Johnny B. Good | دروس في المنطق: العداء الديني بين الاديان في

دروس في المنطق:

العداء الديني بين الاديان

في البدء، دعوني اتحدث نبذة مختصرة عن الاديان السومرية والبابلية وغيرها من الحضارات التي تواجدت في ارض ما بين الرافدين,وكانت لكل ديانة في تلك البقعة من الارض نظام دديني يحتوي على معتقداتهم خاصة تتميزبها عن بقية الاديان في المنطقة حسب البيئة والنمط الاقتصادي, حيث كانت لكل مدينة دينها الخاص وآلهتها الخاصة, وما ذكرته البحوثات العلمية من قبل الانثروبولجيين بان المدونات المسمارية القديمة تؤكد بأن جميع الديانات في تلكة الفترة في بلاد ما بين النهرين كانت تؤمن بشكل مطلق بتعدد الآلهة, ومن خلال تلك المدونات المسمارية وغيرها يؤكد علماء الاننثروبولوجي بان نشوء الأفكار الدينية ببلاد ما بين النهرين في الألفية الرابعة ق م. تعد بداية نشوء الديانة كما هي معروفة وموثقة، وسبقت الديانة اليهودية بأكثر من عشرين قرنا.

وشهدت تلك الديانات القديمة تغيرات كبيرة معتمدة على وعي وفكر الإنسان في الادراك والانستنتاج عن الطبيعة, وهذا التغير في الأفكار الدينية بدات تحدث بعد أن جاء الأكديون في الحكم وفرض سرجون الاكدي واحدث تغيرات سياسية واجتماعية وثقافية في الحضارة, ونقصد بالسياسية والاجتماعية هو ظهور نوات الدولة القومية الموحدة وظهور طبقات المجتمع مما أهل لظهور حاكم ونبلاء موكلين من قبل هوة الالهة وبقية المجتمع اصبح من الطبقة الادنى التي تخضع للطبقة السائدة بإرادة ربانية, وعلى غرار هؤلاء الملوك، أخذت الآلهة هي الأخرى تعتبر شخصيات متسامية لا يمكن بلوغها، بل ان الناس أصبحوا يعتبرون انفسهم وضعاء وفقراء أمام هؤلاء وأصبحت خدمتهم هي شغلهم الشاغل, وبالرغم من التغيرات بقيت الاديان متعددة ومتسامحة مع بعضها بالرغم انها كانت خاضعة للطبقة السائدة ولكن بطرق مختلفة حسب الرؤية الدينية للسيادة الحاكمة لكل دين.

والإله أنليل الاكدي حكم بأسمه الملوك لتشريع قوانين مثل قانون أورنمو ومسلة حمورابي, وشرع الكهنة التابعين للقوة الحاكمة انذاك شرائع دينية تحتوي معظمها على نصوص تخضع الناس لسلطة الحاكم, والقصص التي هي بالاصل اساطير مثل ملحمة الخلق التي ظهرت فيها نزعات نحو الأحادية في العبادية المختلفة عن عقيدة التوحيد المطلق.ولكن تلك النزعات لم تكن عدائية بين عامة الناس لان جميع الاديان لها تمثيل في الطبقة الحاكمة وكل فرد في تلك الطبقة يحاول ان يفرض الإله الذي يعبده لكي يستفاد اكثر مادياً واقتصاديا, حتى اصبح الإله مردوخ كبير الالهة المسيطر الذي استطاع ان يلم اكبر عدد من الناس بفضل تلك المجموعة في الحكم والتي خاضت صراع غير عنفي مع بقية القوى الاخرى في فرض الإلهها في الحكم.

وفكرة التوحيد اكتسبت إله واحد بعد سيطرة الإله مردوخ على جميع الآلهة اصبحت اكثر شيوعا بين الناس الى ان ظهر دين جديد على الساحة في تلك الفترة سارقا بعض الاساطير من جميع الالهة ونسبها بإسطورة واحدة شاملة الإله انكي السومري والذي تغير الى إله إنا في الاسطورة الاكادية و إيا في الاسطورة البابلية, وهو الذي قرر ان يصنع الإنسان من طين وصلصال بعد ان طلبت منه ذلك امه الإله نمو حين اشتكى لها الالهة كي و إنليل بتعبهم في خلق الارض والشمس والقمر وكل ما موجود على الارض من اشجار وصخور.

وهذا الدين الجديد الذي ذكرناه في الاعلى هو الذي سرق تلك الاساطير ليتكب له اسطورة جديدة مضافة الى الاساطير حضارات ما بين النهرين (الرافدين), وبما ان اليهودية كانت الديانة الاولى التي نسبت لها مفاهيم الخلق والتكوين والخلود وغيرها من الاساطير الاولى, فلم تكن لها اعداء ولا فرض دينها على اي فرقة اخرى لانها كانت تتبع المفاهيم السابقة التي نشأت عليها الاديان السومرية والاكادية والبابلية في التسامح والتعايش مع الاديان الاخرى. واليهود ايضا تبنوا فكرة الطبقة المفضلة عند الله كما كانت في فترة الاكاديين ولم يهتمون كثيراً في التبشير لانهم كانوا (ولا يزالون الى يومنا هذا) يؤمنون بانهم شعب الله.

ولكن الامر يختلف مع المسيحية التي جائت من رحم اليهودية تؤمن إيماناً كامل بما جاء في الكتب اليهودية ومكملة للناموس (التوراة) في النبوة , وحاربت اليهودية وتقريبا ابادتهم من اجل ان تجعلهم يؤمنون بالنبوة الجديدة في ظهور المسيح حتى يبرروا إيمانهم. وبدأت حملات قمع اليهود وإضطاهدهم منذ ان استولي الإمبراطور قسطنطين على زمام الأمور في روما، وبدأت الكنيسة المسيحية بمحاولة إدخال اليهود إلى المسيحية وإهانتهم بطريقة عدوانية وقمعهم وقتلهم, الى ان انتهت في القرون الوسطى حين عزلت الكنيسة عن السلطة في الثورات العلمانية .

وبعد ستة قرون ونيف من ظهور المسيحي وتثبيت نفسها في الحكم بجميع ما كانت مستعمرات روما, ظهر على مسرح التاريخ جماعة "الله أكبر" قادمين من جزيرة الرمال المجاورة ورافعين راية " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسولة" ليفرضون دينهم على الاخرين من اليهود والمسيحيين (النصارى) والوثنيين في الجزيرة ليدعون بان دينهم جاء ليصحح الاديان الإبراهيمية التي حرفت تحت راية نبيهم الذي هو ايضا جاء في الرسالة من الوحي الذي ارسله الله. ومثل المسيحية التي كانت مسالمة قبل تبني الإمبراطور قسنطنطين المسيحية وبعدها اصبحت عنيفة على جميع من لا يؤمن بها, تغيرت اساليب جماعة "الله أكبر" من رسالة الوحي السلمية (لكم دينكم ولي ديني, ومن شاء فليكفر ومن شاء فليؤومن) الى رسالة عنيفة مثل {وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا}, وباشروا بالنهب التي تعتبر غنائم وقتل الكفار من الرجال وسبي النساء حسب ما جاء من الوحي المرسل من الله " {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.

التسامح بين الاديان السابقة في السومرية والبابلية وغيرها مثل ما يثبت التاريخ لنا بان الهندوسية والزرادشتية تعايشوا بـ///ــلام, والبوذي والهندوسية ايضا تعايشوا بـ///ــلام, والاديان الإبراهيمية مثل المسيحية والإـ///ــلامية فرضت نفسها على الاخرين بقوة السيف من اجل ان يبرروا صحة دينهم.

Mazzin Haddad, 09/16/2020 Michigan / USA


Johnny B. Good

Exit mobile version