كتّاب

فى ذكرى وفاتها، الملكة نازلى:…


فى ذكرى وفاتها، الملكة نازلى:
التى ظلمها الناس والتقاليد والتاريخ (1 من 2)
ولدت سنة 1894، أمها توفيقة هانم بنت شريف باشا رئيس الوزراء وأبو الدستور المصرى وجدتها لأمها بنت سليمان باشا الفرنساوى مؤسس الجيش المصرى الحديث، وأبوها عبد الرحيم صبرى مدير الغربية، كان من الطبيعى أن تجمع الصداقة الوطيدة بين توفيقة شريف رئيس الوزراء وبين صفيه مصطفى فهمى ابنة وزير الاشغال فى وزارته الثانية 1879، حتى تزوجت صفية سنة 1895 من النائب الواعد سعد زغلول، فكان من الطبيعى أن تتربى نازلى بين بيت أبيها وبيت سعد زغلول، وازداد التصاقها بصفية زغلول وسعد باشا وخاصة وانهما لم يرزقا بالولد فاعتبروها ابنتهم، وفى بيت سعد زغلول عرفت معنى الوطنية والإصلاح، والتقت بالتأكيد كبار الساسة والمفكرين، كما عرفت كثير من مبازل ومخازى الأمير أحمد فؤاد الذى تزوج شيوه كار هانم إبنة عمه والتى كان يحبسها ويبيع أراضيها ليقامر بأموالها، ويضربها ضربا مبرحا حتى أطلق عليه أخيها سيف الدين الرصاص محاولا قتله، ولكنه نجا بأعجوبة، ليصبح سلطانا على مصر بعد وفاة أخيه حسين كامل 1917 ويقال أنه قد ربطت نازلى علاقة حب بقريب لها، ولكن فى مطلع سنة 1919، وفى دار الأوبرا الخديوية وفى جمع ضم أسرتها وأسرة سعد زغلول وبعض الساسة التقى السلطان فؤاد تلك الفتاة الشابة نازلى ذات الخمسة وعشرين ربيعا بينما قد تجاوز هو عامه الخمسين فهو أكبر منها بست وعشرين سنة، فبهرته بحيويتها وثقتها الشديدة بنفسها، ورأها أنسب من يلد له وليا للعهد بعد سنتين من توليه العرش بلا زواج، وهى على الأقل ليست من الأسرة العلوية فلن تطاوله أو تعامله بندية كابنة عمة التى عاملته كمجرد موظف مفلس، وهى أيضا من عامة الشعب الذين يستطيع السلطان بكلمة منه أن يخفض أقدارهم أو يرفعها، وعلى الرغم من أن نازلى لم تتحمس للزواج من السلطان إلا أنه لم يكن هناك من يرفض للسلطان رغبة من ناحية، ولم يكن من السهل عليها أن تقاوم إغراء أن تكون سلطانة البلاد مرة واحدة، فوافقت نازلى وفى خلال أسابيع فى مثل هذا الشهر (مايو1919) عقد قرآن فؤاد ونازلى، وتمت مراسيم الزفاف وفى غضون شهور قليلة (فبراير 1920) ولدت نازلى ولى العهد فاروق- وقد تعرضت زيجة فؤاد من نازلى لهجوم حاد من الحركة الوطنية وهجا بيرم التونسى فؤاد وشبب بعرض الملكة نازلى واتهمها فى عفتها ورآها قد حملت بفاروق حملا غير شرعيا، وعلى الرغم من محبتى الهائلة لبيرم الساحر إلا إننى لم أقره على هذا الهجاء، فلا يمكن أن يكون الخوض فى الأعراض من قضايا السياسة- المهم أن نازلى قد وجدت نفسها حبيسة جدران القصر المنيف، يحدد لها السلطان خطواتها داخل القصر ويوكل بحراستها وتنفيذ ما يحدده للخدم والوصيفات والويل كل الويل لمن يلبى لنازلى رغبة لم تكن من تعليمات السلطان، كان فؤاد يمشى فى القصر حاملا كرباج ولا يتورع فى أن يصفع ويضرب بالكرباج من يراه متجاوزا ما يأمر به بما فيهم نازلى نفسها، حتى وقت لقائها بوليدها فاروق حدده فؤاد بالدقيقة وهو يرى فى تقبيله واحتضانه من أمه تدليلا لا يناسب ملك المستقبل وجاء له بالمرضعات والمربيات الايطاليات، وكان ممنوعا على الملكة أن تتصل أو تلتقى بأحد حتى افراد أسرتها إلا فى المناسبات التى يحددها الملك، ويندر أن نجد فى أرشيف الصور صورا تجمع فؤاد ونازلى كأى أزواج فى مناسبات خاصة او لقاءات حميمة وأليفة هنا أو هناك، وبات من الواضح أن فؤاد لم ير فيها إلا مجرد وعاء مناسب للحمل والولادة، وعلى الجانب الآخر كانت بعض الوصيفات ممن أحببن نازلى ينقلن لها أخبار عشيقات الملك الإيطاليات اللاتى يجئن فى وظائف وهمية ويقمن بالقصر شهورا ويرحلن بعد أن يغدق عليهن الملك ويحل غيرهن محلهن – وكان فؤاد يجيد الإيطالية- ولم يكن من الممكن فى هذا الجحيم أن تطلب نازلى الطلاق فمن هى حتى تطلب الطلاق من ملك مصر والسودان وصاحب النوبة وكردفان ودارفور من ناحية، ومن ناحية ثانية فهى لن تستطيع أن تعصف بمستقبل أسرة ملكية ساهمت فيها بإنجاب خمسة من الأولاد صبى وأربع بنات (فاروق وفوزية وفايزة وفايقة وفتحية) فى خلال عشرة سنوات من الزواج،
غير أن فؤاد كان كريما فى السماح لها بزيارة أمها الثانية الجليلة صفية زغلول فى بيت سعد زغلول، وهكذا عاشت نازلى حياتها الملكية وهى تضع قدم فى القصر الملكى معقل الرجعية والمحافظة والاستبداد، والأخرى فى بيت الأمة معقل الوفد والحركة الوطنية فى مصر.
وإلى اللقاء غدا

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى