الأغنية التى كتبها بيرم وارتفعت بعبد الناصر فوق هامات زملاؤه الأحرار
جمال عبد الناصر هو المؤسس الحقيقي لتنظيم الضباط الأحرار – رغم محاولات البعض التشكيك فى ذلك- وهو الذى حدد اعضاءه وتركيبتهم المتنوعة، وكيف يجندهم فيه؟ وهو المخطط الحقيقي لتحركاته، وقامت الثورة ليلة 23 يوليو، وبتدبير من عبد الناصر أيضا وضع محمد نجيب كقائد للثورة فهو برتبة كبيرة هى اللواء، بينما كان معظم الضباط برتبة “بكباشى – مقدم”، مما يوحى بأن الثورة هى ثورة الجيش كله، وليس مجموعة صغيرة من الضباط الصغار، المهم بعد نجاح الثورة كان من الطبيعي أن يصبح محمد نجيب رئيسا لمجلس القيادة لحركة الضباط – اذ لم يطلق عليها ثورة إلا بعد ذلك بشهور- وجمال عبد الناصر نائبا له، وسعى عبد الناصر للحد من قوة نجيب بأن جعل القرارات فى المجلس بالاغلبية المطلقة دون حتى أن يرجح الجانب الذى فيه رئيس المجلس فى حال تساوى الأصوات،
المهم كان الناس يعرفون نجيب ويحبونه حبا هائلا كما يبدو من صور لقاءاته الجماهيرية، فالرجل له تاريخ وطنى معروف، فضلا عما يتمتع به من طيبة وبساطة وتلقائية وابتسامة تدخل به الى القلب مباشرة، وتولى نجيب رئاسة الوزارة بعد اقل من اربعين يوما من وزارة السياسي العتيد على ماهر، كانت وزارة نجيب الأولى لا تضم إلا وزراءا مدنيين، ولكن وزارته الثانية ضمت من الضباط الأحرار جمال عبد الناصر للداخلية وعبد اللطيف البغدادى للحربية وصلاح سالم للإرشاد القومى.
ولم يكن أحد من الناس يعرف الدور الكبير والمحورى الذى لعبه ومازال يلعبه جمال عبد الناصر إلا المقربين من مجلس قيادة الثورة، حتى أن سيد مرعي يقول فى مذكراته: “من القرية إلى الأصلاح” أنه دعى مع رئيس الهيئة السعدية للجنة تطهير الأحزاب، واستعجب من هذا الضابط الصغير الذى يجلس بجوار نجيب، فيشخط وينتر ويعلو صوته ويدق على المائدة ثم يعلن انتهاء المقابلة، ويقول: قابلت وأنا اخرج متعجبا زكريا محيي الدين الذى اعرفة لصلات عائلية، فسألته عن هذا الضابط فأجاب: ألا تعرفه؟؟ إنه جمال عبد الناصر
وحول نظام الحكم انقسم الضباط إلى فريقين: فريق يرى ضرورة العودة للحياة الدستورية المدنية وعودة الضباط الى ثكناتهم أو استقالتهم من الجيش وتكوين حزب سياسي كأى حزب آخر وكان من هؤلاء نجيب ويوسف صديق وخالد محيى الدين، بينما كان عبد الناصر وبقية الضباط من الفريق الذى يرى ضرورة البقاء فى السلطة، وراحت الأحداث تتصاعد حتى وصلت إلى حدد الأزمة بين الفريقين فيما سمى بأزمة مارس 1954، وأنا لا أريد أن أطيل عليكم أو أخرج عن موضوعى، انتهت أزمة مارس بتولى نجيب رئاسة الجمهورية كما كان من قبل، وتولى ناصر رئاسة مجلس الوزراء فى وزارة ضمت من الضباط حسين الشافعى وزكريا محيى الدين وجمال وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادى وكمال الدين حسين وحسن ابراهيم، وحتى هنا وعلى الرغم من اعتراف دوائر السلطة والنظام بحقيقة دور جمال عبد الناصر ومكانته إلا أنه ظل واحدا من الأحرار كلهم، ولم يكن هناك مبررا لإعتباره الواحد أو الوحيد، أو الأكبر أو الأهم، ومن هنا كانت الأغنيات الوطنية تشيد بالثورة والعهد الجديد دون ذكر واحد بعينه من الأحرار فقنديل يغنى: ع الدوار راديو بلدنا فيه أخبار، وتغنى المجموعة: فدادين خمسة، وتغنى ليلي مراد: بالاتحاد والنظام والعمل
وفى يوم الثلاثاء 26 أكتوبر 1954، وبينما عبد الناصر يتحدث كرئيس للوزراء فى احتفال جماهيرى بميدان المنشية بالأسكندرية، أطلق الإخوانى محمود عبد اللطيف، عليه ثمانى طلقات نارية، سمعها الناس جميعا مباشرة عبر الإذاعة، وسمعوا عبرها اشتعال حماس عبد الناصر وهو يقول: فليبق كل فى مكانه، دمى فداء لكم، فإنه إذا مات جمال عبد الناصر فكلكم جمال عبد الناصر
وفى نفس اليوم 26 أكتوبر طلبت أم كلثوم من بيرم التونسي ورياض السنباطى أن يوافوها فى فيلتها فى الزمالك، وفى المساء كانت قد وضعت الخطوط العريضة لأغنيتها، ويدوبك تلات أيام حفظت الفرقة اللحن وأعلنت وسائل الإعلام عن حفلة أم كلثوم فى نادى الضباط بالزمالك مساء يوم السبت 30 أكتوبر، وفى شوق جماهيرى راحت أم كلثوم تبدأ أغنيتها با سم جمال: “يا جمال يا مثال الوطنية/ أجمل أعيادنا المصرية/ بنجاتك يوم المنشية/ ردوا ردواعليا ردوا عليا”.. فتشتعل الجماهير حماسا وترد: أجمل أعيادنا المصرية بنجاتك يوم المنشية
ولاحظ هنا جبروت بيرم وهو يبدأ اغنيته منا ديا “ياجمال” وجبروت السنباطى وهو يدعو الجماهير لكى يكونوا كورس للأغنية.. “ردوا عليا”
بعدها لم يعد بمقدور أحد من الضباط أن يقف فى وجه عبد الناصر، أصبح من السهل عليه أن يعزل الرئيس نجيب ويعتقله إلى نهاية عمره، ويحل مجلس قيادة الثورة، ويصبح هو الزعيم الوحيد وتتغني باسماءه معظم الأغانى الوطنية: جمال وأبو خالد وناصر وريسنا وقائدنا وبطلنا” ويصبح ثوار يوليو مجرد أدوات لعبد الناصر يبقي بجواره من يريد ويريح ويعزل من يريد
والأغنية على يوتيوب لمن يحب أن يسمعها…
يسعد أوقاتكم
يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات
