كتّاب

كنا تقريبا سنة 1970 ، فى قرية مصرية فقيرة جدا، لا فيها كهربا…


كنا تقريبا سنة 1970 ، فى قرية مصرية فقيرة جدا، لا فيها كهربا ولامياه ولاصرف ولاتعليم، بس عندنا اكتفاء ذاتى ومش محتاجين حاجة من برة، ولما ييجى واحد مسافر ” البندر” لمصلحة مهمة، بيعدى قبليها بتلات ايام على أهل الحارة نفر نفر وهو بيهرش ف أفاه بتواضع ” أصلى ولامؤاخذة هاتدلى البندر يوم السبت، وقلت أشوف لو عايزين حاجة من هناك”، وهو لابيسأل ولابيدور على طلبات، هو بيتمنظر ويعرف بنات الشارع إنه بيروح البندر لوحده، وهما مش عارفين البندر دة بيبيع ايه عشان يطلبوا منه، ولامعاهم فلوس يشتروا منه حاجة، وكل اللى بيربطنا بالبندر قطر ستة الصبح للى رايح، وقطر الصحافة بتاع اتنين بالليل اللى بيهدى شوية من غير مايقف فى بلدنا عشان يرمى الجرايد لعم على الزاوى، هما بس عارفين إن البندر بتاع سيدنا الحسين، يبقى اقرا لنا الفاتحة هناك، بس كدة ……….
فى الفترة دى كان بطل القرية بتاعتنا وحديث الساعة الواد مليم العربجى، دة راجل بغل بكرش كبير وبينفخه وهو ماشى، وربنا كرمه واشتغل فى السفارة الأمريكانى، وقلع الجلابية والبلغة، وابتدى يلبس البيجامة وفوق منها حاجة اسمها الروب، والبنص اللميع بدل البلغة، ويلف البلد وهو عاوج السوجارة المكنة ف حنكه، والنسوان تبص عليه بإعجاب يقارب إعجاب البنات ب عبد الحليم حافظ، والرجالة بتحقد عليه بس بتنافقه وتقول له يامليم أفندى، يمكن ينفحهم سوجارة مكنة تجلى الصدر.
وبالليل ييجى مليم افندى عند دكان التموين بتاع سالم الحرامى ابن سيدى عبحميد شومان اللى واكل تموين البلد ف عبه، والناس أدام الدكان أمم نسوان ورجالة وعيال، والكل يفسح لمليم افندى اللى يخش الدكانة ويقعد على شوال الرز ويبتدى يحكى حواديت، والنسوان اللى كانت بتصوت عشان اتأخرت والعشا ادن عليها وهى برة البيت تخرس خالص والكل بيسمع مغامرات مليم مع السفير الأمريكى الخرع اللى مش عارف يكيف المرا بتاعته، فهو يادوب يخرج ومراته تبعت للمتع مليم المطرف الفرعونى يطفى نارها، وتديله بقى بيجامات جناب السفير وسجايره وجزمه، وتحاول تديله منكر بس هو بيرفض ويقول لها إحنا رجالة مسلمين ملناش ف الحرام، وربنا يكرمه ويزنى ع الشرع ويعرفها فحولة الفراعنة، وييجى البلد محمل بالكباب والكفتة والبسبوسة وهدوم بيبيعها بسعر التراب بتاعة البأف الأمريكانى اللى مامنوش .
وبقى الواد مليم فى خيالنا مليم الدين الأيوبى أبو صلاح الدين، اللى كاسر عينين الأمريكان ورافع راس المصريين، وجتنا نيلة ف حظنا الهباب، ماتشوف لنا شغلانة معاك يافندى، يرد بتعالى: وهو أى بغل ياخدوه السفارة الأمريكانى؟ شوف نفسك الاول ياحمار.!!
وتعدى الأيام ومليم بيكبر فى نظرنا وبيزداد حقدنا عليه، لحد ماف ليلة لقينا البوكس بياخده ع المركز، قلنا أكيد البيه المأمور هايطلب منه إزازة منكر ولا جوز بيجامات من بتوع السفير، بس مليم خيب أملنا، طلع حرامى وعامل عصابة بتسرق الشقق ف البندر، وقاعد فى حارة المنياوى المتفرعة من ش الصناديلى اللى ف الجيزة ولامم حواليه المآطيع بتوعه.
آهى مصر كلها بقت مليم افندى وباسم افندى ورمضان افندى ع القدس رايحين شهداء بالملايين، يمكن ربنا يكرمهم بشغل ف السفارة الأمريكانى بتاعة القدس……….وفى الآخر البوكس هايلمنا كلنا.!!!




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى