كتّاب

في رام الله قال لي أحدهم: في الثمانينات، وأنا في المدرسة، كان الإسرائيليون يمنعو…


في رام الله قال لي أحدهم: في الثمانينات، وأنا في المدرسة، كان الإسرائيليون يمنعون بيع الأقمشة التي تحمل أحد ألوان علم فلسطين. اختفى الأخضر والأحمر. استطعت أن أحصل على ثلاث قطع قماش وبقي الأحمر، جلست أنتظر صدفة تكمل العلم. إلى أن حصلت عمّتي على هدية من أقاربنا في الأردن. جزء من فستانها (الهدية) كان أحمر اللون. أخذت المقص، قطعت الجزء الناقص وركضت إلى المدرسة.

الحقيقة أن إسرائيل، التي ترفض حتى رؤية العلم، استرخت فجأة مطلع التسعينات وسمحت بنشوء سلطة فلسطينية ضمن اتفاقية أوسلو. أبو عمار، المصنف إرهابياً لعشرات السنين، حصل على جائزة نوبل للسلام.
حدث هذا في سياق أراده الغرب: مقابل أن يساعده العرب على سحق العراق وإخراجه من العصر. ذلك هو الوعد الذي قدمته أميركا للعرب في جولاتها المكوكية قبل عاصفة الصحراء.

يستطيع العالم أن يرغم إسرائيل على احترام قوانينه، إن كان هناك من قوانين. الدول الخمس في مجلس الأمن تكرر مررا: نحن مع دولة فلسطينية. اعلنوها إذن! لماذا لا ترى هذه الدولة العلن؟

لنفترض أن أهل غزة هجروا إلى سيناء، وأن القطاع عاد إلى إسرائيل، هل ستنهون المسألة الفلسطينية؟

لنفترض أنكم قصفتم المقاومين بقنابل الغاز وقتلتموهم في الأنفاق، هل سيختفي الفلسطيني من الوجود؟ ألم تلاحظوا أن ال ١٤ مليون فلسطينياً صاروا ملياراً في الأشهر الماضية؟

المسرح الدولي يتغير، وهناك قوى جديدة جعلت من بريطانيا وفرنسا مجرد أقزام لا يصح وضعها في درجة المنافس أو الجدير بالمنافسة، كما قال الناطق باسم الحزب الشيوعي الصيني مؤخرا.

ستتغير القواعد والأحلاف، وستكتشفون أن حياة الفلسطيني تهم. ستفعلون ذلك حين تضطرون للبحث عن حلفاء وسوق ومادة. فعلتم ذلك مع أوكرانيا التي أوصدتم في وجهها الباب سنين طويلة. ثم اكتشفتم فجأة أنها عالية الأهمية. أنتم حمقى، كل شيء يقول إنكم حمقى تضحون بما هو استراتيجي لصالح ما هو تكتيكي. وضعتم الطاقة في يد روسيا والصناعة في يد الصين ثم اكتشفتم أنكم صرتم رهائن لدولتين طموحتين لا تشتركان معكم في قيمكم “الزائفة”. لانكم حمقى، جعلكم الاستهلاك قصيري النظر وانفعاليين بلا بصيرة.

عاشت فلسطين حرة.

م.غ.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫28 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى