نشوان معجب | العنصرية والتناقض في الكتب المقدسة الإبراهيمية (التوراة والإنجيل والقرآن): في


العنصرية والتناقض في الكتب المقدسة الإبراهيمية (التوراة والإنجيل والقرآن):

في البدء دعوني أسجل معتقدي الثابت الذي أنطلق منه أنا في بحثي كي لا يزايد عليَّ أحدٌ من الكهنة وأتباعهم المشركين بالله، وهو كما يلي:

(أنا أؤمن إيماناً قطعياً أننا موجودون نحن وهذا الوجود العظيم المُحكم مِن حولنا، وأنَّ لهذا الوجود خالقاً عظيماً حكيماً خبيرا عليما قديرا رحيما مُطلقا، وأنه قد خلقنا واستخلفنا في هذه الأرض وأخفى عنا الحقيقة والغاية التي من أجلها استخلفنا، وهو يريد منا أن نتحرر ونتطهر ونجتهد ونبحث عنها وعنه بما وهبنا من القُدرات والمَلكات لنرتقي، وسوف لن يضيعنا، لأنَّ مَن خلق الذرة وتكفّل برعايتها بتدبير محكم كيلا تنهار مكوناتها المتناهية في الصغر فينهار الكون، فلا شك بأنه يرعى الإنسان ويتكفَّل بتعليمه وتفهيمه إذا شمَّر الإنسان لتلك الغاية همَّتَه وعَزمَه بكل صدقٍ وإخلاصٍ وتجرُّد، والأنبياء عندي هم من أعظم الحكماء الذين أنجبتهم البشرية، وهم أكثر من ساهم في تحرير الإنسان وتوعيته والارتقاء به، ولكن أتباعهم هم الذين غيروا وصاياهم وتعاليمهم من بعدهم، فجعلوا منها أديانا كهنوتيةً بعيدةً كل البعد عن دين النبيين الإنساني المتجدد غير المحدود).

وموضوع النقاش في هذا المقال هو:
هل يمكن أن يكون اللهُ الخالقُ عنصرياً، أو مزاجياً متقلِّباً متخبطاً متناقضا كذلك الإله الذي تُنسَب الكتب المقدسة إليه؟!.

لا شك أن جواب كل إنسانٍ مؤمنٍ عاقلٍ على السؤال السابق هو (لا). ولكنَّ الأمر يختلف عند أتباع الديانات الإبراهيمية بصورتها الموجودة بين أيدينا اليوم في كتبها المقدسة (التوراة والإنجيل والقرآن) ذات الحجة والمرجعية الأعلى بغير خلافٍ عند كلٍّ مِن أتباع تلك الديانات جميعا.

فعند النظر العميق المُتجرِّد للتحقيق في تلك الكتب وفي غيرها من الأدلة العلمية، فإننا سنجد أن الإله الذي تذكره تلك الديانات الثلاث هو إلهٌ عنصريٌّ بامتياز، وهو يتقلَّب ويتخبط ويتناقض بصورةٍ لا يقبلها عقل أيِّ مؤمنٍ حقيقيٍّ يُنزِّه الله العظيم المُطلق حقَّ تنزيهه.

فتعالوا لنستعرض الدليل التالي الذي يثبت قولي هذا، على أمل أن ينهض أحدٌ من أتباع تلك الديانات للرد عليه بالحجة والبراهين العلمية:

عند قراءة النصوص وإقراراتها وتعليماتها في تلك الكتب المقدسة (التوراة والإنجيل والقرآن)، فإننا سنجد ما يلي:

بالنسبة للإله الذي تذكره التوراة والأناجيل، فإنه لا حاجة لنا إلى سرد أيِّ نصوصٍ منها لإثبات تلك الحقيقة، لأنّ نصوص التوراة تنطق بها في العديد من الآيات المُحكمة، وتُعلن العُنصرية بكل وضوح، وذلك بتعظيم وتفضيل سلالة بني إسرائيل وتحقير وازدراء كل الأقوام دونهم بصورةٍ مُخجلةٍ ليس بوسع أحدٍ إنكارها، علماً أنه لا يتسنى للنصارى أن يُبرِّئوا أنفسهم ودينهم وكتابهم من تلك الوصمة، بدعوى أن إنجيلهم لا وجود فيه لأيِّ تعاليم عنصرية، وذلك لأن الأناجيل والنصارى بكل طوائفهم يُقرِّون بالتوراة ويؤمنون بصحة كل ما جاء فيها، ويعتقدون بأن الإله الذي تذكره التوراة بكل صفاته وتعاليمه هو الإله نفسه الذي يعبدونه، بل هناك بضعة آيات في الإنجيل تصف بقية الأقوام من غير بني إسرائيل بالكلاب وبأوصاف أخرى تتسم بالاحتقار.

وبالنسبة للمزاجية والتقلُّب والتخبط والتناقض في التوراة والإنجيل، فإنه لا ضرورة لإيراد النصوص الداخلية في كلٍّ منهما كي نثبت وجود تلك المنقصة بأدهى صورها في الكثير من المواضع، بل حسبنا أن نقرأ التوراة وقصصها قراءةً سريعةً، وسنشاهد العجب العجاب في المزاجية والتخبط والتناقض المنسوب إلى إله التوراة، ثم علينا أن نقرأ الإنجيل لنشاهد حجم الاختلاف والانقلاب المذهل من أقصى اليمين المتطرف المتشدد إلى أقصى اليسار المتطرف المتساهل، الذي طرأ على إله التوراة الذي هو نفس الإله الذي يؤمن به النصارى كما تذكره التوراة والأناجيل.

أما إذا طالعنا القرآن، فإننا قد لا نجد فيه تلك المعايب عند النظرة العابرة الأولى، وخاصةً أنَّ القرآن يعلن أن اليهود والنصارى قد تلاعبوا بكتبهم وشوَّهوا صورة الإله الواحد الذي أنزل تلك الكتب، وهو الله نفسه الذي أنزل القرآن، والقرآن يذكر هذا الإله بكل صفات العظمة العليا وأسماء الكمال الحسنى، ويُقدِّمه كربٍّ للعالمين جميعا بغير تفريق ولا تمييز بين الناس إلا بمعيار التقوى، وهو يعلن أنه لا وجود للاختلاف والتناقض في تعليمه الشامل الكامل التام.
ولكننا عندما نُعيد النظر فيه بتمعُّنٍ ونتدبَّر آياتِه، فإننا سنجد تحت السطور ألغاماً تنفجر مُعلنةً العُنصرية والمزاجية والتناقض المنسوب إلى الله بشكلٍ لا يَقلُّ خطرا وضررا عما ظهر عليه إله التوراة والإنجيل، وذلك من خلال الكثير من الأطروحات التي يُقدِّمها القرآن بصراحةٍ ووضوح، وقد اخترت لكم منها التالي:

أ- القرآن قد مدح التوراة والإنجيل وأثنى عليهما وعلى تعاليمهما في الكثير من آياته، بل عاتب اليهود والنصارى على عدم الرجوع والاحتكام إليهما وعدم العمل بأمرهما، مشيرا للتوراة والإنجيل التي كانت موجودة في أيدي اليهود والنصارى وقت نزول القرآن، وهي نفسها التي بين أيدينا اليوم بحسب أقدم النسخ الموثَّقة لدينا من قبل القرآن بقرون.
فيما أنه لم ينتقد تلك التوراة والإنجيل قط، بل انتقد اليهود والنصارى وأشار إلى أنهم غيَّروا الكلم عن مواضعه في كتبهم، وخالفوا كثيرا مما جاء فيهما، وغيّروا بعض المفاهيم وخاصةً تلك التي تتعلق بتوحيد الله وتعظيمه، ولم يذكر أنهم وصفوا الله بالعُنصرية أو بالتناقض ولم يفنِّد ذلك، بل كأنه أيَّدهم عليه بطرقٍ غير مباشرة، كما سيتضح في النقاط التالية، أو أنه لم يكن يعلم ماذا تحتوي التوراة والأناجيل في الحقيقة.

ب- القرآن يؤكد تفضيل الله وتمييزه لبني إسرائيل بصورةٍ تدعو للعجب والاستغراب، حتى أنه لم يكن يخلو زمنٌ من الأزمان في جميع أجيالهم إلا وقد بعث الله فيه لهم نبيا أو اثنين خاصةً لبني إسرائيل فقط، كي يَلمُّوا شملهم وشتاتهم وينتصروا لهم على عدوهم، بل إن قصص الأنبياء في القرآن هي في الغالب تدور حول أنبياء بني إسرائيل، وعددهم أكثرُ مِن نصف عدد الأنبياء الذين ذكرهم القرآن، وكأن الله لم يخلق سوى بني إسرائيل.

ج- إن كل الأنبياء الذين ذكرهم القرآن وتلا علينا قصصهم، هم ذريةٌ بعضها من بعض، وقد كانت كل دعوتهم محصورةً في منطقة الشرق الأوسط، ولم يذكر القرآن أيَّ نبي من الأنبياء المبعوثين لشعوب وحضارات العالم الأخرى في أوروبا وأفريقيا والأمريكيتين وأستراليا وبقية مناطق آسيا القاصية، وهي الغالبية العظمى من العالم تعداداً ومساحةً، وكأن الله ليس مهتماً بقصصهم، أو لم يبعث إليهم أحدا من المرسلين وتركهم على الأوثان عاكفين وفي التخلف غارقين بغير علم ولا بصيرة، أو كأنهم ليسوا من خلقه!!، أو أنهم أقل درجةً في الفضل وأدنى في الإنسانية ولا يستحقون أن يلتفت الله إليهم.
ولو قيل بأن القرآن قد أعلن أن الله قد أرسل لكل قومٍ نذيرا من الرسل، وأنه قد أكَّد على أنه قد قصَّ علينا بعض قصص النبيين ولم يقصص البعض الآخر، فجواب ذلك في النقطة التالية.

د- حين نطالع تاريخ الشعوب والحضارات في كل بقاع الأرض، فإننا نجد أنه لا توجد أيُّ قواسم مشتركةٍ بين أديان مختلف الأمم والشعوب، باستثناء ديانات الشرق الأوسط، فنلاحظ حقا بأنها تشترك في الكثير من السِمات والمفاهيم والتعاليم، فإلى جانب الديانات الإبراهيمية الثلاث التي لا خلاف حول اشتراكها في أكثر الأصول، فإننا سنجد الزرادشتية والصابئة اللتين هما من ديانات الشرق الأوسط أيضا تشتركان في كثير من الأفكار والعقائد مع الديانات الإبراهيمية، حتى مع وجود الفروق والاختلافات فإنه لا ريب بأنَّ المنبع الأصل هو واحدٌ لها جميعا، أو أنَّ ذلك الاشتراك قد نتج بسبب الاختلاط والتبادل المعرفي بين الأقوام التي سكنت تلك المنطقة، حيث تم التلاقح الفكري الديني عبر تعاقب الأجيال والقرون، نظرا لتواجدها بالقُرب مِن بعضها في منطقة الشرق الأوسط.
ولكننا لا نجد أيَّ قواسم مشتركةٍ بين أديان الشعوب الأخرى البعيدة وبين الديانات الإبراهيمية، بل نجد أننا كلما ابتعدنا عن منطقة الشرق الأوسط وصولا إلى أطراف آسيا وأوروبا وأفريقيا والأمريكيتين وأستراليا، فإن الأقوام والأمم التي سكنت هناك كانت أديانها القديمة لا تمت بأي صلةٍ لأديان الشرق الأوسط، بل لا وجود لأي تشابه بينهما، فلا ذكر لآدم وإبليس وقصة الخلق والاستخلاف بأيِّ صورة مقاربة لقصة الديانات الإبراهيمية، ولا ذكر لأي أنبياء عندهم، ولا وجود لنفس الإله الذي تقدمه وتذكره الأديان الإبراهيمية بصفاته، بل لكل قومٍ قصصهم وحكماؤهم وآلهتهم المختلفة الخاصة بهم.
ولو أن الله بعث رسولا في كل أمة ولكل قومٍ كما أعلن القرآن، وكما تقتضي الربوبية العالمية لله على الخلق جميعا بغير تمييزٍ أو عنصرية، فإنه كان لا بُدَّ أنْ نرى آثارا لأولئك الأنبياء في أقوامهم، لأنه من المحال أن تنطمس كل آثار النبيين وتعاليمهم مهما تم تحريفها وتبقى آثار الوثنية فقط، ولا يمكن أن ينمحيَ كل ذكرٍ للأنبياء العظماء من ألسنة الناس ويبقى ذكر غيرهم. فما هي الحقيقة يا ترى؟!.

هـ- القرآن لم يُحارب العنصرية التي كانت متفشيةً بأقبح مظاهرها في زمن نزوله وانتشاره، وهي مظاهر الرق والعبودية، إذ نجده قد نادى بالمبادئ العامة للتآخي والمساواة والعدالة بين جميع الناس ودعا إلى التراحم ومواساة المستضعفين والمحتاجين القابعين في الطبقات الاجتماعية الدنيا، إلا أنه لم يُحرِّم ولم يُجرِّم ظاهرة الرق واستعباد البشر، ولا نهى عن المتاجرة بهم، بل عالج بعض أوضاع العبيد والإماء وملك اليمين البسيطة كالزواج على استحياء.
وأما القول بأن القرآن قد اضطر لتلك المعالجات البسيطة ولم يُحرِّم ولم يجرِّم الظاهرة برُمَّتها، لأنه كان يتعامل مع الواقع المفروض، والتحريم والأمر بإعتاق العبيد والإماء دفعةً واحدةً سيسبب مفاسد وأضرار اجتماعيةً كبيرةً ستلحق العبيد والإماء والجواري أكثر من غيرهم، فإنه مغالطةٌ لا يمكن الاعتداد بها، لأنه لو كان ذلك القول والتبرير صحيحا، فإنه كان يَلزم القرآنَ لو كان من عند الله حقا أن يُعلن عنها، ويقول للمؤمنين به إنَّ الرق والاستعباد محرّمٌ عليكم منذ الآن، ولكن لكم ما قد سلف من الأمر، فاحتفظوا بالعبيد والإماء ولا تعتقوهم دفعةً واحدة، بل شاوروهم واختبروهم ثم حرروهم بالتدريج، كما قال ذلك في بعض التشريعات، ولكنه لم يقل ذلك الأمر في هذا الشأن رغم أهميته.

و- إن التناقض والاختلاف موجودٌ في القرآن في مواضع قليلة من التعاليم، ولكن التناقض والاختلاف والاختلال الكبير الذي نجده في القرآن الموجود بين أيدينا اليوم، يتمثل فيما يحكيه القرآن عن أهل الكتاب (أي بني إسرائيل خاصةً) من اليهود والنصارى، فنجد أن القرآن قد أكّد على أنَّ الله قد أرسل الرسل والكتب وأنزل الآيات والبينات إليهم تترى، وأنه فضَّلهم بالحكم والنبوة والوحي النازل من عنده لتزكيتهم وتعليمهم، ولكنه في نفس الوقت يذمُّهم بشدةٍ لأنهم خالفوا تعليمه ودينه، بل لم يَصفْ قوما وينعتْهم بالفساد والإجرام كما وصف أهل الكتاب، واستثنى القليل منهم، فهل التعليم الإلهي والآيات والبينات كلما زاد نزولها على قومٍ تؤدي لفسادهم أكثر أم تُساعد على إصلاحهم ولو بنسبةٍ بسيطةٍ تزيد على بقية الأقوام؟!، هي تساعد على الإصلاح أكثر بلا ريب إن كانت من عند الله. فلماذا إذاً نجد أن كل الشعوب والأقوام التي كان يعتبرها الإبراهيميون وثنية قد كانت تعيش في ـ///ــلامٍ ومحبةٍ ووئامٍ وانسجامٍ مع الإنسان والحيوان والطبيعة كالأقوام الأمريكية الأصلية والشعوب الأفريقية والأوروبية والآسيوية القاصية وغيرها، ثم جاء أتباع الدين الإبراهيمي (اليهود والمـ///ــلمون والصليبيون) فاستعمروا واستعبدوا تلك الشعوب ونهبوا ثرواتها ودمَّروها وأبادوا الكثير من أبنائها؟!، بل لماذا نجد أن أكثر حروب العالم وصراعاته وويلاته في التاريخ قد نشأت من الشعوب المتدينة بالأديان السماوية الإبراهيمية، ولا زالت تلك الأديان حتى اليوم هي الوقود الذي يُغذِّي كل الصراعات والحروب والمظالم والمفاسد في العالم كما هو معلومٌ عن أفعال اليهود والصليبيين والمـ///ــلمين في عصرنا؟!.
وكذلك نجد أن القرآن قد بدأ في السور النازلة أولاً بامتداح أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وأمر أتباعه بالإحسان إليهم ومجادلتهم بالتي هي أحسن، بل وصفهم بالمؤمنين والصالحين، ثم عاد في السور النازلة أخيرا، فذمهم ولعنهم وكفَّرهم جميعاً بغير استثناء، ثم أمر أتباعه بمقاتلتهم حتى يَدينوا بدين الحق أو يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
ونجد أيضا نفس الأمر في التناقض بين تعاليمه النازلة بمكة في مرحلة الضعف، حيث كانت تحث على التحلّي بالصبر الجميل والتسامح والعفو والتعايش السلمي حتى مع الأعداء، وبين تعاليمه النازلة في آخر العهد النبوي بعد الفتح والتمكين، حيث اتسمت بالشدة والغلظة وعدم التهاون أو التسامح مع الأعداء وخاصةً ما ورد في سورة التوبة التي نزلت بعد فتح مكة مباشرة.

ز- القرآن كله جاء بلسان العرب وهو يدعي أنه كتابٌ للعالمين جميعا حتى قيام الساعة، وقد مضى عليه أكثر من 1400 عام، وهو لم يزل بنفس ذلك اللسان الذي صار غريبا نوعا ما على الناطقين بالعربية أنفسهم اليوم، نظرا لتفشي اللهجات وجهل أكثر العرب بقواعد لغتهم الأم وألفاظها وتراكيبها، والعرب المـ///ــلمون الأوائل من أئمة العلم والفقه واللغة قد اختلفوا أيُّما اختلافٍ في فهم معاني الكثير من الآيات والكلمات القرآنية وهم أهل اللغة واللسان العربي الفصيح البليغ المبين، واليوم قد صار الاختلاف أشد وأكبر، وحسبك أن تستمع لاثنين من العلماء الحداثيين المتخصصين في القرآن ولغته لترى حجم الاختلاف المهول بينهما في فهم دلالات القرآن ومعانيه، ولك أن تتخيل كيف ستكون التراجم التي كتبها بعض المـ///ــلمين للقرآن بلغات العالم المختلفة، فلا شك أنّ كل ترجمةٍ ستنقل المعاني التي يستحسنها المترجم باجتهاده الشخصي أو بما يوافق مذهب فرقته، وسيحصل الناس في مختلف الشعوب غير العربية على ترجماتٍ مختلفةٍ في نقل معاني القرآني، وحسبك أن تتأمل في الاختلاف بين التراجم القرآنية التي سيكتبها كلٌ من المـ///ــلم الشيعي والمـ///ــلم السنّي والمـ///ــلم الأحمدي والمـ///ــلم القرآني، وما مدى التباين والتفاوت بين التفسير السطحي الظاهري والتفسير الرمزي المجازي فيما بينهم. علما أنَّ تراجم القرآن قليلةٌ جدا ولا تغطي كل لغات العالم ولا تصل لأكثر أهل الأرض.
هذا ناهيك عن أنّ اكثر الناس غير العرب لم يسبق لهم أنْ قرؤوا القرآن أو فكَّروا بمطالعته ولو مترجما، كما هو حال أكثر المـ///ــلمين الذين لم يخطر ببال أحدٍ منهم أنُ يُطالع كتاب الفيدا أو أي كتاب مقدس غيره من كتب الأديان الأخرى، لأنّ غير المـ///ــلمين حتما سيكتفون بالنظر لحال المـ///ــلمين للحُكم على الإـ///ــلام وتعاليم كتابه دون الحاجة للبحث عن حقيقة القرآن وطبيعة تعاليمه.
فأيّ إلهٍ رحيمٍ حكيمٍ عليمٍ خبيرٍ هذا الذي يفعل ذلك؟. وما هو الفرق بينه وبين (يهوه) إله اليهود العنصري القومي؟!. أيعقل أن الله الخالق الحكيم العليم الخبير المُطلق قد حصر رسالته الأخيرة إلى البشرية كلها في كتابٍ نزل قبل 14 قرنا بلغة العرب الذين لا يتجاوز عددهم 4% من سكان العالم قديما وحديثا، ثم نجد أنَّ العرب أنفسهم لم يفقهوا كثيرا من معانيه قديما وحديثا أيضا؟؟!.
هذا ونحن لا ندري ما مدى ـ///ــلامة نقله إلينا بغير تحريفٍ أو خلطٍ أو نسيانٍ إلا ترجيحا بأنه تمّ الحفاظ عليه أحسن مِن غيره من الكتب مع الكثير من حسن الظن طبعا.
ألا شيئا من العقل أحبتي المـ///ــلمين.

نشوان معجب | ناشط مجتمعي

Exit mobile version