***الإصلاح الديني – مارتن لوثر **
.
* أمجد سيجري Amjad Sijary
.
فيلم أنميشن قصير و جميل من إنتاج ناشيونال جيوغرافيك قمت بترجمته لكم يتناول بشكل بسيط حكاية مارتن لوثر وحركته الإصلاحية التي أدت إلى إنقسام الكنيسة الكاثولكية وبروز البروتستانتية للإستمتاع بالفيلم يرجى قراءة ما كتبت لتحيط أكثر بما يذكره الفيلم .
مارتن لوثر من مواليد 1483 في أيسلبن ضمن ألمانيا اليوم من أسرة مسيحية كاثوليكية درس لوثر في ثلاثة مدارس وهي مانسفيلد ثم في ماغديبرغ وإيزنباخ.
درس الحقوق في جامعة إيرفورت تحقيقاً لرغبة والده لكنه أهمل دراسته حيث إعتبر القانون يمثل عدم اليقين لذلك إلتفت إلى اللاهوت والفلسفة .
أعطى إهتماماً خاصاً لفلسفة أرسطو و عدد من فلاسفة القرون الوسطى كغابرييل بيل والذين أثروا في فكره اللاهوتي وتحديداً من حيث التركيز على استخدام العقل في الدين لكن الفلسفة لم تكن مرضية لطموحاته وشعر أن العقل لا يستطيع أن يقود الناس إلى الله فالعقل يجد الإنسان غايته من خلاله في الحياة العملية فقط لذلك وجد أن المحبة هي من تقود إلى الله المحب والذي لعب الدور الاساسي في فكر لوثر اللاهوتي
وفي أحد الأيام نزلت صاعقة بالقرب منه خلال عاصفة رعدية أثناء عودته إلى الجامعة من منزل أبويه فصرخ مستجدياً القديسة آن ناذراً نفسه في حال نجى من هذه العاصفة بأنه سيغدو راهباً .
ترك كلية القانون وباع كتبه الدراسية ودخل دير الرهبنة الأوغسطينية مما أثار سخط والده عليه مع التنويه أن أحد أصدقائه عزى أن الإنتقال للرهبنة كان نتيجة حزنه الشديد على وفاة إثنين من أصدقائه .
حصل لوثر إجازة في دراسات الكتاب المقدس ثم نال الدكتوراه في أصول الدين والدكتوراه في الكتاب المقدس .
وفي العام 1516 تم إرسال مبعوث بابوي خاص إلى ألمانيا لبيع صكوك الغفران بغية جمع الأموال اللازمة لإعادة بناء كاتدرائية القديس بطرس في روما وفكرة صكوك الغفران (إندولجنتيا ، Indulgentia) تقول أن التوبة وحدها غير كافية لغسل الخطايا والغفران بل يجب أن تترافق مع أعمال صالحة من ضمنها التبرع للكنيسة بالمال وإثبات هذا التبرع عن طريق وثائق أو صكوك .
إحتج لوثر على بيع صكوك الغفران واعتبر أن الإيمان وحده كافي للتطهير وكتب إلى أسقفه رسالة معروفة بإسم الإطروحات الخمس والتسعين ومن أشهر القضايا المطروحة كانت رقم 86 وجاء فيها "لماذا يريد البابا بناء كاتدرائية القديس بطرس من مال الفقراء، بدلاً من ماله أو مال الفاتيكان الخاص؟"
وفي عام 1518 قام مجموعة من أصدقاء لوثر بترجمة الأطروحات الخمسة والتسعين من اللاتينية إلى الألمانية وطبعت ثم وُزعت النسخ على نطاق واسع كما حاضر بها لوثر بين حشود الطلاب في فيتنبرغ .
كانت زبدة دراساته أن الفساد في الكنيسة الكاثوليكية ناتج عن الدراسة الفاسدة للكتب المقدسة والتطهير يتم فقط بنعمة من الله وحده ولا حاجة لعمل أي فعل كتكفير كدفع المال مثلاً لنيل الغفران أي أن التطهير نعمة من الله وجاء عن طريق سر الفداء عندما حمل يسوع خطايا العالم وبين أن الفداء لا يمنح الغفران بل هو الغفران بذاته لذلك فإن المتطهر بنعمة المسيح يعيش الإيمان وينبثق عنه عمل صالح كثمرة ونتيجة أي تسقط معها فكرة الأخلاق الإنتهازية التي تلوثها الغايات والاهداف .
لم يرد مطران ماينز وماغديبرغ على رسالة لوثر التي طرح فيها القضايا الخمس والتسعين الخاصة به، ووجه البابا ليون العاشر أمراً لعدد من اللاهوتيين المختصين في إصلاح الهراطقة لمحاججة لوثر وعلى مدى ثلاث سنوات نشر هؤلاء اللاهوتين مقالات ضد لوثر لم يكن لها أي تأثير وأخيرا تم رفع دعوى قضائية ضده من قبل الراهب سلفستر مازوليني بتهمة الهرطقة حيث تم الإستماع إلى لوثر في أوغسبورغ في مبنى البرلمان هناك وأعلن لوثر خلال الجلسات أن البابوية غير منصوص عليها بالكتاب المقدس لم يتمكن الموفد البابوي من إعتقال لوثر لأن الحكومة ضمنت له الأمان رغم أن التعليمات تنص على إلقاء القبض عليه في حال رفض التنازل والإرتداد عن إطروحاته وفي 1521 أصدر البابا ليون العاشر مرسوما يقضي بالطرد والحرمان الكنسي للوثر .
في 1521 من نفس العام عُرض مارتن لوثر على مجلس ورمز في مدينة ورمز على نهر الراين حيث ضم المجلس قضاة من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية ، وترأس المجلس الإمبراطور نفسه. وكان سبب انعقاد المجمع الذي بدأ أعماله في 28 يناير وحتى 25 أيار ، على مناقشة القضايا الخمس والتسعين التي طرحها لوثر، وآلية تفعيل الحرم الكنسي عليها و حضور لوثر لهذا المجلس بعد أن حصل على صكّ أمان من الأمير فريدريك الثالث.
طالب المجلس لوثر بالإرتداد عن أفكاره لكنه ورفض الارتداد عنها وقال أنه "لا يجوز أن يكره بأن يعتقد ما هو ضد ضميره."
وانتهى المجلس بإدانة لوثر بوصفه خارجاً عن القانون، وحظر مؤلفاته، كما طالب باعتقاله بوصفه "زنديق سيء السمعة", كذلك فقد نصّ القرار على تجريم كل مواطن في ألمانيا يأوي لوثر أو يقدم له مساعدة، كما أهدر القرار دم لوثر بمعنى أن قتله العمد لن يتسبب بأي أثر قانوني على الفاعل .
قام الأمير فريدريك الثالث بنقل لوثر تحت حماية فرسان ملثمين إلى قلعة فرتبرغ بعد انفضاض مجلس ورمز. وخلال إقامته في القلعة ، ترجم لوثر العهد الجديد من اليونانية إلى اللغة الألمانية، ووضع عدداً من الكتب الجدليّة، كان من ضمنها كتاباً تهجم فيه على ألبريشت رئيس أساقفة ماينز، كما ألف كتباً أخرى في شرح مبدأ التطهير حيث اعتبر أن العمل الجيد الذي يقوم به المرء بهدف كسب أجر من الله هو خطيئة وبيّن أنّ كل البشر خطاؤون بالطبيعة، وأنه بدون نعمة الله، لا يمكن للإنسان أن يقوم بعمل صالح.
أثارت كتابات لوثر الكثير من الاضطرابات، لاسيّما في أوساط الرهبنة الأوغسطينية التي تخرج منها لوثر، والتي تمرد بها الرهبان فحطموا الأيقونات في الكنائس ومعلنين دعمهم لأفكار لوثر وشجبهم مجلس ورمز وعلى الرغم من نبذ لوثر للعنف، فإن مساعديه من الدعاة أمثال نيكولاس ستورش وأنصار الأنبياء تسفيكا، وتوماس منتزر، قاموا بتحريض الفلاحين الألمان خلال فترة 1524-1525 للثورة، و ارتكبت خلالها العديد من الفظائع، غالباً تحت اسم لوثر. كانت الثورات الفلاحيّة على نطاق صغير، أمراً منتشراً في ألمانيا خلال القرن الخامس عشر، لكن منشورات لوثر عن رفض التراتبية الهرمية في الكنيسة، وتكرار استخدام عبارات مثل حريّة وليبرالية، أجج اعتقاد الطبقات الفلاحيّة بأن لوثر سيدعم أي هجوم على الطبقات العليا بشكل عام. اندلعت ثورات في فرانكوفونيا، وشوابيا، وساكسونيا السفلى في عام 1524، وتحول الأمر إلى صدامات مسلحة أشبه بحرب.
في القرن السادس عشر انتشرت اللوثرية من ألمانيا إلى الدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا ولاتفيا وإستونيا وأيسلندا و انتشرت معها الطوائف الإصلاحية في ألمانيا و المجر وهولندا واسكتلندا وسويسرا وفرنسا من قبل الإصلاحيين مثل جون كالفن وهولدريش زوينجلي وجون نوكس بالتالي إنشقت الكنيسة الكاثولكية إلى بروتستانتية وكاثولكية و بدأ الانفصال السياسي لكنيسة إنجلترا عن بابا الفاتيكان في عهد الملك هنري الثامن وبدأت الكنيسة الأنجليكانية .
و البروتستانتية اليوم ثاني أكبر شكل للمسيحية بإجمالي 800 مليون إلى مليار شخص حوالي أي بنسبة 37 ٪ من إجمالي المسيحيين حول العالم.
ملاحظة : ينصح بمشاهدة الفيلم بدقة 360p أو أكثر وقلب الموبايل (تشغيل التدوير ) لأفضل عرض فلا يوجد مشكلة بإظهار الترجمة المشكلة فقط بحجم ودقة العرض .
أمجد سيجري | كاتب وناشط مجتمعي
