كتّاب

قال لي زميل تونسي:…


قال لي زميل تونسي:
رائع ما فعله قيس بن سعيد، خلصنا من الإسلاميين اللصوص.

سألته:
وماذا عن الديموقراطية؟
أجاب منتشيا:
الديموقراطية قائمة لا غبار عليها

كان منتشيا وسعيدا، ووجدتني أشاركه سعادته. إلى أن قلت له وهو يهم بالمغادرة بعد “نقاش حالة”:
ما الذي سيحدث غدا في تونس؟
أجاب متعجلا:
ستعود الحياة والديموقراطية من جديد
– وماذا عن الإسلاميين؟
– لا مكان لهم في تونس
– أعني ماذا لو خرجوا غدا من منازلهم واقترعوا وفازوا؟
– لن نسمح لهم بالعودة بعد الآن، جربناهم وعرفنا حقيقتهم
– ومن الذي سيمنعهم؟
– نحن، الشعب التونسي، والجيش
– وماذا لو حصلوا على أحكام قضائية تسمح لهم بخوض الانتخابات
– قضائية؟
– نعم، أحكام قضائية
– القضاء لن يسمح لهم، ولن يسمح لهم الجيش
– ولكن القضاء في الدول الديموقراطية مستقل عن الصراع السياسي، ولا توجد في النظام العدلي الراهن قواعد وقوانين تحظر الديموقراطية عن قطاع من الناس لأسباب إيديولوجية.
– (مرتبكا) القوانين لا بد أن تتغير. سنمنع قيام الأحزاب الدينية
-وماذا لو جاؤوا بعد غد وقدموا برنامجا علمانيا كما حدث في تركيا
– سنكتشفهم، نعرف رموزهم وحقيقتهم
– ولكن القضاء يستند إلى معطيات ووقائع، وبمقدورهم القفز على العائق القضائي ببساطة والعودة إلى السياسة
– سنجد طريقة لمنعهم، سنمنع عودتهم إلى البرلمان. أو سيغير
الجيش القوانين. الجيش حامي البلاد
– إذا لامس الجيش القوانين تفقد الدولة صفتها الديموقراطية. هل ثمن إخراج الإخوان من الديموقراطية هو الديموقراطية نفسها؟

ثم قلت، محاولا إخراجه من الورطة:
الديموقراطية القائمة على الاستثناءات ليست مثالا لأي ديموقراطية. وإذا ما خضع نظام العدالة لرؤية أو تأثير من خارجه يصبح جهازا فاشيا لا علاقة له بالعدالة، ومعه تفقد الدولة صفتها كدولة قانون. أي تنهار الديموقراطية كليا

أجاب:
ولكنهم لصوص وإرهابيون، الشعب التونسي يعرف حقيقتهم، والديموقراطية لا بد أن تفعل شيئا.
– الديموقراطية لا تفعل شيئا إلا من خلال نظام العدالة، والعدالة محايدة سياسيا. أمام نظام العدالة عليك أن تقدم حقائق لا ظنون، ومواد لا شكوك، وجداول لا خطابات.
– ماذا تريد أن تقول؟
– لا شيء. فقط إن تونس دخلت في ورطة اسمها الديموقراطية. والديموقراطبة لعبة مركبة، غير شخصية، شرطها الأساسي:
Take it, or leave it
خذها كلها، أو اتركها كلها. وكما ترى: الديموقراطية ليست بالأماني

تلفت حوله ثم قال متسائلا:
ما الحل إذن مع هؤلاء المجرمين؟
أجبته:
لا أدري، ربما بالمزيد من الديمرقراطية، بالتجربة والخطأ واستبعاد الخطأ.
– ولكن الإسلاميين يخربون الديموقراطية من داخلها
– والعسكر يقوضونها من خارجها
– صدقني، الشعب التونسي لن يسكت بعد الآن
– بالأمس قال الغنوشي إن الشعب التونسي لن يسكت بعد الآن

صمت لوهلة، تلفت وقلب يديه والأوراق لتي يحملها
قال:
– مأزق كبير يا دكتور عبد الغفور
– شفت كيف؟
– بالفعل

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى