وأين كان الحجاب عندما كان عمر يضرب بمقرعته الجارية لو تحجبت حتى ولو كانت مسلمة؟
– وأين كان ذلك الحجاب بينما كان عيسى التمار يتخذ من أكوام التمر ساترا يعانق فيه ويقبل ويحضن من تقبل من النساء؟
أما الحجاب الذى هاجمه قاسم أمين فهو كما حدده فى كتابه:”لانجد نصا فى الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، وإنما هى عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم، فاستحسنوها وأخذوا بها، وبالغوا فيها، وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التى تمكنت فى الناس باسم الدين والدين منها براء” تحرير المرأة (ص39).
أما إذا عدنا إلى مصر: فقد عاش المصريين قرونهم كلها يعيشون حياتهم على مألوف عاداتهم وكما جرت به أعرافهم بما فى ذلك ملابسهم ومهنهم وطرقهم فى الزواج والحب وفنونهم من الموسيقى والغناء والرقص واحتفالاتهم ولم يتوقف ذلك يوما وأرجو أن يكون واضحا أن الفقه المعاصر هو فقه وسائل الإعلام والميديا الموجهة والممولة وليقل لى الأصدقاء: كم مرة شاهدوا الشيوخ حسان ويعقوب والحوينى وشاهدوا الشيخ الشعراوى وهو يدعو للحجاب أو يدعو لكراهية الموسيقى والغناء، وكم مرة شاهدوا سعيد العشماوى أو جمال البنا أو نصر حامد أبوزيد أو فرج فودة؟ ومن هنا فلا نعرف أين نجد قواعد فقهية تحدد للمرأة المصرية التى تزرع وتقلع وتعزق فى الغيط ما ينبغى ان يظهر من ذراعيها وساقيها ونحرها، أو للمرأة التى تبيع السمن والجبن فى السوق، وأين نجد تلك القواعد الفقهية التى تحدد مايظهر وما يختفى من سيقان وأزرع وأعناق عشرات الآلاف من الفتيات التى قامت على أكتافهن عمائر القاهرة والمدن فى حمل الطوب والمونة وهن يعملن مع الرجال كتفا بكتف؟ وماهى القواعد الفقهية التى تبيح للمرأة المصرية أن تخرج صدرها لترضع وليدها ولو كان ذلك فى السوق أو على قارعة الطريق؟، إلا إذا كان ذلك هو التقليد الذى وضعته “ستنا” إيزيس وهى ترضع ابنها حورس على جدران المعابد وفى مئات التماثيل.
وعاش المصريون قرونهم يوقرون شيوخهم المتصوفة وأضرحتهم ويقدمون لهم النذور ويعتقدون فى كراماتهم وخوارقهم ويقيمون لهم الموالد قبل أن تهل علينا رياح السلفية والوهابية
وأظن أنه لا يتصور أحد أن يكون حسن البنا وشيوخ الأزهر وغيرهم من الشيوخ الذين تنشر صورهم مع نسائهم وبناتهم سافرات لا يعلموا حكم الشرع فى وجوب الحجاب أو النقاب وكثيرا ما اعتر على الخطاب الذى يقول فيه عبد الناصر للهضيبى مرشد الإخوان: “انت مش قادر تحجب بنتك اللى فى كلية الطب وعاوزنى أنا انزل أحجب عشرة مليون”
وهل لم يكن الأزهر موجودا عندما كانت النساء تصدح بتلاوة القرآن من الإذاعة المصرية مثلهن مثل الشيخ رفعت والشيخ ندا ومصطفى اسماعيل
أما أولئك الذين يرون أن موجة السفور وكشف الشعر ولبس المودة التى ضربت مصر فى القرن العشرين هى مجرد أثر من آثار الإستعمار الغربى الذى نكبت به بلادنا والحمد لله أعادتنا الصحوة الإسلامية إلى أصولنا المقدسة
ياترى هل هذا نفس رأيهم فيما يتعلق بالأثر الغربى كله ومنه: التعليم الحديث والجامعة ومناهج التفكير والمطبعة والصحف والديمقراطية والدستور والقانون والانتخابات والبرلمان والمواطنة وفنون الطب والدواء والجراحة والمطبعة والسينما والراديو والتليفزيون
يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى