كتّاب

الحرب والكتمان….


الحرب والكتمان.
ــــــ

لاحظنا أن لاتفاق السويد تأويلين: التأويل الحوثي، والتأويل الحكومي. قدم كل من العليمي، عبر تويتر، وعبد السلام، من خلال المسيرة، معنيين بالغي التناقض للاتفاق. وإذا كانت قوى دولية قد أجبرت الطرفين على التوقيع فإن قوى كونية فائقة البطش ستتطلبها عملية توحيد المعنى. يرى عبد السلام أن الاتفاق سيؤدي إلى اندحار المرتزقة والعدوان [أي قوات الحكومة والتحالف] من الحديدة، على أن تتسلم أجهزة حكومته المهام في المدينة.. ويرى العليمي، مدير مكتب هادي، أن الاتفاق سيؤدي إلى خروج الحوثيين من الحديدة وانتشار قوى أمنية حكومية في المدينة. في الحقيقة صار المسرح في الحديدة، مسرح السلام، أكثر تعقيداً من سيرة الحرب.

على أن اتفاقاً آخر حدث بين الطرفين، الحكومة والإرهابيين الحوثيين، وكان أكثر مصداقية وأقل تعقيداً. فقد اتفق الطرفان، مؤخراً، على الحرب والكتمان..
حشدت الحكومة، مدعومة بالجهود الملكية السعودية، ثلاث مناطق عسكرية إلى نهم. الوجهة، هذه المرة، هي أرحب. استعد الحوثيون لتلك المعركة، واتفق الطرفان على تنحية الآلة الإعلامية جانباً كي لا يستفزوا المجتمع الدولي. اشتعلت الحرب بضراوة، وقد أخبرني مصدر إعلامي من الجبهة، قال إن القوات الحكومية خسرت قبل يومين سبع مدرعات في عملية انتهت بالسيطرة على قرية صغيرة اسمها “بني بارق”.

في صعدة تعيش الحرب في أوج زينتها، ولا يرشح عنها سوى نشارات بسيطة.. كذلك الحال في البيضاء، حيث زجت الحكومة بمتتالية من الألوية العسكرية وقابلها الإرهابيون الحوثيون بالمثل .. ما من خبر عن حروب البيضاء سوى بعض الطراطيش الخفيفة. فقد اتفق الطرفان على الحرب والكتمان..

الحوثيون جماعة إرهابية، ولكنها تمارس الإرهاب الموجّه والمدروس، لا الإرهاب العشوائي. فهي “تستخدم السلاح لتحقيق أهداف دينية وسياسية وإثنية”، كما هو التعريف الأكثر بساطة وشمولية للظاهرة الإرهابية. ينصرف الإرهاب الحوثي إلى الداخل، إلى الفضاء الذي تنشط فيه النظرية تاريخياً. فهم ليسو أمميين، على طريقة القاعدة، وعليه فهم ليسو خطراً دولياً. كان الحوثي يصف السياسة، وهو لا يزال في عمران، بالطغيان، ولا يشير إلى المجال السياسي السائد في صنعاء سوى بهذه الصفة: الاستبداد. وبعد أن صار هو في صنعاء قسم الشعب إلى: مجاهدين ومرتزقة. وهكذا صار المجاهدون قتلى والمرتزقة لاجئين. غير أن يده بقيت ممدودة للسلام مع كل العالم، وبالطبع: عدا مزرعته التاريخية التي رضي بأن تحتفظ باسمها “اليمن”..

ستفشل كل محاولات السلام مع الحوثيين كما فشلت كل الحروب. فالمسألة الحوثية تنتمي إلى حزام المسائل التاريخية التي يكون تلاشيها الكامل هو قدرها الوحيد. فهي، بسبب تناقضاتها المستعصية، غير قابلة للحياة الطويلة، وبسبب طبيعتها الانتحارية لا يمكن دمجها في السياسة. إنها تتجه، بكل الأحوال، إلى التلاشي الكامل، وتلك مسألة تتعلق بالزمن ومكره.

لعبت الجماعة بورقة واحدة ثم صار لديها مئات الأوراق. ومهما كلفتها المقامرات فهي تقول لنفسها: كان لديّ بالأمس ورقة واحدة، وفي كل الأحوال فلا أزال رابحة. ثمة بطر في القوة، إنها محدثة النعمة، نعمة البطش والجبروت، وقد تشربت قيادتها من هرمونات السكرة ما يكفي لإصابتها بالإدمان. لو لم يتدخل كل العالم لاقتلاع داعش لكان العالم يواجه الآن واحدة من أكثر المعضلات في التاريخ .. تماماً كما يجري في اليمن: المعضلة الأكثر تعقيداً في تاريخ اليمنيين.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫20 تعليقات

  1. في مسرحية “شاهد ما شافش حاجة” قال عادل إمام لعمر الحريري :
    إن المقتولة ألحت عليه يتعشى عندها بس هو رفض ..
    عمر الحريري قال “يعني أصرت” عادل إمام رد وقال :
    “لا …….ألحت” ..
    الحريري قال “أيوه يعني أصرت” ..
    عادل إمام قال :
    “لا …..هي ألحت” ..

    المهم هذا يقول ألحت وذاك يقول أصرت مع أن الكلمتين نفس بعض 🤣هههههههههههه ..
    ختمها عادل إمام بقولته المشهورة “ألحت تلح إصراراً” ..

    المشهد هذا بيذكرني بموضوع تسليم ميناء الحديدة للأمم المتحدة ..
    نقول لهم هو تسليم يقولوا :
    لا …. هو إشراف ..
    وعليها ..
    أشرف .. يشرفُ .. تسليماً 😂😂😂

  2. عرف اينشتاين الجنون بأنه : ان تفعل ما اعتدت ان تفعله كل يوم وتتوقع نتائج مختلفه ، و للأسف هذا هو حال السياسيين في اليمن في تعاملهم مع الحركة الحوثية منذ انطلاقتها ، ينبطحون امامها في كل مره بشكل مخزي و يتوقعون مع كل انبطاحه جديده نتائج مختلفه ،
    إنه الجنون في اغبى صوره .

  3. الحوثيين اصبحوا ورقة هامة للدولة العظمى لحلب ماامكن حلبه من لبن البقرة الحلوب في شبه الجزيرة
    ولن ينتهوا من الساحة حتى يتلاشى ضرع تلك البقرة ويضمحل ثم تساق لمسلخ الثورة او مسلخ الربيع العربي للذبح .
    لهذاتزداد اوراقهم كل يوم عن ذي قبله بعد ان كانت ورقة
    الدنيا ارزااااق ياخُبره
    ولازالت امامنا سنين حافلة بالاحتراب عاد اللبن ملااااان
    ومُطعفر في كل بقعة

  4. هذه هي الخلاصة ببساطة شديدة ..

    فهي تقول لنفسها: كان لديّ بالأمس ورقة واحدة، وفي كل الأحوال فلا أزال رابحة. ثمة بطر في القوة، إنها محدثة النعمة، نعمة البطش والجبروت، وقد تشربت قيادتها من هرمونات السكرة ما يكفي لإصابتها بالإدمان.

  5. وتستمر محطات الوجع الوطني حيث يتخلصون من الأبطال والشجعان والشرفاء ويبقى الانذال والجبناء والخونة على الواجهة…تصفية القضية وتفريغها من مضمونها الوطني… قصة قديمة جديدة والمخرج التأريخي واحد والأدوات نفسها مع إختلاف البشر والأجيال .ولله عاقبة الامور

  6. من يواجه تحالف المنشار وأولاد المافيا وزعماء منظمات الاغتيالات والسجون السرية، ليس ارهابي اطلاقا، اطلاقا، بالأصح هو من يحارب الارهاب ويقارعه….وجه لوجه. )

  7. كلما يجري من احداث في اليمن تثبت للجميع أن التحالف لا يريد الحسم والخلاص من الحوثيين لكن الجميع لا يعرفوا ماهيا الاسباب التي تجعل الامارات والسعوديه يحتفظون بهؤلائي المسوخ الخبيثه التي ستكون شوكه في خاصرتهم

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى