كتّاب

كيف نضع حداً لحروب المستقبل في اليمن؟…


كيف نضع حداً لحروب المستقبل في اليمن؟
مروان الغفوري
ــــــــ

“لقد قمنا بعمل عظيم وكسبنا الحرب، لكن النهاية كانت فاجعة” بهذه الكلمات ينهي بطل فيلم”حرب تشارلي ويلسون”، من إنتاج ٢٠٠٧، مغامرة أميركا في حرب الأفغان ضد السوفيت. ترصد قصة الفيلم كيف اشترك الأميركان والعرب في الحرب، وكيف رفعت أميركا الدعم المالي للمجاهدين من “٥ ملايين” إلى مليار دولار. في الدقائق الأخيرة من قصة الفيلم، بُعيد خروج القوات السوفيتية من الأراضي الأفغانية، يقترب أحد رجال ال”سي آي إيه” من تشارلي ويلسون ماداً إليه بورقة: “المجانين يتدفقون على قندهار”. ينطلق ويلسون للقاء لجنة رفيعة في الكونغرس ويشرح لأعضائها ما الذي ينبغي فعله: “لقد دفعنا كثيراً، بقي فقط أن ندفع مليون دولاراً لبناء المدارس، ٧٠٪ من الأفغان تحت سن الـ ١٤ ولا بد أنكم تعرفون ما معنى ذلك”. يحصل ويلسون على سخرية بالغة ورفضاً على طريقة “من يأبه للمدارس في أفغانستان، ومن يهمه ما إذا كان الأطفال هناك يذهبون إلى المدرسة أم لا”. بينما يستمر تدفق المجانين إلى قندهار.

بعد ١٢ عاماً يصل أولئك المجانين المتدفقون إلى نيويورك ومبنى البنتاغون، ثم يتجهون جنوباً وشمالاً وشرقاً. يذهب “أولريش شيفر”، الاقتصادي الألماني، في عمله “انهيار الرأسمالية” إلى القول إن ما حدث في ١١ سبتمبر كان سبباً مؤكداً في انهيار أسواق المال في العام ٢٠٠٨، كنتيجة لسلسلة من الأخطاء الجسيمة التي قام بها “الاحتياطي الفيدرالي” رداً على ضربة نيويورك. ولا يزال “مجانين قندهار” يلهمون ظواهر العنف في أماكن كثيرة في العالم، وتدفع الحضارة البشرية، من أمنها واقتصادها، أثماناً باهضة. ربما لم يكن الأمر يتعلق بالضبط بمليون دولار كما يحب المخرج “مايك نيكولاس” أن يختم عمله الدرامي الكبير. غير أنه كان يتعلق، بالفعل، بالمدارس في أفغانستان في زمن ما بعد الحرب.

في “الاختيار” ينحاز بريجنسكي، مستشار سابق للأمن القومي الأميركي، إلى الفكرة التي تقول إن الأذكياء الذين يفكرون بكسب الحرب كلياً هم أولئك الذين يسيطرون على أسباب نشوئها لا على ميدان المعركة وحسب. ثمة أمثلة كثيرة عن منتصرين كسبوا المعارك وخسروا الحروب. حالياً، كسب التحالف العربي الحرب في عدن، وصار على حافة خسارة المعركة. في كل المناطق التي شهدت مواجهات بين المقاومة الشعبية، مسنودة بالجيش، ضد الميليشيات الحوثية استخدم الأخيرون المدارس كمتاريس ومخازن للذخيرة. أما مقاتلات التحالف فراحت تقصف مئات المدارس. في مناطق عديدة، في تعز مثالاً، قام الحوثيون بتفخيخ المدارس وتفجيرها. منتصف القرن الماضي أرسل معلمون من تعز رسالة إلى الإمام أحمد، حاكم اليمن، يطلبون منه ترميم مدرسة الأشرفية، المدرسة الأقدم، فأمر ببناء مدبغة جلود إلى جوارها. لكن فيلم “حرب اليمن”، من إنتاج ١٩٦٦، راح يصور على نحو فانتازي دال كيف اتخذ إمام اليمن قراراً باعتبار المتعلمين خطراً قومياً لا بد أن ينالوا عقاباً جسيماً يناسب الجرم.

الرؤية الإمامية، الحوثية راهناً، ترى المدارس مشكلة جسيمة. لكن المجانين لا يتدفقون سوى إلى المدن التي ليس بها مدارس، كما حدث في قندهار. قدم الحوثيون من صعدة، البلدة ذات العدد الأقل من المدارس، محافظة يتجاوز سكانها النصف مليون نسمة وليس فيها جامعة. بنى الحوثيون في صعدة ثلاثين سجناً كبيراً، طبقاً لملعومات “منظمة مواطنة”، ولا مدرسة واحدة. زمن ما بعد الحرب في اليمن سيكون صعباً من جهتين: الاحتياج الماس والملح للمدراس، ولموازنة ضخمة للتعليم الأساسي، ودول جوار أنهكتها الحرب وضرب انخفاض أسعار النفط اقتصادها على نحو قاسي. لو أن الكثير من المال أنفق، خلال النصف قرن الأخير، على المدارس في اليمن لكانت قد صارت سياجاً للجزيرة.

عاد توماس فريدمان، ٢٠٠٩، من زيارة صنعاء وأخبر كيف أنه نصح صالح ببناء المدارس بدلاً عن الصواريخ. لكن ياسر العواضي، أحد مستشاري صالح، فكان رده “لدينا أكثر من ٣٠ ألف صاروخ توشكا تحسباً لحرب مع السعودية”. يعنى نظام الحوثي بتفجير المدارس، أو منع بنائها، بينما يتجه صالح إلى إبدالها بالصواريخ. وفي الحرب أغارت مقاتلات التحالف على المدارس. اليمن يخرج، على نحو متسارع، من زمن المدارس إلى زمن جديد. وليس لغزاً أن نلاحظ أن ثمةَ علاقة رياضية بين الظواهر الإرهابية والمدارس، فالأولى تزدهر في الفراغ الذي تتركه الثانية.

٨٠٪ من الشعب اليمني تحت سن ال ١٨ عاماً، بحسب اليونسيف، وهؤلاء إما أن يذهبوا إلى المدارس أو أن يتدفقوا إلى أماكن أخرى.

ــــــ

المقالة نشرت في صحيفة الوطن القطرية

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫34 تعليقات

  1. نعم التعليم وليس التعليب الديني ، التعليم الذي فيه الموسيقا والرياضه والعلوم وليس رجال حول الرسول وشرح الاربعين النوويه

  2. يحل ل”المؤمنين” ان يتزوجوا من اليهوديات والنصرانيات ومسلمات اليمنيين وليس العكس…….فالولاية للرجل ولا يجوز للمؤمنة ان يتولاها كتابي او مؤمن يمني.

  3. نسبة ميزانية الدفاع في اليمن من عام 1988 الى عام 2013 أكبر من نسبة ميزانية الدفاع في فرنسا ومصر وامريكا ..
    ويتسال البعض لماذا اليمن فقيرة ويبحث عن مبررات وبينما الطرف الاخر المعارض حاصر نفسه والناس من خلفه في تطبيق الشريعة وعفاش شغال في بناء جيش لحمايتة وتأمين ابنه من بعده ..
    والنتيجة هيا ما يحصل في اليمن الان

  4. “المدارس بدل المتارس” هذه الحقيقة التي سيصل إليها الجميع وسيتفقوا عليها في نهاية المطاف رغم النتيجة الفادحة لهذه الحرب القذره.

  5. انتم نتاج التعليم في المدارس والجامعات التي شيدت في عهد صالح وللاسف الشديد اسواء نتاج فلقد انقلبتم علي بلدكم واهلكم …

    الا اذا كنتم درستم في مدارس خاصة انشاها لكم ابائكم …

  6. اليمن التي كانت منارة للعلم في الجزيرة كلها حين كان أقصى ما يقدمه البدوي في الجزيرة قصيدة تصف فخذي الناقة كأنهما باب منيف ممرد أو ذئب أطلس اللون بائس أو خيل له أطيلا ظبي وساق نعامة و ارخاء سرحان وتقريب تتفلي. كان اليمنيون يستخدمون أفضل التقنيات لبناء السدود و المدرجات و الصهاريج و المعابد و القصور و يبنون بلدا تجاريا يربط الشرق و الغرب، حتى جاء أسلاف الحوثيين في مسوح الرهبان فأحالوا نهار اليمنيين ليلا و حضارتهم حروبا و صراعات فلم نقدم للعالم إلا قلة من العلماء الذين تمردوا على الحوثي كالشوكاني و ابن الأمير و المقبلي و نشوان وغيرهم ممن كرسوا جهدهم لمقارعة أئمة الجهل و الدجل. و عندما كانت تقوم دويلة هنا أو هناك في زبيد أو تعز أو إب تستعيد الوجه الحضاري كانت جحافل الدهماء تحيل ما بنوا جذاذا.
    إن أول وثبة للنهوض هي بالتخلص من أعداء المدارس بكف أيديهم عن الناس وحياتهم واختياراتهم و بوضع ميزانية للتعليم تساوي ميزانية الدفاع على أقل تقدير بدلا عن ال 2% حق عفاش.

  7. أي بلد يحاول أن يحكم نفسه من خلال مقدسات دينية سيجد نفسه في انحطاط مريع، حيث يتم قمع و هدر مواهب نسائه بمختلف الحجج الواهية و سجنها تحت أسر كتلة من (اللباس الأسود) بمبرر أن وجهها عورة و صوتها عورة أيضاً!، و يتم تخدير أذهان أطفاله بأسلوب التعليم القائم على الحفظ عن غيب في مدارس – تعتمد على فصل الذكور عن الإناث- و يتم حشو مناهجها، مبكراً جداً، بكل ما هو ديني على حساب كل ما عداه؛ فضلاً عن تهميش و محاربة الكفاءات العلمية والثقافية والفنية والرياضية. http://al-mlab.com/Article/361812

  8. المشكلة أن “لو أن الكثير من المال أنفق، خلال النصف قرن الأخير، على المدارس في اليمن لكانت …. ثروة عفاش أصبحت 80 مليار بدلا من 60… وبقي المجانين يتدفقون إلى المدن…
    لم تُنكب اليمن بمثل عفاش.. كان هو، ومازال، الجوائح كلها

  9. لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة تجمد اموال وأصول تابعة لشبكة مالية من تأسيس المخلوع علي صالح وعائلته وحاشيته تتضمن رجال اعمال وشركات وافراد في جنوب امريكا، اوروبا، جنوب غرب آسيا، الكاريبي، والشرق الاوسط.

    الشركات والشبكات المالية التي طالها الرصد والملاحقة والتجميد:
    الثقة الاتفاق
    شركة الثقة عالم جديد
    خدمة NWT محدودة
    ألبولا محدودة
    ايسين محدودة
    إدارة فوكسفورد المحدودة.
    NWT المديرين المحدودة
    NWT فوكسفورد الأدارة SA.
    وCT الأدارة.

    المصدر: توكل كرمان

  10. كلام من ذهب ورب الكعبه هم المدرسه اشغل بال كل انسان يريد اولاده ان يتعلموا تعليم صحيح ومدني بعيد عن التطرف والتعصب المدارس بوابة اليمن اللمستقبل

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى