كتّاب

احتفظوا بهذه الوثيقة، حتى لا ننسى….


احتفظوا بهذه الوثيقة، حتى لا ننسى.
ــــــ

من تفكيك الدولة إلى تفخيخ الأرض.
الحوثيون، مسيرة البرابرة.
مروان الغفوري
ـــــــ

في الأيام القليلة الماضية حاول الحوثيون السيطرة على مرتفعات صغيرة إلى الخلف من جبل صبر في تعز. قدموا إلى المنطقة تلك عبر طريق وعر يلتف حول خاصرة الجبل من جهة الشرق. استمرت المعركة على تلك المرتفعات ليلة كاملة وخسرها الحوثيون. أولى غنائم المقاومة تمثلت في كومة كبيرة من الألغام. جاء الحوثيون لزراعة الألغام، كعادتهم.

في أبعد بقعة ممكنة يزرع الحوثيون الألغام، صاروا يستخدمونها كالبندقية. خبراء أمنيون من عدن قالوا قبل ثلاثة أشهُر إن التصميم الفني للألغام محلية الصنع التي يستخدمها الحوثيون يشبه التصميمات التي يستخدمها تنظيم القاعدة. يصنع الحوثيون الألغام بإشراف من رجال صالح، لكنهم يستخدمون في الغالب ألغاماً روسية الصنع.

يخوض الحوثيون حرباً في كل الجهات على تراب اليمن، ويحملون معهم الألغام في كل خطوط النار. قبل أربعة أيام اطلعت على رسالة من قائد عسكري رفيع، يعمل ضمن المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، تتعلق بطبيعة المشهد في الجبهة الشرقية لتعز. قال في رسالته: “خدمت في الجيش ٣٧ عاماً، لم أكن أعلم أن اليمن يملك كل ذلك القدر من الألغام”.
زرع الحوثيون ألغامهم في كل مكان تقريباً. حدث ما هو أسوأ من زراعة الألغام. فقد لقي الكثيرون من فلاحي الألغام حتفهم في تلك الحرب، وماتوا مع أسرارهم. في مصادفة لا تتكرر كثيراً حصلت مقاومة الوازعية، غرب تعز، على جثث الحوثيين وخرائط يدوية لحقول الألغام. يموت غالبية فلاحي الألغام الحوثيون بلا خرائط، ويتركون خلفهم موتاً ممتداً لمئات السنين. عبد الملك الحوثي، القائد الديني للجماعة، يزعم أنه يحارب إسرائيل بينما هو يرزع الألغام في قرى اليمنيين، وفي كل الجهات.

أحد العاملين العسكريين في قطاع نزع الألغام في عدن قال للصحفية أيونا كريغ، في أغسطس الماضي، إن المعضلة الراهنة أكثر تعقيداً من خارطة الألغام التي زرعت في حرب ٩٤ بين الشطرين، وما قبل ذلك من خرائط. حالياً، كما يقول، زرعت الألغام بشكل عشوائي وبلا خارطة عسكرية.
السلطات في عدن قدرت عدد الألغام ب”١٥٠ ألفاً”. بحسب تلك المصادر فهم بحاجة إلى فترة زمنية قد تصل إلى ثمانية أعوام.

انهزم الحوثيون في الحرب الدائرة في اليمن، وزرعوا الألغام. يفعلون ذلك ليؤخروا الهزيمة وحسب، كما يذهب الكاتب نائف حسان. في سبتمبر الفائت قالت “هيومن رايتس ووتش” إنها لم تعثر على أي أدلة تشير إلى أن قوات التحالف أو المقاومة الجنوبية استخدمت ألغاماً. اليمن، كسائر الدول، وقعت على اتفاقيات حظر استخدام الألغام المضادة للأفراد. لكن الحوثيين يثبتون، على الدوام، أنهم بلا مرجعية وطنية ولا مشروعية قانونية، وأنهم لا يمثلون أي أخلاق.

في أكتوبر الماضي قال رئيس تحالف قبائل مأرب لصحيفة عكاظ إن التحالف يعمل على استخراج ١٧ ألف لغم من تخوم مأرب. الطريق إلى صنعاء أكثر رعباً، فقد زرع فيه الحوثيون ما بقي القدر الأكبر من جبل الجليد. ثمة معلومات تواترت في الأيام الماضية عن استخدام الحوثيين للورش الفنية التي تعمل في المدن لأجل تصنيع الألغام. كما قاموا، وفقاً لتقارير صحفية محلية، بنهب مخازن البارود في مصانع الإسمنت. يصنع الحوثيون الألغام على نحو متزايد وبسرعة تتناسب مع خسارتهم للحرب، وفقدانهم لمخازن الذخيرة.

يغرق اليمن، ببطء شديد، في نهر من الألغام، ويموت أصحاب السر. تستطيع كاسحات الألغام أن تساعد في تصفية المدن، كما فعلت في عدن. منظر الحوثيين وهم يحملون الألغام ليزرعوها في جبل صبر كان مخيفاً. فقد عثرت مقاومة الجبل، طبقاً لتقرير محلية عديدة، على عدد يقترب من ١٧٠٠ لغماً. ليس بمقدور كاسحات الألغام المُستعارة أن تجوب جبال اليمن بحثاً عن الألغام. عوضاً عن ذلك ستكتشفها أقدام النساء والأطفال، وستتراكم المصائب على اليمنيين على مر الأيام. تلك واحدة من هدايا الحوثي، نجل النبي كما يقدم نفسه.

خلال الربع قرن الأخير سقط في اليمن، بحسب مصادر رسمية، حوالي خسمون ألف ضحية بفعل الألغام، منهم ٩٦٪ من الأطفال. يزرع أقلية من اليمنيين ألغاماً تستهدف الأكثرية. يحدث ذلك منذ منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، وكان للعقيد القذافي دور في تغذية تلك الحديقة بأرقام قياسية. الأمر الذي دفع محامياً يمنياً معروفاً إلى رفع دعوى “تخريب” ضد الرئيس الليبي في العام ٢٠٠٧.

المشهد يبدو الآن أكثر مأساوية. فقد نقلت الصحفية أيونا كريغ عن صلاح عُمر، رئيس مركز نزع الألغام في عدن، قوله “بعض تلك الألغام صممت للإعاقة لا للقتل. إذا أصبت ستعاني إلى الأبد. إنها عملية بلا أدنى قدر من الرحمة”.

في أكتوبر الماضي دخلت قوات التحالف جزيرة ميون، وهي جزيرة صغيرة على ممر الملاحة الدولية. احتلها الحوثيون ولغموها. نقل تلفزيون العربية صوراً لأكوام من الألغام استخرجتها قوات التحالف. كانت كمية تكفي لقلب الجزيرة رأساً على عقب.

صالح، الرجل الذي يقود العمليات العسكرية فعلياً، هو رجل عسكري قادم من زمن الألغام. تسكن الألغام في ضميره وتفكيره العسكري، وهو يعتقد دائماً أن بمقدوره أن يخوض الحروب لأن الحرب في اليمن لا تصنع هزائم ولا انتصارات بل تنازلات وتسويات. ينتمي صالح إلى التفكير القائل إن الحرب ليست سوى عملية سياسية خشنة.

بعد حرب صعدة السادسة ألقى صالح خطاباً أمام ضباط الكلية الحربية في صنعاء. قال إنه ليس من المنطقي أن يفكروا برفاقهم الذين قتلوا بل بمقدار ما اكتسبوه من خبرة في القتال. يعرف صالح إنه يواجه قوة كبيرة قد لا تقبل بنتائج غير حاسمة. لكي يجعل صالح النتائج غير حاسمة، ويدفع الحرب في اتجاه آخر أعطى توجيهاته برزاعة الألغام في كل مكان. بالنسبة لصالح فلا يهم كم سيهلك من البشر، طبقاً لكلماته هو، بل في النتائج المترتبة على موتهم.

الطريق الإسفلتي الواصل بين تعز وعدن حفره الحوثيون وزرعوه بالألغام، وانتشروا على الجبال. زرعوا الجبال والجزر والأسفلت والمنازل والمدارس بالألغام. فخخوا كل شيء، صارت اليمن فخاً كبيراً سينفجر على ببطء على مدى عشرات السنين وسيراكم الضحايا والجرائم.

تلك هي أفكار صالح: حرب استنزاف، وحدائق ألغام، وإنهاك لكل الأطراف واستخدام كل ذلك لإيجاد تسوية سياسية تحترم شروطه. شروط صالح، كعادته، لن تحقق سوى سلام هش يُبقي كل شروط الانهيار والحروب والفوضى قائمة.

اليمن بلد مفخخ، بالمعنى العملي للكلمة. السلطات الطبية في عدن قالت إنها سجلت خلال شهر واحد، من منتصف يوليو حتى منتصف أغسطس، ٩٨ قتيلاً و٣٣٢ جريحاً بسبب الألغام المزروعة في ثلاث محافظات جنوبية. الإمكانيات الطبية الهشة تفاقم الكارثة.

يتذكر العالم كيف أطلق الحوثيون الصواريخ على قوارب الهاربين من حي التواهي باتجاه البريقة. كان مشهداً بشعاً ينتمي إلى مناظر حروب القرون الوسطى. تناثرت في زوايا المشهد جثث القتلى من النساء والأطفال والشيوخ وتوزعت على سطح بحر عدن الصافي. غير أن تلك الصورة ليست هي الأكثر وحشية للحركة الحوثية. فقد زرعوا موتاً بطيئاً على كل التراب الوطني، من جزيرة ميون على البحر، وحتى تلك المرتقعات الصغيرة التي تقع إلى الخلف من جبل صبر، في نجد قسيم.

فكك الحوثيون اليمن، ثم فخخوها. تلك هي الجريمة التاريخية الأكبر في تاريخ جماعة دينية طائفية لم تعرف الأخلاق قط. أما صالح، فمن سيغفر له من اليمنيين؟

م. غ.

ـــــ

المقالة منشورة في صحيفة الوطن القطرية.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫46 تعليقات

  1. من مصلحة الهضبه اتساع الهوه بين تعز والجنوب وينفذ هذه الاجنده كل اذناب الهضبه والحراك المتطرف ويساعدهم على ترويج هذه الاجنده بعض المتثيقفون والكثيييير من السذج . هدف الهضبه حالياً هو الحفاظ على هيمنتهم التاريخيه لأراضي الجمهوريه العربيه اليمنيه بعد ان فقدوا الجنوب .

  2. المدرسة التي أعمل فيها زرعت ساحتها ألغام وخلف أسوارها ألغام بطريقة انتقامية حاقدة ..
    لم نستطع دخولها إلا في هذا الأسبوع وممارسة عملنا فيها ..

    جماعة فكرها ملغم ..

  3. العقول الملغمة بالوهم ، والمفخخة بالتيه والفراغ ، وكم هائل من السوء ، تعود لتفخيخ الأرض وتلغيم التراب ..

    لكن التراب يعود من جديد ، لينبت حسنا
    فيما اولئك حتى لو لم يرحلوا ، فإنهم يستمروا في الموت وهم على قيد الحياة !

  4. عندما يفقذ المثقفين بوصلتهم
    او يستبدولها ببوصله لاوطنيه
    سحن طائفي وعنصريه لن تنفع بشئ غير تمزيق الممزق لصالح قوى اقليميه واعداء تاريخيين
    بسبب الغفوري ومن معه من المثقفين
    يضيع الوطن والهويه وتستمر الاحروب والتمزقات
    يتوه جيلا كاملا بسببهم ..

  5. المقال مش من مستواك الادبي اللي تعودنا عليه .
    بحثا عن الالغام ، يحملون الالغام ، نهر من الالغام ،كاسحات الالغام ……. هذا من مقطع واحد :)

  6. ومع هذا كله تقف الامم المتحده التي تخلت عن حياديتها واخلاقها وانسانيتها وكل الرعاه الدوليين للمؤامره الكبرى على اليمن وشعبه مع اشباه البشر القتله والمجرمين وفلاحي الالغام كما وصفتهم بجداره وتغض الطرف عن كل جرائم الحرب والاباده الجماعيه التي تمارس على المدنيين العزل بل تدفع بالضحيه للركوع امام هذا الظلم والارهاب والجور والاستبداد في تقيا يجب التفاوض والحوار مع القتله والمجرمين بل ان التبشع من هذا وذاك بالقول يجب ان يكون لهم مكان في السلطه للحكم على مستقبل كل اليمنيين بالاعدام !!!!
    اللهم احفض المدنيين العزل من كل شر ومكروه يارب العالمين،اللهم عليك بالظالمين ومن معهم ومن يقف خلفهم فإنهم لا يعجزونك يا الله …،حسبنا الله ونعم الوكيل

  7. جماعة الحوثيين يحملون بذرة الموت والفناء في ذاتهم ،، فهم يشربون من بحر الموت بصرختهم كل يوم فماذا ننتظر من قوم درسوا الموت في مران وحملوا الألغام في تعز هههههه لن من وآرائهم غير الموت

  8. بعض الناس يستدلون بحادثه الشماليين في عدن ويقلك الحوثي افضل ياخي ايش من.دم تملك هؤلاءاء اعداءالانسانيه اعداء االعلم اعداء التقدم اعداءالدين والقران واسنه اعداء الطفوله والبراءه اعداء المساجد اعداء الثقافه اعداء المدنيه اعداء الظمير الحي اعداء الجمهوريه يقتلون اليمنين بحجج كاذبه مازالو يعيشون في الخرافه والاعتقاد وصكوك الغفران حقا اعداء الله هؤلاءاطفالهم لاتعرف المدارس بل تعرف المتارس ويمارسون القتل من الطفوله ولادو جيلا مشبع بالدم والتخلف والهمجيه والجهل تخيلو ينتصرو بالحرب كيف سيكون الوضع بعد سبع سنوات من حكمهم اليمن ستصبح صومال اخر لنكن منطقيين نحن متعلمين وهؤلاء رعاع يجب ان نقاومهم الى اخر رمق لكي يتسنى لنا العيش بحريه وكرامه ومدنيه وتحضر ونواكب الحضارات والتقدم على كل متعلم ومثقف ان يراجع ظميره ويترك الحزبيه والطائفيه جأنب ولينظر لهولاء من هم وماهم وماذأ فعلو بالوطن ومن اين افكارهم وما اساليبهم وما مؤهلاتهم العلميه لم ياتو ايلا بالقتل والدمار والتفخيخ والتفجير ونسف البيوت وتدمير المدن التي كانت تشهد على قليل من التحضر هؤلاءجماعه تربت على الجهل والقتل والخيانه كانو.مستظعفين وبلادهم محرومه من كل شي مدينتهم صعده طينيه منازال قديمه كهوف خيام بفعل عفاش انتشرو الى المدن انبهرو واستغربو اغلبيتهم لايعرف التلفاز ولا الكمبيوتر ولا الملاعب ولاالحدائق كانو في ا صعده فكرهم منحصر بالسيد فقط عندما راءو كل هذأ ازدأد حقدهم لما لقوه من قبل من تهميش وشعورهم بالنقاصان فانقضو على كل ماهوجميل في وطني ودمروه انتقاما لتهميشهم وجهلهم فاردو تغطية النقص بقوة السلاح وقتل الخصوم بالله عليكم هل سمعتم بوزير من صعده خلال ثلاثه وثلاثون سنه لماذأ محافظه يعمها الجهل والتخلف فكيف نقبل بهم ليحكمونا وهم فاقدين الشي يجب ان يجمعوا هؤلاءاء في محميه ويعاد تاهيلهم وتعليمهم هؤلاءاء خرجو من معاناة الجهل والحرمان لاتدعوهم يفسدو في الارض

  9. صدقت يادكتور مرواان……….2011.عندما بدأ الحوثي بالزحف على المدن والمحافظات اليمنية.كانت مديرية / كشر ( حجور الشاام ) .محافظة حجة..
    هي احد المديريات العصية التي وقفت في وجه تلك المليشيات الغاشمة..وبحمد الله لم يتمكن الحوثيون من دخول المديرية ..ولكنهم وكالعادة .انتقموا من ابناء حجور اشد ٱنتقام وزرعوا في اطراف المديرية قرابة 3000 لغم..راح ضحيتها اكثر من عشرين قتيل..رجالأ ونسائاً وحتى الأطفاال..ومازالت مخاطر تلك الألغام مستمرة حتى الآن….وهذا شئ يعرفه كل ابناء حجور ومن حولهم من المديريات الأخرى

  10. احترام.. !
    تبقى يا دكتور بديعا. هكذا يجب على المثقف أن يناقش أمور مهمة ويبتعد عن الهرج التافه المشوه للقضايا الأساسية. لكن بلينا بنشطاء فيس بوك سطحيين
    وبسطحيتهم وبلبلتهم تنشق الصفوف.

  11. مديرية مشرعة وحدنان تعد أصغر مديرية في الجمهورية عند السيطرة على مستوصف حدنان عثر رجال المقاومة علي ١٨٠٠ لغم !!! عدد مساكن المديرية حسب اخر تعداد ٢٣٠٠ مسكن

  12. د. Marwan Al-Ghafory
    في رأي وهو ما ينسجم مع فحوى مقالك هذا ان الحوثي او الحوثية منذ بعد ثورة ٢٠١١ على الاقل هي اللغم الاكبر الذي زرعه عفاش في اليمن.. اصبح الحوثي اداة عفاش التي يدمر بها حاضر اليمن ولغمه الذي يفخخ مستقبل الاجيال.

  13. إزرع لـُغمـــا …..
    واحصُد من دمعِ الأرملةِ الثكلى إثمـــا .

    إزرع لـُغمـــا …..
    لن تحصُد إلا لعنات الشيخِ الأعمى .

    هل لكَ أمٌ ……
    توصيكَ بإلّا تفجع في طفلٍ أمّــــا…..

    هلّ لكَ زوجٌ ……
    توصيكَ بألّا تـُدخِلَ في بيتٍ غمّـــا .
    هل لك حُلمٌ ……
    يمنعُكَ بالّا تنزِعَ من شعبي حُلمَ ـــا ….

    لستُم بشراً ……
    إن البشريةَ إن قـُرِنت بجرائِمِكُم صارت عُظمــى ..

    زِدنا ظُلــمــا …..
    فالشعبُ سيبقى رُغــمَ فظاعتكم أسمــى …

    سيُحارِبُكم …..
    لو لم يبقى في جوفِ كنانتهِ إلا سهمـــا ……

    هيثم.الرصاص.tt
    18/11/2015م

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى