كتّاب

يوم مات النبى ………………………


يوم مات النبى ……………………

وبالفعل توفى محمد وفى نفسه شئ لم يقدر لنا أن نعلمه، كنا نتمنى أن نعرف هذا الكتاب الذى لن نضل بعده أبدا، ولكن عمر سامحه الله رفض أن يعطينا هذا الشرف.
وفى هذا الجو المفعم بالحزن والنحيب على وفاة حبيب الرحمن، تسللت شاة نجسة إلى بيت عائشة وأسرعت بالتهام بعض آيات القرآن التى كانت فى ورقة تحت السرير، مما أضاع على الأمة الإسلامية كنزا مقدسا بسبب تلك الشاة اللعينة:

تقول عائشة: لقد نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشرا، ولقد كانت فى صحيفة تحت سريرى، فلما مات رسول الله ص وتشاغلنا بأمره، دخل داجن فأكلتها”.!(سنن ابن ماجة، ج1 ص 625 ).!

وفى الوقت الذى كانت الشاة اللعينة تستمتع بأكل بعض آيات القرآن الكريم التى وجدتها تحت سرير أمنا عائشة رض، كان هناك إجتماع تاريخى فى سقيفة بنى ساعدة بين الأنصار وزعيمهم سعد بن عبادة، حيث قرروا ترشيحه خليفة لرسول الله، فهم من يرجع الفضل إليهم فى تأسيس الدولة الإسلامية، وهم أهل البلد وأنصار النبى ورجال الحرب، ويرون أنهم أحق الناس بها، وسمع عمر بأمر الإجتماع فسارع إلى هناك مصطحبا معه أبو بكر ومحمد مايزال فى بيته لم يدفن بعد، وبالطبع معه على وباقى أهله المقربين مشغولين بتلك المصيبة التى حلت عليهم، ولايفكرو فى شئ سوى تكفين الحبيب ووضعه فى قبره ثم ليكن لكل مقام مقال.
وصل الشيخان للسقيفة وجلسا مع سعد بن عبادة والخطيب يعدد مناقب الأنصار وأحقيتهم بالخلافة، إلى أن انتهى فقام أبو بكر ليقول القول الفصل:

لن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا”(السيرة النبوية، بن هشام ج4 ص 213 ).!

يعنى أن العرب لن تقبل زعيما عليها من اليثاربة، وإنما ستقبل زعامة القرشى لأنهم الملأ والأشراف منذ زمن، فتنازل الأنصار قليلا وقالوا: منا أمير ومنكم أمير، ولكن عمر صعد بسرعة على المنبر ومد يده مبايعا أبو بكر وتبعه عبيدة ثم المهاجرين الحاضرين وبعض الأنصار، والغريب أنهم بعد أخذ البيعة ضربوا المرشح للخلافة ، فيقول عمر:

” ثم نزونا ” أى وثبنا ووطأنا على سعد بن عبادة حتى قال قائلهم قتلتم سعدا”.!(الخلافة الإسلامية، محمد سعيد العشماوى، ص 102 ).!

“فى تلك اللحظات الحرجة، وخلال ذلك الصراع الحاد، وتلك الفترة الحرجة، لم يحتج أحد من المهاجرين بحديث “الأئمة من قريش”، وهو الحديث الذى صار بعد ذلك من أسس الإسلام السياسى”(نفسه ص 100 ).!

فى تلك الحظات التى ستغير وجه التاريخ كان على يغسل الرسول فى بيته ويهيئه للدفن باعتباره أقرب الناس إليه وربما إلى قلبه أيضا، وصلى الناس عليه فى حجرته حيث دفنه على فى المكان الذى مات فيه تماما، فرفع الفراش وكفنه فى غرفته التى مات فيها بناءا على وصية سمعها منه قبل موته.!

“أجل …كان محمد مسجى على الفراش، وعلى، والعباس، وقثم والفضل إبناه، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبد الله، واسامة بن زيد، جميعهم حوله، ثم يأتى أبو بكر لينضم إلى هؤلاء الذين جاءوا يلقون نظرة أخيرة على جثمان النبى الكريم، فلايلبث أن يأتى أبو عبيدة، ويدعوه لملاقاة عمر والتشاور معه، ووضع الخطوط الأساسية العريضة لخوض المعركة السياسية الحاسمة”.( د: عارف تامر، الإمامة فى الإسلام، ص 58 ).!

وبعد أن قام على بواجبه ناحية حبيبه محمد على أكمل وجه، فوجئ بمبايعة أبو بكر خليفة للمسلمين، حيث إستغل إنشغال على مع المصطفى ونجح فى أخذ الخلافة بفضل عبقرية عمر ودهاء أبو بكر وإخلاص على للنبى، وعندما قالوا لعلى أنهم بايعوا أبو بكر لأنه قرشى، قال مقولته الشهيرة:

“لقد احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة”.!

أما أبو سفيان الزعيم التاريخى لمكة قبل وبعد الإسلام، وكبير القرشيين فى تلك الفترة فقد أعلنها صراحة برفضه أبو بكر الذى يعد من قبيلة تيم التى هى من أدنى القبائل القرشية فى مكة:

والله إنى لأرى عجاجة لايطفئها إلا دم، ياآل عبد مناف، فيم أبى بكر من أموركم، مابال هذا الأمر فى أقل حى من قريش، أين المستضعفان؟ أين الأذلان؟ “على والعباس، ثم قال لعلى: إبسط يدك حتى أبايعك، والله لأن شئت لأملانها عليه خيلا ورجالا” فأبى على.!

وهكذا بمجرد موت محمد وقبل حتى أن يوارى جسده التراب، بدأت النزاعات بين الصحابة رض وكأنهم طالبى ملك لا صحابة رجل يأتيه وحى السماء، وهو مايضع المسلمين فى مأزق فكرى، إذا كانت هذه التصرفات الدنيوية يقوم بها من رأى المصطفى بعينيه وعاشره، فمابالك بمن لم يراه وبينه وبين الرسول مئات الأعوام، هل هؤلاء القوم هم حملة الإسلام وخير الأنام والإقتداء بهم سنة وأخلاقهم عطرة؟ سنرى.!


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫4 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى