مفكرون

#مقطفات من كتابات د.سيد القمني:-…


#مقطفات من كتابات د.سيد القمني:-

ووسط هذه الحالة الرجراجة بين الإيمان والكفر، هل يمكن أن يجد الوطن ومفهوم المواطنة مكانا فى تحديد الهوية؟ وهل بالحق يمكن إطلاق مفهوم (أمة) على مجموعة شعوب فقدت ذاكرتها وتماهت فى الدين فأصبح هو الوطن وهو الهوية؟ وهل يصبح ممكنا ـ على الإطلاق ـ الحديث عن صراع حضارى آنى، دون أن نتكهن بمصير آل إليه الهنود الحمر قبلنا؟
إن المحاولات العلمية المخلصة فى التعامل مع المأثور الإسلامى فى ظل الواقع المهين الراهن يجب إلا تضع باعتبارها إطلاقا ـ إن كانت مخلصة حقا وعلمية حقا ـ أى قطيعة معه، ولا أن تضع ضمن أهدافها إصدار أحكام بشأنه، ولا رفضه أو نفيه، ولا اقتطاع بعضه ـ بحجة صلاحيته ـ دون بعضه، ولا إسقاط مفاهيم معاصرة عليه. إنما يجب درسه مرتبطا بواقعة، منضبطا مع حركة هذا الواقع فى زمانه، وإيقاع ذلك الواقع وضبط هذه الحركة مع الحدث الذى سبقها والذى عاصرها، وما نتج عن هذا من إفراز معرفى بعينه. دون محاولات وادعاءات عقلنه المأثور، أو أدلجته، ودون المبالغة فى بعض مناطقه، ودون التجاوز عن مناطق أخرى فيه. باختصار أن تتم قراءته قراءة تاريخية لا تجرده من ماضيه ومشكلات زمانه من حيث كان واقعة فى حقل لحدث الواقع المجتمعى، بحيث ترتبط الفكرة بواقعها، ليعود ذلك المأثور إلى حجمه الطبيعى، ويتراجع ظله السحرى الذى يفرضه دوما كمثل أوحد لا يصح تخطيه، ولا يظل لونا من التاريخ العبء، قدر ما يتحول إلى تاريخ دافع ومحرك، دينامى لا سكوني.
أن أى تراث لأى مجتمع لا يمكن أن يتطور أو يحدث أصلا دون توارث فالتراث ـ لغة ـ إرث موروث عن الأسلاف، تركوا لنا فيه ناتج خبراتهم ومعارفهم، أى أن التراث متطور فاعل منفعل دوما، أى أن الناس هم صناع ذلك التراث، يصوغونه وفق ظروفهم وحاجاتهم حتى لو كان دينا.

نشر فى 10/11/1993، بصحيفة الأهالى، القاهرة.
#سيد_القمني

#ادمن يوسف


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى