كتّاب

مر عام على رحيل العميد محمد الحجوري، عام كامل تغيرت فيه…


مر عام على رحيل العميد محمد الحجوري، عام كامل تغيرت فيه خارطة الحرب، وغاب فيه كثير من الأبطال، ونسينا فيه أشياء كثيرة وكبيرة..
وحده صوت محمد الحجوري في لحظاته الأخيرة لم يغب، لا يزال يتدفق في مسامعي، يحشرج ويخنقني، يضغط على قلبي.

منذ عام وأنا أشعر بندبة في قلب اليمن، فالعميد واحد من القادة الشجعان القلائل الذين تتجسد فيهم بساطة اليمن وتلتمع في أعينهم أحلامنا نحن التائهين فاقدي الحول والحيلة.

لقد رحلت يا محمد بشرفك وأمجادك وبالمعارك التي خضتها ولم تخسرها، رحلت جسورا ومقهورا، وتركت الأرض تنحسر تحت أقدام خاذليك، تركت تجربتك الاستثنائية، تركت محبتك في القلوب، تركت أخاديد في الأعماق القصية، وتركت حلما لم يزهر ونصرا لم يكتمل، وديونك التي لم يفي بها قادة الجيش الذين خذلوك حيا وميتا.

لا شيء يمحوك أيها البطل من ذاكرة الأرض اليمنية ولا من ذكرياتنا، من الجفينة إلى نهم لك توقيعك في كل واقعة موقع.

محبوك ورفاقك وأفرادك يقفون لاسمك ويهتفون لك ويتحسرون عليك ويذكرونك عند كل خسران كما لو أنك واحد من صناع المعجزات، وأنت حقا كذلك.

وكصديق؛ لم تزل رسائلك حية في هاتفي، أتفقدك فيها من حين لآخر، لم أزل محتفظا برقمك لعلك تعود يوما، لا يزال متكاك في زاوية بيتي موحشا، لم تزل صورك تشع في استديو الصور وتكررك على أعمد الإنارة في شوارع مأرب، ورسائلك الصوتية في الموسيقى، واتصالك الأخير في يومك الأخير لم يزل ماطرا كتلك العشية التي بللت مأرب وكأنها تمهد لك الرمل.

صدقني يا صديقي، ذكراك أكثر مرارة علي من يوم رحيلك، تحاشيت في ذكراك حضورها مع الحاضرين، تجنبت الكتابة، أخافتني ذاكرة الفيسبوك وهي تحييك وتنعيك في آن، لكنك رغم كل ذلك تباغتني كٱلتماعات البروق في ليل الموت الطازج.

وأخيرا، دعني أخبرك أن صديقنا عبدالغني الذي كنا نخطط معه لصناعة فجر مفاجيء، قد اعتلى الجبل وطار، لحق بك، وتركتما لنا الندوب والغصص والمراثي.


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى