كتّاب

حواديت بلدنا…


حواديت بلدنا

شيخ العرب همام ……………….
نذكركم دوما بأن ” كل” ماتقرأونه من تاريخ ماهو إلا تاريخ بعيون الآخرين، ذلك التاريخ الذى يمجد المحتل البدوى والمملوك اللوطى والغازى العثمانى، وأخيرا وجدنا الفنان القدير يحى الفخرانى يمجد الأمازيغى شيخ العرب همام، والأكثر إثارة للسخرية أن تجد مثقفا مسيحيا فى حجم لويس عوض ينبطح أمام بدوى أو بربرى منافقا للشيخ همام قائلا:
” ” أن هذه الثورة كانت مظهرا من مظاهر التحالف بين الفلاحين والبدو والمصريين فى عمل سياسى واحد، وأن ثورة همام كانت لها أهداف وطنية واجتماعية، أما الهدف الوطنى فهو استخلاص مصر من أيدى المماليك، أما الهدف الإجتماعى فكان تمليك الأرض للمصريين، وتوزيعها على الفلاحين!!!!!
” كتاب تاريخ الفكر المصري الحديث”.
لذى فمن الطبيعى أن يمجد فيه أيضا رفاعة الطهطاوى فهو فى النهاية بدوى مثله:
” و لما كانت الرعية لا تصلح أن تكون حاكمة ومحكومة وجب أن توكل عنها من تختاره منها للحكم وهذا هو مثل مصر في زمن حكم الهمامية فكانت إمارة الصعيد جمهورية التزامية.
” كتاب تخليص الابريز في تلخيص باريز ”
والحقيقة أن شيخ العرب همام كان يحتقر المصريين ويمنعهم من الإقتراب من مجلسه لمسافة أمتار، وحتى عندما يضطر للتحدث مع علج مصرى- علج هى التسمية التى أطلقها البدو على المصريين، وهو يعنى الآخر الحقير من غير العرب- طهر شيخ العرب وجهه ويديه بقطعة قطن ممزوجة بماء الورد، احتقارا وقرفا من جدنا الفلاح المصرى .!!!
وإليك- وحدك- يا الله- المشتكى من كتبة التاريخ المصريين ………..
قبائل الهوارة منتشرة فى شمال أفريقيا وربما كانت من الأمازيغ، وربما كانت بطن من قبيلة كندة العربية، ولكن الأكيد أنها من القبائل التى احتلت المحروسة مع الغزو البدوى لنا.
شيخ العرب يوسف الهوارى أنجب إبنه الأشهر “همام” سنة 1709 ، وكان الشيخ يوسف يمتلك محافظة قنا كلها تقريبا، وفى سنة 1763 يتولى زعامة القبيلة الشيخ همام، ويستطيع أن يمد نفوذه من المنيا حتى أسوان، بل توغل داخل حدود السودان أيضا، وكون جيشا ضخما من العبيد والأعراب والأشراف وكل الطوائف المغتصبة للحق المصرى.
فى تلك الفترة كان على بك الكبير هو شيخ البلد وحاكم مصر الفعلى، وفى مناوشات مستمرة مع باقى أمراء المماليك، فكانت الفرق الأضعف تهرب فى حماية شيخ العرب همام الذى كون جيشا صغيرا من المماليك الهاربين، وبثرائه الفاحش إستطاع أن يفتح قناة إتصال مباشرة بينه وبين السلطان العثمانى متخطيا الوالى فى القاهرة، فقد كان تحت يده ربع مليون فدان من المنيا لنهاية حدود مصر……….
“نذكركم فقط بأن أعظم ملوك الأسرة العلوية لم يكن يمتلك أكثر من 90 ألف فدان”
وهكذا انقسمت مصر إلى دولة مملوكية فى الشمال، تركية فى الأسكندرية، بدوية فى الصعيد، وتصبح المواجهة حتمية بين الخصوم.
همام كان يهتم كثيرا بالشكل الدينى، فأكثر من بناء المساجد وترميمها، وأقام علاقة قوية مع الشيخ الحفنى شيخ الأزهر، الذى دس له المماليك السم لصداقته للشيخ همام، وعين أحد خريجى الأزهر مفتى للإسلام فى فرشوط.
وبالطبع لم يستطع الأعراب الإغارة على أراضى الشيخ الواسعة، واهتم هو شخصيا بالترع والجسور ونظام الرى، وانتظم فى دفع الخراج.
سنة 1768 يرسل على بك الكبير ثلاثة جيوش لمحاربة الشيخ همام الذى رفض تسليم المماليك الهاربين إليه، وهى ذريعة على بك لبدء الحرب، وبالطبع تنتصر جيوش الدولة على جيش همام والمماليك الهاربين، ويتقدم محمد بك أبو الدهب إلى فرشوط عرين الشيخ، ولكنه يلجأ للحيلة، فيستميل إليه الشيخ اسماعيل الهوارى ابن عم همام ونسيبه، ويعده بزعامة الصعيد خلفا لابن عمه، وكانت هذه هى الضربة القاضية للشيخ العجوز، فقد خانه حتى أقرب الناس إليه ورجال ابن عمه بل والكثير من رجاله أيضا، فهرب ممرورا من عار الهزيمة وذل الأسر وخيانة الأقارب، ليموت فى إسنا سنة 1769 ، وبموته تنتهى آخر محاولة بدوية للسيطرة على المحروسة، وينفرد المماليك بالحكم بعد طرد الوالى العثمانى……….
نكمل معكم قصة على بك الكبير ابن القسيس الذى دمر دولة البدو فى مصر، ليصبح أول خليفة للمسلمين من المسيحيين ………..


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى