مفكرون

ادفنوا موتاكم !…


ادفنوا موتاكم !

على عينا وراسنا كلّ ألوان الخطاب التدليلي التبجيلي لمؤسسة الأزهر، لكنني أعتقد أنه مع حركة الإصلاح فلا أحد فوق المؤاخذة أو كبير على المساءلة، ومن هنا سأحاول إلقاء نظرة تاريخية على الأزهر للوصول إلى نتيجةٍ نستطيع أن نحكم فيها على أدائه كمؤسسة حكومية وطنية، خاصة في ظل مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان، والتي سنصر طوال الوقت على طلب تفعيلها في واقعنا حتى نصدِّق ما يحدث ونتفاعل معه ونحترمه.

إن الأزهر يقوم في مبادئه على أهدافٍ ثابتة وغايات أسمى، هي تخريج قادة للفكر الديني، هدفهم إنقاذ العالم من الظلمات والأخذ بيده إلى النور؛ أي إلى الإسلام، ويقدِّم للدارسين فيه معارف ومهارات يؤكد أنها الأفضل في العالم كله؛ لأنها موروثة عن الزمن القدسي عندما كانت الأرض على اتصال بالسماء في بلاد أخرى تقع على الجانب الشرقي من البحر الأحمر، وأن الرب قد اختار هذه المنطقة وباركها وحرَّمها وبخاصة مكة والمدينة، فأصبحتا أقدس المواقع على الأرض، وأن الله الذي أوحى لعبده هناك هو الأدرى بما يصلح لمخلوقاته منهم.

وهنا نقول كلامًا تقريريًّا لا بلاغيًّا، إن هذا الفكر عندما يكون الخلفية والأساس الذي يقوم عليه التعليم الأزهري، فهو ما يعني أن هذا اللون من التعليم ظل دون تطوُّر أو تغيُّر أو تبدُّل أو انفتاح، تأسيسًا على مسلَّمة تؤكد أن خير القرون في الزمان كله كان بالحجاز في القرن السابع الميلادي.

وتقوم المسلَّمة على حديث نبوي بهذا المعنى، فيترتب عليها أن أي تغيير يتفاعل مع متغيرات الواقع وتقدم الزمن؛ يعني أن هناك نقصًا في مأثورنا وتراثنا الكامل المقدَّس، وحتى لا يكون هناك أي نقد تم تشريع الحدود التي تقنن قطع الأطراف وجز الأعناق والجلد والسلخ في حال التفكير، مجرد التفكير، بما يتناقض مع تراثنا الخالد أبد الدهر، تفنى الدهور ولا يفنى.

والمعلوم أن التعليم في بلادنا قد انقطع عن تخصصاته القديمة في جامعات الإسكندرية وأسيوط وطيبة، ومدارسه المتخصصة في الفنون والعلوم على اختلافها، فمع الفتح العربي أصبح التعليم في بلادنا كله دينًا، وبعضه دين، وما يُستنتج منه دين؛ وذلك لكفالة طاعة المواطنين لسيادة سلطة تمثِّل جماعة أو هيئة أو طائفة، مهمتها أن تقوم بالتفكير نيابة عن كل المواطنين، لأن الوطن ليس بحاجة لتفكيرٍ أكثر مما هو بحاجة إلى دين وذمة وشرف … إلخ، وتُعتبر هذه السيادة السلطوية نفسها العقل المفكر القادر المبدع المتمكن من إدارة كل الشئون داخليًّا وخارجيًّا؛ وذلك لأن العوام قاصرون عن إدارة شئونهم بالخلقة والفطرة.

ومع هجمة الأسلمة التي أتتنا مع زوبعةِ ما يسمونه «الصحوة الإسلامية» تمكَّن السعودي ابن عبد الوهاب من إعادة فتح مصر، وقام كل أسيادنا من القبور، يشيرون لنا كي نسمع ونطيع، هكذا قال ابن تيمية، وهكذا قال الغزالي، وهكذا قال ابن عبد الوهاب، وهكذا قال ابن قطب، وهكذا قال ابن عاكف، وهكذا قال ابن هويدي. لقد نهض موتى التاريخ ليحكمونا مرة أخرى كسادة لنا يقولون قولًا مقدسًا، بعد أن ظلوا يقولون ما ينوف على ألف وأربعمائة عام، ظلوا أربعة عشر قرنًا يقولون وحدهم ولا ينطق غيرهم، ومعهم لا قول لشعب ولا لمواطن عبر التاريخ الهباب غير قول آمين.
#صحوتنا_لا_بارك_الله_فيها
#سيد_القمني


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫7 تعليقات

  1. سيد القمني من تونس الخضراء نقول لك شكرا لك علي كل معلومة جديدة تنور بها الحقيقة نحن في تونس الزعيم الحبيب بورقيبه اخذ قرارات جميلة ضد الاخوان اي منع تعدد الزوجات و الغاء الزواج العرفي و جعل من الجامع الزيتونة للصلاة و فتح جامعة الأصول الدينية وغلق جامعة الزيتونه نحن الان نطالب بالتساوي بين المراة و الرجل تحيا تونس حره حره و لخونجيه علي بره

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى