كتّاب

البابا القديس…


البابا القديس
.
10 مايو سنة 1959 تم تنصيب الراهب مينا المتوحد بابا للكنيسة المصرية، وطوال هذا اليوم كان الرجل يبكى خوفا من أن يتم اختياره للكرسى المعظم، فهو رجل لاتشغله الدنيا ولا المناصب كما سيتضح فيما بعد.
بعد اختيار الراهب مينا الذى أصبح يسمى كيرلس السادس ذهب مباشرة إلى المغارة التى عاش فيها وحيدا أربع سنوات وأكمل بكائه هناك، فيحاول أحد الأساقفة التخفيف عنه قائلا: إن الله قد اختارك، ليرد الراهب الصالح بخوف وربما بمرارة: ولكنها مسئولية جسيمة.
قبل هذا التاريخ بعشرين عاما يذهب البابا يؤنس التاسع عشر لزيارة الراهب مينا المتوحد فى الطاحونة المهجورة التى يعيش فيها فى مصر القيدمة، وبينما يصعد البابا العجوز مستندا إلى عصا البابوية بكل ثقله، فجأة تنكسر العصا منه، يقترح الراهب أن يصلحها له، ولكن البابا يصر على إهداء عصا الباباوية للراهب الزاهد فى دلالة يؤمن البعض بكونها سماوية إعجازية.
سيدنا البابا كيرلس من مواليد 1902 ، بدأ حياته بالعمل فى شركة هولندية، ثم فى مكتب شركة توماس كوك للسياحة قبل أن يستقيل فى سن الخامسة والعشرين مفضلا حياة الرهبنة.
بدأ حياة الرهبنة فى مغارة بالقرب من دير البراموس، ويقال أنه لم يكن يذهب للدير سوى للحصول على بعض الماء والدقيق ليصنع لنفسه خبزا فقط، وعاش حياته صائما عابدا ناسكا مترفعا عن الدنيا، نائما على قطعة خيش على الأرض.
ورغم روحانية البابا الزاهد إلا أنه لم ينس أبدا تذكير المسلمين بأن الأقباط هم أصحاب الأرض، ولم ينس أيضا الإشارة للمسيحيين بأن آبائهم رفضوا الظلم والقهر وفضلوا الموت استشهادا فى سبيل المجد، وبشكل عام ظهرت قداسة هذا الرجل فى حياته، فلم يكن يهتم كثيرا بالعالم ويبدو حتى أنه لم يكن يستمع لمن يتكلمون حوله، فهو فى عالم خاص به وحده مفارق للدنيا روحانيا مع عزة نفس متواضعة يحاول توصيلها للشعب المقهور.
بعد انتخابه مباشرة وصلته رسالة من جمال عبد الناصر تعتب عليه أنه لم يقم بزيارة رئيس الجمهورية ليعلن له الولاء، ليرد الراهب الزاهد:
” إن البطريرك يزار ولكنه لا يزور”.
ويرسل له ناصر مندوبا رئاسيا لتهنئته بالمنصب الجديد، فيرد البابا الزيارة بإرسال اثنين من الأساقفة لتسجيل شكرهم للرئيس مندويين عن البابا، فينزعج عبد الناصر من عجرفة البابا المتواضع فيرسل له الوزير القبطى رمزى استينو، ليعلق البابا أن اللله هو من وضعه على كرسى البابوية وليس عبد الناصر، ثم ان ناصر أرسل لى مندوبا واحدا فأرسلت له مندوبين.!!!!
ويطلب البابا من الوزير ألا يتدخل مرة ثانية فى مشكلات الكنيسة فهى مسئولية البابا لا الوزير، ولكن الضغط يستمر عليه حتى يخضع فى النهاية ويسجل اسمه فى سجل تشريفات القصر الرئاسى بعد فتور طويل بينه وبين عبد الناصر، هذا الفتور الذى تحول بعد ذلك إلى صداقة عميقة وتقدير يشبه التقديس من ناصر للبابا الجليل.


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫3 تعليقات

  1. البابا كيرلس رجل صلاة وله كلمات جميلة (كنت أود أن أعيش غريبأ وأموت غريبأ ولكن لتكن أرادة الله)(كن مطمئنن حدأ جداً ولا تفكر في الامر كثيرأ بل دع الامر لمن بيده الامر)والمحبه بين الرجليين فعلاً وصلت الي التقديس

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى