احذروا غليان الشارع
شريف الشوباشى
فى 10 نوفمبر 2010 كتبت فى هذا المكان حرفيا: ” ألا تدرك حكومة نظيف أن من مصلحتها ومن مصحلة الجميع تهدئة الغليان الذى يسود بين فئات عديدة فى المجتمع ونزع فتيل الغضب والاحتقان فى الشارع المصرى؟”
وأنا لا أدعى أننى كنت أتوقع اندلاع ثورة 25 يناير العظيمة التى قامت ضد حكم الفرد وضد هيمنة الأغنياء على مقدرات الشعب لكنى كنت استشعر لدى كتابة هذه السطور قبل الثورة بشهرين أن الشعب المصرى قد فاض به الكيل ولم يعد يطيق الظلم وحياة الاستكانة. كنت أحس كغيرى أن الشعب المصرى نضج خلال العقود الماضية ولم يعد يتقبل أن تضحك عليه السلطة وتخدعه بالتصريحات المخدرة والوعود البراقة. كان قد تنامى لدى شعور داخلى بأن البلاد حبلى بتغيير كبير لكنه لم يكن بوسعى أن أتخيل ما هو. وكانت ثورة 25 يناير التى أثبتت أن الشعب المصرى حمول وصبور كالجمال لكنه كالجمال أيضا عندما ينفجر يكون كالبركان الهادر ومن الصعب على أى قوة أن توقفه.
واليوم وبعد قرابة عامين من نجاح الثورة وتولى سلطة جديدة كان زعماؤها يُلقون أحيانا فى السجون ويُتركون أحيانا يمارسون دعوتهم بشرط عدم التعرض للسياسة، اليوم يحق لنا أن نتساءل: هل تغيرت حياة الناس اليومية للأحسن؟ هل الإنسان المصرى أكثر سعادة الآن بعد الثورة؟ هل يشعر بالأمل والتفاؤل وبإمكانية غد أفضل بعد عقود من الكبت والامتيازات الفادحة والفقر والجهل وغياب أقل قدر من المساواة بين المواطنين؟
الإجابة التى أقولها بالفم المليان هى: “لا”. بل أضيف أن مشكلات الشعب قد تفاقمت وارتفعت الأسعار بصورة جنونية وزادت البطالة وأصيب الجميع بخيبة الأمل والإحباط وصارت مشاعر القلق والخوف من المستقبل هى المسيطرة على المواطن البسيط وغير البسيط.
وقد وصل الأمر إلى أن البعض صار يردد أن أيام مبارك كانت أفضل ويتمنى صراحة عودة النظام السابق، وهذا فى رأيى كلام مرفوض وخطير. فهذا معناه أنه محكوم على الشعب المصرى أن يختار بين دولة بوليسية يُطحن فيها الضعفاء والفقراء وبين دولة تقوم على مرجعية دينية تقمع فيها الحريات باسم الدين والإسلام برىء من تلك المفاهيم.. معناه أن قدر مصر يقضى بأن تخرج من نظام فاسد لا يتمتع بأية شرعية مستمدة من الشعب لتجد نفسها تحت مظلة نظام ينبنى على مفهوم منغلق للدين يستلهم قوانينه وقواعد التعامل فيه من تفسير قاصر ومحدود للقرآن والسنة؟
هل محكوم علينا أن نختار بين نظام دكتاتورى عسكرى ونظام شمولى دينى؟ ألا يوجد طريق ثالث تحترم فيه آدمية المواطن المصرى ويشعر أنه يمتلك مصيره وأنه قادر على تغيير مستقبله بيده ويصير المجتمع محكوما بقوانين ومبادىء تتلائم مع القرن الحادى والعشرين مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير؟ متى يكون لدينا مثل باقى الدول المتقدمة والصاعدة حياة سياسية مستقرة بها توجهات واضحة ورؤية للمستقبل وبرامج اقتصادية واجتماعية وبها أحزاب تمثل التوجهين اللذين يحكمان العالم اليوم وهما اليمين المعتدل واليسار المعتدل؟
من يسير فى الشارع المصرى الآن ينتابه شعور بالجزع. أصبحت أكوام القمامة والقاذورات جزء من المشهد المعتاد وأصبح الناس يألفون ويتقبلون مظاهر القبح والفوضى ويعتبرون الصراخ والشتائم والتحرش بالفتيات والسيدات أمرا عاديا لا غبار عليه. وعندما تركز فى عيون الناس تشعر أنه تنبعث منها مشاعر غضب كامن وحيرة بسبب العجز عن تلبية أبسط احتياجات الحياة بعد عقود من نظام تعليمى فاسد وإعلام رسمى وغير رسمى اضطلع بمهمة تخريب العقول ولا زال يقوم بدور إثارة البلبلة والفرقة ويغذى نزعات التطرف والغلو وكراهية الآخر. الفارق بين اليوم وما قبل 25 يناير 2011 هو اختفاء الشعور بالعجز وقلة الحيلة، فقد تولد الوعى لدى المواطن العادى بأنه قادر على تغيير الواقع والإطاحة بالسلطان.
مصر العظيمة تستحق أفضل من هذا بكثير. فاحذروا غضب الشعب.. احذروا غليان الشارع.
يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات
لاشك اننا في اسوء ايام تعيشها مصر , هذا المقال يا د.شريف ما كان ليمر دون اتخاذ اجراء المنع من سلطة غاشمة لا تري سوي مصالحها الدنيئة الشرهة لالتهام البلد , انهم يطيحون بكل قامة عالية و ياتون بسفلة المخلوقات لتبوء كل منصب , تحياتي و خالص محبتي واحترامي لحضرتك
اسمح لي بنشر المقال علي صفحتي يا دكتور الحاقا ب بوست الامس عندي
مقالة رائعة . حضرتك الرابح حين تركت الأهرام .
شكرا جزيلا دكتور عاطف نجيب على رأيك الجرىء وطبعا يسعدنى جدا أن تنشر المقال على صفحتك ويهمنى أن يقرأه أكبر عدد ممكن من الناس
أشكرك أستاذة شيرين وأنا فعلا ألمحت لهذا فى المقال حين قلت أنى أترك السفينة وهى تغير مسارها فى اتجاه لا يتوافق مع مبادئى..
شكرا على تعليقك أستاذ شعبان وعلى تعليقاتك السابقة
انت محترم وكاتب اعتز به ولاتحزن حقك محفوظ وكرامتك فوق الصغار
أشكرك على هذه الكلمات التى أثلجت صدرى أستاذ عبد الله نصار
sans doute c’est al ahram qui a diminue de valeur et bientot ses lecteurs
merci ma chère Hala.. l’Egypte a bien changé depuis ton départ.. en pire
لو حضرتك قدمت كتاباتك في قصص صغيرة هتكون ضربة قوية لاعداء الثقافة والتنوير طبعا علي الفيس بووك انا متاكد
Ya Cherif, il ne faut pas etre si naif et croire qu’apres la revolution on aura la liberte qu’on a reclame, malheureusement ces gens la ne comprennent que leur langage et n’acceptent pas qu’on leur montre la verite…c’est vraiment triste que notre pays soit reduit a ca!
I read in the Fagr how you were treated by the Ahram because of your article. Where can I get hold of the article that’s been banned? I do hope that, like Ahmed Abdel Mo’oty Hegazy,you’ll join the Al Masry El Youm and that you don’t give up on Egypt. We are still keeping our fingers crossed that we’ll be able to overcome the ideology of the Salafis and the Brotherhood for the sake of all the Egyptians.
hi dear Patrick Karim Salem Paraskevas, thank u for ur comment. the article has been published in al fagr. i’m writing a book now and i am taking a little break/ thanx again
كلام مهم جدا استاد شريف ربنا يستر على مصر
شكرا جزيلا للتحليل الصادق والمين للحاله التى يعيشها الشعب المصرى قبل وبعد 25 يناير وكانك يا ابو زيد ما غزيت مر ما يقارب سنتين ونحن لبن طوائف وفئات ومؤسسات كانت محل التقدير والاحترام وتغولت وطالبت بالامر تنفيذ المزايا التى نالت عليها فى زمن غابت عنه الشرعية والكل ترك البلد مصر تهوى للهاوية مقابل مطالب رخيصة حفاظ على مكاسب ومزايا واصبحت كل فئة دولة داخل الدولة حتى من كان الحاكم السابق يقيلهم او ينزع عنهم الابهة طالت اعناقهم وتطاولوا واساءوا لكل القيم والمبادىء والتهديدات بالاعتصام والتوقف عن اعمالهم المفترض انها امانة للوطن والمواطنين ولكن الكل اصبح سواء فى التخريب لمصر الماضى والتاريخ وكل منهم اصبح نارون يحرق بلاده والسلام
شكرا الفنان عبد الرازق عكاشة ولم أكن أتخيل ألا أكتب فى الأهرام لكنى اليوم مرتاح لذلك لأننى لا أريد أن أكتب فى صحيفة إخوانية
شكرا أستاذ محمود شلتوت على تعليقكم الذى اتفق معه تماما
Chérif, je ne savais pas que t’as quitté Al Ahram… Dommage pour eux… Je suis curieuse de voir cet article qui a déclenché la crise… T’aurais le lien dans Al Fagr ??
الكاتب والمفكر السياسي الكبير شريف الشوباشي أشكرك علي يحثك للأحداث !!! لاأدري كيف أقول من خلال تحليلك السلس للأحداث وقد قدمت صورة كاملة ونحن علي مشارف عامين ولكن أريد أن أقول كلمة تألمين كل يوم للمشهد التي تعيشة مصر وسط طوفان من الدوامات /ن بلاغات كيدة لفتاوي لكل من هب ودب وردح علي الفنوات الفضائية وعلي صفحات الصحف الصفراء التي أصبحت فيروسات في المجتمع المصري وفقدان الهوية والانتماء الوطني ( نحن في أحتياج إلي ثورة أخلاق )