كتّاب

هل لا يزال التحالف العربي يحفظ اسم الرئيس؟


هل لا يزال التحالف العربي يحفظ اسم الرئيس؟
مروان الغفوري
——————–

لا تزال المعركة في اليمن قائمة، لكن الحرب توقفت. ثمة مناوشات عسكرية على خطوط التماس مع الحوثيين في أماكن محددة، وهي مواجهات تعتمد على الفعل ورد الفعل، ولا تتطور إلى حرب.
في تعز فقط هنالك حربٌ حقيقية، حيث تعمل المقاومة منذ حوالي ٣٠ شهراً على إزاحة الحوثيين من المدينة، ثم من المحافظة.

في تلك الحرب سقط ما يقرب من مائة ألف مقذوف على مدينة تقاتل بدبابة واحدة، أطلق عليها “المبروكة”. وقبل عامين من الآن توقفت أكثر من مائة وخمسين مدرعة من آلات التحالف على الحدود الجنوبية لتعز. كان يمكن وضع حد للحرب والحصار في تعز على نحو مبكر، لكن التحالف أراد نتيجة أخرى. وبحسب ما سمعته شخصياً من محافظ تعِز فإن رشوة بلغت حوالي خمسة مليون ريال يمني منحت لضابط كبير في المنطقة العسكرية الرابعة حتى يسمح بخروج عشر دبابات إلى تعز، بحسب توجيهات عليا. أقنعت الرشوةُ الرجلَ بإخراج دبابة واحدة.

تعرضت تعز لحرب ضارية شنها كل خصوم الجمهورية الديموقراطية: الحوثيون بمشروعهم الملكي، صالح بمشروعه الأوليغارشي، هادي بمشروعه العائلي/ النيبوتي، الشعبويون الجنوبيون بمشروعهم الانفصالي، والتحالف العربي بمشروعه الطائفي. أما لماذا تعرضت تعز لكل هذه الحرب متعددة المشاريع فذلك لأنها العمود الفقري للسياسة، وللثورة. ولأنها، بسبب إنتماء جزء كبير من الإنتلجنسيا اليمنية إليها، تدعم خياراً جمهورياً ذا طبيعة ديموقراطية، وتؤكد عليه. وهي أسباب تجعل منها Spielverderber.. أو مخرب اللعبة، بالتعبير الألماني.

توقفت الحرب، قلتُ، وبقيت المعركة قائمة. فقد سيطرت السعودية على الأجواء، واستطاعت إقناع أميركا بالعمل معاً في مراقبة البحار اليمنية. الخطوط الساخنة التي أقامها الحوثيون مع إيران قطعت بالفعل، وكذلك الآلة العسكرية الصلبة التي حصل عليها حلفاء إيران في اليمن. بالاستناد إلى صدر ترامب وجدت السعودية قدراً مطمئناً من الراحة. فالرجل انقلب على رؤية سلفه أوباما الذي قال لمجلة “ذا أتلانتيك” إن السعوديين يريدون أن يركبوا بالمجان، ويطلبون من أميركا أن تخوض حروبهم. لقد زال الخطر الحاد الذي دعا السعودية لتشكيل حلفين عسكريين كبيرين في وقت قياسي “التحالف العربي لدعم الشرعية، والتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب”. لم تعد السعودية، حالياً، تحت الخطر، تعتقد، وهو ما جعلها تتفرغ لمعارك مع دول أخر، وفي أراضِ أخرى.

في جنوب اليمن انعزلت الإمارات عن الحرب الجارية في الشمال، وخاضت حرباً باردة ضد الحكومة والرئاسة وكل القوى المساندة لرئيس الجمهورية. فتحت دولة الإمارات سجوناً كثيرة، رصدتها منظمة سام على نحو بالغ الدقة، ومعسكرات لا تخضع لوزارة الدفاع.

تبعد جزيرة سقطرى عن عدن قرابة ٣٥٠ كيلو متراً، وهي أبعد ما تكون عن الحرب الجارية في اليمن. نشرت الإمارات على الجزيرة قوة عسكرية من حوالي خمسة آلاف عنصر. ودون علم الحكومة/الرئاسة دربت الإمارات قوات يمنية على أراضيها وأعادتهم إلى الجزيرة. كما فتحت خطوطاً جوية بينها وبين مطارات مستحدثة في سقطرى. تلك مسألة ليس بمقدور أحد فهمها داخل مشروع “إعادة الشرعية إلى اليمن”. على وجه الخصوص في ضوء معرفتنا بالبيان الذي أصدره البنك المركزي اليمني من عدن، واتهم فيه التحالف العربي، يقصد الإمارات، بمنع وصول التعزيزات المالية إلى البنك من خلال منع هبوط الطائرات التي تحمل السيولة المالية. تحدث البيان عن منع ١٣ رحلة طيران خاصة بالبنك. النتيجة، كما يقول بيان البنك المركزي، حرمان موظفي الدولة من رواتبهم، وإفشال الحكومة أمام شعبها. ثمة محاولة للقول إن مثل هذا السلوك الاستعماري، والمزيد من زعزعة الاستقرار، يخدم مشروع إعادة الشرعية إلى اليمن.

خسر التحالف العربي هيئته الأخلاقية، وصار على نحو متزايد سيء السمعة. فبينما خسرت الإمارات سمعتها في الشمال، لا تزال السعودية تحظى ببعض التقدير لدورها في المعركة، وفي مجال الإغاثة. الرأي العام في الشمال يتجه إلى وضع الإمارات كقوة احتلال، وذلك ليس بلا دليل. المسؤولون اليمنيون المستاءون من السلوك الإماراتي يقدمون شكوى حذرة إلى حلفائهم السعوديين، والأخيرون يردون بالقول إنهم يراقبون ما يجري.

استخدمت الإمارت التكتيك الذي استخدمه الحوثيون/ الإيرانيون في صنعاء: صب النار على حزب الإصلاح، وتصوير المعركة بوصفها مواجهة أخلاقية وقانونية مع حزب سيوصف بالإرهابي، حتى يتسنى لها المرور تحت جنح تلك الذريعة. السبب الوحيد الذي نال بسببه الإصلاح صفة “الإرهاب” هو إيمانه بفاعلية السياسة، بصرف النظر عن أي نقد فني أو جوهري يمكن قوله. لكن الإمارات، مثل الحوثيين، سرعان ما نالت عداوة الجميع.

في مؤتمر لمحافظ عدن، قبل أيام، قال الرجل إن جهات ما تدفع عدن باتجاه حرب أهلية. إشارة المسؤول الأول في عدن إلى الإمارات لم يكن من الصعب التقاطها. ردت الإمارات على كلمات محافظ عدن من خلال عزومة غداء أقامتها على شرف وصول رئيس الوزراء إلى ميناء المخا. التقط الإماراتيون صوراً لرئيس الحكومة في مجلس تغطي صور شيوخ الإمارات جدرانه، وما من صورة للرئيس اليمني.

قبل أيام أعلنت الإمارات من أبو ظبي قيامها بعملية عسكرية واسعة في محافظة شبوة لمكافحة تنظيم القاعدة. صدر الإعلان من أبو ظبي، وجرت العملية عبر عزل شامل للحكومة اليمنية والرئاسة اليمنية. لكن أسوأ ما في العملية، على الإطلاق، هو أن مواجهة ما مع تنظيم القاعدة لم تحدث قط. سُمع وابل من الرصاص استمر لبعض الوقت في منطقة “مفرق الحوطة ـ عزان”، يعتقد أنها لم تكن أكثر من تمويه. سقطت محافظة جديدة في يد قوة عسكرية إماراتية صغيرة تتحكم بقوة شعبية تتبعها مالياً وعسكرياً وإدارياً، ولا تتبع وزارة الدفاع ولا رئاسة الجمهورية.

التنظيمات المسلحة التي لا يسندها قانون محلي ولا دستور، وتتحرك بمعزل عن الهيراركية الأمنية والعسكرية الرسمية، هي تنظيمات خارجة عن القانون. تعلم الإمارات ذلك جيداً، فهي دولة تعاقب بالسجن لخمسة عشر عاماً على تدوينة في موقع تويتر. جنوباً، أيضاً، أوهمت الإمارات القوى الشعبوية بأنها تتفهم رغبتهم في الانفصال، وأن النتيجة النهائية لفعلها هناك ستكون في صالح استعادة دولة الجنوب، الدولة اليمنية الشطرية. بهذا العرض الخادع حصلت الإمارات على ما تريد من مقاتلين، ومتطوعين إعلاميين، ومدونين غير محترفين على شكل رذاذ إليكتروني واسع الانتشار.

في نهاية المطاف ستتدبر الإمارات والسعودية معاً مسألة “الحلم الجنوبي”، وفي الغالب سيجري حله بطريقة لا تؤذي السعودية. وراهناً تبدو الحلول الراديكالية، كالانفصال، شديدة الإضرار بالسعودية، وذلك أمر تتفهمه الإمارات. لكن حلاً آخر أقل حدة من الانفصال سيكون مرضياً للدولتين، وستستطيع الإمارات بيعه جنوباً في الوقت المناسب، على أن تكون هي ضابط أمن الإقليم، وعلى أن يبقى الإقليم الجنوبي يمنياً اسماً، لا تنجح السياسة، أي شكل للسياسة، في جعله جزءًا من السيادة.

كان الخيار أن يفر اليمنيون من احتلال إيراني مؤكد إلى وصاية خليجية محتملة. غير أن الحرب، بصورتها الهجينة الضارية، جردت اليمن من الأشياء الأكثر مركزية: السيادة والتاريخ والاستقلال. وقد يمضي وقتٌ طويل حتى تتنبه الأجيال الجديدة للورطة التاريخية التي انزلقت إليها اليمن بعد سلسلة من المغامرات التي قادها الجنرال علي صالح خلال ثلث قرن، وانتهت باليمن مفككاً من كل جهاته.

مدونات الجزيرة

هل لا يزال التحالف العربي يحفظ اسم الرئيس؟

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫48 تعليقات

  1. مدونات الجزيرة ، وتريد تقنعنا انك كاتب حر وتكتب بموضوعبة ومن منطلق وطني ، لماذا لم تكتب منتقدا الدور الاماراتي قبل الأزمة القطرية ؟!

  2. مغالطة كالعادة… تضخيم لدور تعز، وانتقاص لغيرها… عنصرية بأسلوب أدبي… نتيجتها تضر تعز أكثر مما تنفعها، و لكنها ليست مستغربة ممن يده في الماء وليست في النار…

  3. بالمناسبة… من أسميته أنت مرتشي… استشهد على تراب تعز دفاعاً عنها… وكثير من سياسيي تعز ورموزها قابعين في فنادق اسطنبول والرياض، أو يطلبوا الله في غيرهما، وبعضهم صامطون في وجه العطوان مع الطرف الذي يقصف تعز… لكن لأنكم عنصريون… تنتقصون ذاك، وتغضون الطرف عن أولئك… هذا اذا ما امتدحتوهم

  4. احتاجة الإمارات للتعاقدت مع شركة بلاك ووتر لحماية قصورها على كل التراب الإماراتي.
    كذلك تم التعاقد مع الجنرال عفاش لتفكيك اليمن، كذلك أركان نظامه السابق أين ما كانوا في بلاد سلمان أو في إقليم صنعاء أو إقليم عدن.

  5. خلاصة القول ان تعز وابناء تعز في نظرك هي الجوهرة وباقي اليمن عبارة عن فحم .
    كامل الاحترام لتعز لكن اكثر شعبية واعلاميين يؤيدون السيئين هم من ابناء تعز فثلثهم مع صالح والحوثي وثلث مع الاصلاح وهادي بالرياض واسطنبول والثلث المتبقي هم الحرفيين والتجار الموزعين قي محافظات اليمن واستقروا فيها ، بالعربي من تتكلم عنهم لاوجود لهم حتى انت كنت مزمار من مزامير التحالف والاصلاح ذات يوم لكن قطر ومجلس الجنوب جعل الجميع يصابون بجنون البقر ..
    تعز منبع للعلم والثقافة ولكن للاسف اكثرهم شقاة مع الغير

  6. تتصادم وجهات النظر بين الامارات والاخرى
    حيث ان الامارات ترى الشمال كثافة سكانية وموارد قليلة
    بعكس الجنوب
    والاخرى ترى الشمال الخطر
    الذي يجب ان ينتهي بكل السبل
    هنا سيبدو الخلاف واضحا بين دولتين متحالفتان لأسباب أقتصادية وديمفرافية
    وأخرى أمنية قومية
    ستعمل الامارات مع صالح
    وستعمل الاخرى مع الحوثي
    ربما ستنتهي الحرب عند هذه النقطة .😃😯

  7. القيادة دائما هي المحرك ونحن في سفينه بدون ربان ثمة قراصنة يريدون التسؤل و اللصوصية في ابواب الامراء و الشيوخ مع قطيع واسع من ملمعي الجزم حسب المظروف الذي يصل يائس القارئ والسامع اليمني لكل من يقول بشانه فقط اعياه الجوع وجعل منه ان يفتكر الوطن بكيس بر او قطمة رز او ايجار بيت .
    اليمني بطبيعة شديد الحساسية لا تظهر حاجته للملئ يشعر بان التعاطف معه نوع من العار وخصوصا في موضوع الجوع لذلك سمعنا وقراءنا الكثير من القصص عن اب يقتل اطفاله وام تقبر اولادها وهناك الالف القصص المخفية الكارثية تتركم كل يوم
    فقط جبل الجوع يزداد علوا
    و كل الساسة يزدادو هبوطا و سقوطا

  8. بالنسبة لنا كجنوبيين ندعم بقوة كل ما تقوم به الامارات فلولا امكانيتها ودعمها للمقاومة الجنوبيه هي والسعوديه لما تحرر الجنوب من الجيش الشمالي والان اتجهت نحوا ابار نفط شبوه لتحريرها بواسطة النخبة الشبوانية .. الموضوع ببساطة ان التحالف لم يجد رجال صادقين بالشمال بنية التحرير باستثناء رجال مأرب ولكنها وجدت مسترزقين فقط وهذا سبب عدم تحرير تعز او بقية محافظات الشمال الاخرى.. الطريقة الوحيده لافشال اي مخططات تعتقدون انها استعمارية من التحالف هي ان تكونوا صادقين مع انفسكم كجيش ومقاومة وتتحركوا جديا لتحرير محافظاتكم ومناطقكم .. غير كذا لا تتوقعوا ان الكتابة بوسائل التواصل ممكن تغير شي ولو بسيط

  9. الي عجبني في مقالك ولفت انتباهي استخدامك مصطلح الجنوبيين بمشروعهم الانفصالي باشاره واضحه انك تعرف تماما ان كل جنوبي هو انفصالي ولا يريد الوحده , طيب مش انت واجع ريوسنا بالديمقراطيه والدولة المدنيه , طيب الجنوبي يشتي ارضه ليش ما تكونوا فعلا حياديين وتتكلموا بمصداقيه ان الوحده انتهت وان محاوله فرضها عبر اقاليم او غيرها امر فاشل , الجواب بسيط جدا لانكم مجرد عبيد لاحزاب تحرككم يمينا ويسارا فلا تتكلموا عن الحريه والسيادة وانتم لا تملكونها لانفسكم وعلى فكره الجنوبي مستعد يتحالف مع اسرائيل نفسها مش الا الامارات لو بتأتي لنا بقرار فك الارتباط والاعتراف الدولي.

  10. انت كاتب كبير .. غير ان عاطفتك لتعز بحكم انها المحافظه التي جئت منها .. هذه العاطفه تجرفك الى خلط الحابل بالنابل .. الصحيح .. بالاوهام ..
    يارجل .. تقول معاد به حرب الا في تعز ..
    والي يجري في نهم وصرواح ولحج والضالع هذا تمثيل ..
    يادكتور .. هذا احتقار لدماء الشهداء الي تنسكب في كل شعب وميدان .. هذا تسفيه لتضحيات ودماء عشرات الالاف من اليمنيين ..

  11. مَش مشكله من الاستعمار ومن قبل من.
    المشكله وين الوعود التي أطلقت للشعب اليمني.
    لا مرتبات في الجنوب ولا في والشمال
    ولا تنميه
    ولا علاج

    كلهم كلاب

  12. تعز منقسمة على نفسها أضافه للجرائم الطائفيه بين ابناء تعز وعدم وجود رجال مقاتلين إشداء هو سبب عدم وجود حرب حقيقيه في تعز
    الرجوله ما تحتاج قطاع غيار

  13. لك الله ياتعز الحريه والكرامه والثوره والجمهوريه والدوله المدنيه المنشوده تحالف عليها الجميع لمخالفتها لمشاريعهم النتنه والضيقه المشتته والمشرذمه لليمن وشعبه سيزول الظلم واهله وسينتصر اليمن وشعبه بإنتصار تعز قلب وعقل اليمن وبوصلته في الاتجاه الصحيح لمستقبل افضل بإذن الله لليمن وشعبه …

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى