كتّاب

” لماذا يا طيـب ..؟! “…


” لماذا يا طيـب ..؟! ”

– أثناء كلمة فضيلة الإمام الأكبر (أ.د أحمد الطيب) بمناسبة ذكرى إنتصارات أكتوبر المجيدة، تخيل نفسه في حُلم بدولة الخلافة والدولة الدينية التي يتمناها ويحلم بتطبيقها هو ومن على نفس فكره ومنهجه، ونسي أنه في مصر وليس في أفغانستان، والجميع مُنتظر ومُترقب لسماع كلمة فضيلته، فاجئـنا بخطاب مليء بالتعصُب والعنصرية لا يُمكن أن يصدر من إنسان سوي طبيعي حتى وإن كان جاهلًا، فما بالكم أن يصدر من كبير أئمة المُسلمين شيخ الأزهر الشريف الذي من المُفترض أنه يُمثل الوسطية والإعتدال، ومن المُفترض أيضًا أنه عالمًا جليلًا حاملًا للدكتوراه؟..

– كيف يقول: “انتصارات أكتوبر أعز الله بها العرب والمُسلمين”؟
– هل كانت حربًا على الدين ونحن لا ندري؟
– هل كانت حربًا موجهة ضد المُسلمين فقط؟
– ما دخل عزة الإسلام والمُسلمين بهذه الحرب؟

– هل تناسى فضيلته أن كان في الحرب أيضًا مسيحيـين يُشاركون في حماية وطنهم؟
– هل تناسى فضيلته أن دماء المُسلمين والمسيحيـين كانت ممزوجة ببعضها، وأن الذي يقتل لا يعرف أن يُفرق بينهم؟
– هل تناسى فضيلته دور اللواء باقي زكي يوسف (المسيحي) الذي لولاه ما كُنا انتصرنا، صاحب فكرة إستخدام ضغط المياه لأحداث ثغرات في الساتر الترابي (خط برليف)؟

– أشباه العُلماء هم الذين يدخلون الدين في أي شيء، ويبدو أن حضرة الإمام كان حافظًا لما قاله دون أن يفهمه جيدًا، ولم يُدرك مسؤولية وخطورة كلمته التي أتت بردة فعل مرفوضة ومنفرة من المُسلمين قبل المسيحيـين، فـحتى يصير بطلًا قوميًا في نظر بعض المُسلمين المُتطرفين لابد أن يذكر الإسلام والمُسلمين في أي حديث له، حتى يُهللوا له أتباعه، فإستنكاره لدور المسيحيـين كان في مقصده، وهو أهان إهانة كبيرة لا تُغفر لأسر الشهداء المسيحيـين الذين قدموا أبنائهم لفداء تراب بلدهم ووطنهم بدمائهم البريئة، الشهداء المسيحيـين يا مولانا الذين قتلوا وهم في عناق أشقاءهم المُسلمين شركاء الوطن الواحد، فإن حضرت فضيلتك هذه الحرب ورأيت الدماء تملئ وتروي الأرض لا تعرف أن تفرق دم محمد (المسلم) من دم مرقس(المسيحي).

– ماذا كان جرى لو كان تكلم فضيلته بصفة عامة عن الحرب وذكر دور المصريين جميعًا دون تمييز وتفضيل أحد عن الآخر، من أجل إسترداد أرضهم وطرد العدو، فالجميع كان يُحارب من أجل مصر وليس من أجل الإسلام، وانتصرنا لمصر بفضل أبناء الوطن الواحد وليس للإسلام، إذا تسمح لي فضيلتك أريد أن أذكرك بأنك تعيش في دولة مدنية، لا فرق بين مواطنيها الجميع سواسية، المسلم مثل المسيحي والعكس صحيح، وإن كانت هذه الدولة لا تُعجبك فمن السهل جدًا أن تذهب وتنضم إلي طالبان وهناك تستطيع أن تتكلم عن المُسلمين وحدهم كما تشاء ؛ لكن هنا في مصر لا نقبل أبدًا أن تفرق بين المُسلم والمسيحي وتُفضل وتميز بينهم، مصر الآن لا تحتمل كل هذا وتحتاج منا التكاتف والمساندة لا الفرقة والتفرقة، كفا فتن، نُريد أن نعيش في سلام وأمان!.

– لا داعي لذكر الديانة في أي عمل وطني، فهي لا تُعطي شرفًا أو إكرامًا أكثر من أن الذي مات وضحى كان مواطنًا مصريًا، يُدافع ويُحامي عن أرضه وبلده، هذا شرف لا يُماثله شيء، أرواحنا فداء هذا الوطن وسنضحي للنهاية مهما كان الثمن، وتاريخ الأقباط المُشرف ووطنيتهم في كل العصور والأزمنة لم تنقص بعدم ذكرك لها، فالجميع يعرف من هم أقباط مصر وماذا قدموا لوطنهم؟، وكتب التاريخ تشهد على ذلك، وذكر ديانة شخص مسيحي أو مسلم هذا ليس شيء يستدعي الفخر ؛ فالديانة هي علاقة بين الإنسان والله لا دخل بها أحد ؛ ولكن الإنسان العاقل هو الذي يفتخر بما يقدمه من نفع البشر والإنسانية وليس بالدين الذي ورثه من والديه، ومن الأساس خطأ قول مسيحي ومسلم فجميعنا إنسان، وجميعنا مصريـين، وجميعنا يُجمعنا وطن واحد يآوينا، أتركوا الدين لله، ودعونا نعيش بسلام وهدوء دون فتنة وكراهية.

– أخيرًا، خطاب سيء لا يرتقي بالإنسانية والتحضر ولا يليق أن يكون بداخل الجمهورية الجديدة.
– شيخ الأزهر جزء كبير وهام وفعال وله دور مؤثر في المُجتمع، فكان عليه أن يكون في صف الدولة، ولا يُثير الفتن.
– رجال الدين عليهم أن يكونوا أكثر ذكاء وحكمة في قيامهم بدورهم بنشر المحبة والوعي والسلام.
– الشيوخ الذين يظهرون ويتصدرون وسائل الإعلام عليهم الحرص والتدقيق لكل حرف يصرحون به لعدم إثارة الفتن.
– على شيخ الأزهر أن يعتذر عما قاله لأن أعتبره الجميع إهانة للمسيحيـين والتقليل منهم ومن دورهم.
– الإنسانية لا تعرف التطرف والعنصرية والتحزب فما بالكم من الدين الذي يُكمّل الإنسانية ومكارم الأخلاق.
– لم نتوقع هذا من شيخ الأزهر فعلاقة الكنيسة معه طيبة جدًا ولم يصدر منها أي إساءة في حقه أو في حق أي أحد من أخوتنا المُسلمين، فلم يرى منا إلا كل الحب والاحترام.
– رفض أخوتنا المُسلمين لهذا الكلام السفيه الذي ليس له قيمة، أعطاني ثقة أن الدنيا مازلت بخير، وأن لا يقدر أحد مهما كان على تفريقنا، وأن المحبة والسلام سيدوما بينـنا للأبد، كل الحب والاحترام لأخوتنا وأشقاءنا المُسلمين الأسوياء العقلاء، العارفين دينهم بالحق.

حفظ الله مصر وشعبها من كل شر ومن كل فتنة.
#أبانوب_فوزي


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Abanoub Fawzy ابانوب فوزي

شاعر ـ كاتب قبطي

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى