مفكرون

“إنهم يشيعون بين البسطاء أنه لا يجوز التخلى عن الدستور…


“إنهم يشيعون بين البسطاء أنه لا يجوز التخلى عن الدستور السماوى والاتجاه للقانون الوضعى، ويجعلون ذلك إنكاراً لمعلوم من الدين بالضرورة، رغم أن كل فقهنا بل كل مدوننا وضعى عدا القرآن وحده. الغريب أن الإخوان المسلمين ظلوا على هذا المبدأ طويلا «الإسلام ديننا والقرآن دستورنا»؛ ثم تخلوا عنه بكل يسر وسهولة – وهم «المسلمون» – اتجاها نحو الديمقراطية الوضعية وقوانينها الوضعية؟ ألا يعنى ذلك أن هناك دسيسة تاريخية فى المسألة تم بموجبها استبدال «القرآن دستور ديننا» بـ«القرآن دستورنا». نعم القرآن دستور ديننا، لكنه لم يقل لنا يوما طريقة الحكم.. وهل بهذا المعنى الذى يسببه إرباك الإخوان وإخوانهم من مدعى الدعوة للناس البسطاء أن يكون القانون الديمقراطى الوضعى هو الإصلاح لقانون ربانى. ألا يعنى ذلك أن الوضعى أصبح الأرقى والقيم على الربانى؟ بينما عندما نعترف أن السماء قد تخلت عمدا عن وضع أى قوانين للسياسة أو الحكم أو الاقتصاد أو غيرها من شئون الحياة، وتأكد ذلك عندما لم يسم النبى خليفة له من بعده لأنه لو حدده ما حدث اجتماع السقيفة فقط لاختيار الحاكم دون اختيار حتى نظام بعينه للحكم. بدليل اختلاف الراشدين الأربعة فى طريقة تولى كل منهم للحكم، عندما نعترف بذلك نحترم أنفسنا وديننا ودنيانا. إن تجنيب القرآن مناطق المصالح والزلل السياسية وتفاصيل إدارة الدولة هو الإخلاص الحقيقى للقرآن للارتقاء به عن مناطق مزالق ملغومة تاريخيا وحاليا، كان الله يعلم أن الدنيا تتطور وأنه ستكون هناك أمريكا وأوروبا، ولم يضع لنا خططا بشأن ذلك ولم يحدثنا عنهما. ولا عن تلك الأحداث لأنه كان مستقبلنا، مستقبل البشرية الذى تركه لها الله لتصنعه حتى تكون مسئولة عنه، كما ترك لنا ذات الشئون بأيدينا وشئوننا تختلف يوما عن يوم وتتعقد يوما بعد يوم، وتظل كلمة ربك الثابتة الواحدة كريمة مصانة بعيدا عن عبث العابثين واستثمار الانتهازيين”.

د. سيد القمني

2007 / 2 /13


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫7 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى