أرغب في ..
المكان الذي لا يفارقني هو قرية صغيرة على جبل صبر، اسمها الشراعب. قرية متناهية الصغر، لا تغيب عنها الشمس، منها خرجت شخصيات رواياتي كلها. اختلفت عليّ البلدان واللغات، كذا الأصول، غير أن قريتي بقيت كما هي: منها يخرج الدم وإليها يعود. قلب الحكاية والخيال، العصا الساحرة، واللغة الدفينة التي لا أحدث بها سوى الخاصة.
إذ أردتُّ أن أشعر بمعنى العالم أهاتف “بسّام”، شقيقي، وأقول له. أقول أي شيء ولا شيء، فقط أسمح لذلك الجمال المخبوء في اللغة الدفينة أن يقول. الجملة الفاحشة التي لم يعد استخدامها ممكناً، بسبب من سوء أخلاق العالم. المجاز البلدي الخشن، ما لا يمكن كتابته بسبب سوء الطالع، والكلمات العبقرية التي كنا نستعملها للحديث عن الشمس والحرب والوادي. أقول وأنسى أن أضحك كي لا تضيع مني الكلمات.
كنتُ مشروعاً لأبي، ولا أظنه قد اطمأن إلى ما بناه. بالأمس شرح لنا شكل القبر الذي يريده، ولم يقل شيئاً آخر لا الماضي ولا الآتي. سيخضع لعملية غاية في الخطورة، لم ينس أن ينصحني بالشكيمة والتواضع. كان يخشى عليّ من الحقد، وكنت أحسبُ أنه إنما يريد أن يأمن مني مستقبلاً، أن يجرّدني من سلاح الضعفاء، من فرسهم الوحيدة.
أرغب في استعادة لغتي ولم يعد ذلك ممكناً. أرغب في الماضي الذي أخذ شكل الريح، في القرية التي ذهبت وراء اللغة ولم نعرف لها طريقاً، في الكهول الذين قبل أن يذهبوا خلفوا أحفادا لا يعرفني منهم أحد.
أرغب في مدينتي الأمّ، تلك التي لم تكن سوى لغة. في الطريق الطويل، في الجدران التي تعلمنا على أحجارها كيف نكتب سباباً بليغاً، وكيف نقتُل بالمجاز. أرغب في المستقبل، وفي كل الماضي، في البلدان الرثة، النساء المنفتحات، الصبايا اللاتي بلا راعيّ، السيوف التي بلا جراب، القصائد التي قالها كل الناس، المجاز الخردة، اللعبة التي يأكل فيها الولد كل الأوراق، المطاعم التي تغسل الأطباق بمياه المطر، أرغب في مطر ينشع من جدران المنازل، في سحب كافرة، في الأصدقاء الذين يهزّون رؤوسهم كلما فتحت فمي، في عيدان البخور، في المرضى الذين يسخرون من تفاهة العلم، في علوم العامة، في النساء الواثقات من السر، في الجلوس إلى شيوخ القرى وهم يتحدثون عن عظمة العراق، في الموقّصين الفاشلين، في غداء على طريق المخا مع أول كهل في الدنيا قال لامرأة مشتعملي به.
أرغب في بلاد بلا عَلم، في راية على باب الفناء، أن أؤذّن في قرية تسمى فيها المرأة علي والرجل فاطمة، في مسجد على جبل، كنيسة على بحر، معبد فوق سفينة، وأربعة مدافع: من ماء ونار وتراب وحنطة. أرغب في الحرب الكبيرة التي خشيها الشيخ أحمد وانتظرها.
—-
مروان
يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات
كلام عظيم
لا أضن انني قرأت مثل هذا
اهنيك على موهبتك
جميل ما تكتبه انت عبقري في الكتابة رغم تخصصك العلمي والطبي
ارغب بمقابله مجنون في حاره الشماسي اضحك معه واضحك لتصرفه فيدعوني هو بالمجنون فتغتلط عليا الافكار …
فلا ادري من منا بالوصف المذكور
لكنها تعز حتى مجنونها اعقل من عقلاء مدن اخرى
تحياتي لك دكتور مروان
وان رغبت الان فلا ارغب سوا بأن اقابلك ذات يوم
منشورك كله فلفسه ؛؛! المفروض تكتب بدون تكلف أو فلفسه مادمت تتحدث عن الماضي والقرية القديمه !!!
الله يشفي والدك ويرزقه الصحة الدائمة .. القرية الأم جميله .. ولكنها لم تعد كما كانت فقد تغيرت احوالها ماعدا ثقافة اللغة .. يمكنك ان تتمنى العودة ولكن لايمكنك العيش فيها وانت بهذا العمر الذي اقتطف من الثقافات واللغات .. يكفيك ان القرية تفتخر بك وانت البعيد القريب .
كلام يابريطانيا
يووووه على الجمال ….
تمنياتنا لوالدك بنجاح العملية و الشفاء و العافية
الحنين الى الماضي
شفاه الله وعافاه
صباح الجمال والتغذية اللغوية والفكرية، دمت بخير ي دكتور❤️🥰
هذه الرغبه ستزول عندما تقطن القريه فقط عدة اشهر وستحن للغربه وللعيشة بين الترف والجمال الاشقر
شفاه الله وعافاه ولا أراكم فيه مكروه يارب…
روعاتك يا دكتور
مختصر كل هذه الكلمات يادكتور:
روح البلاد
الف سلامه للوالد و حفظك الرب و تعود لهذه القريه و ما حولها
من اجمل ما قرأت في هذا الاسبوع
الحياة رغبات كلها
الموت لها بالمرصاد
بديع 💐
نعم تعز هي البداية وهي النهاية
كم منزلٍ في الأرض يألفُه الفتى *** وحنينُــه أبــداً لأوّلِ منــــزلِ
صباح الخير عليك يادكتور 🌹
لا تشتاق ولا تسأل.
احمد الله على ما انت واتعوذ من اهل النار والشقاء.
الله يسعدك ويشفي والدكم شفاء لا يغادر سقما.
رائع
حلوه الشيوخ اللذين يتحدثون عن عظمة العراق .
هذا المقال ملخص لقصيدة شعرية ل نزار قباني
عنوانها : إلى أين يذهب موتى الوطن ؟؟؟
الله يشفي الوالد يارب
عظيما انت ياابن الحالمة
القرى تنتج واالمدن تستقبل
في الكهول الذين قبل أن يذهبوا خلفوا أحفادا لا يعرفني منهم أحد.
العافية والشفاء لوالدك، جمعك الله وأهلك و بلدتك على خير
شوقتنا لمعرفة تلك القرية وزيارتها يا بروف .
هل من مضيف ؟
رغبة شديدة لكل منهم في الخارج للعودة إلى القرى، ولهفة كبيرة للقرويين لمغادرتها.
كلما تعمق الإنسان بالتكنولوجيا والحضارة أكثر اشتاق لهدوء القرية وسكينتها.
كلمات صادقه معبره وجميله
دمت بخير
وشفا الله الوالد والصديق العزيز أحمد الغفوري
الله يطمنك عليه ويرزقك بره وطاعته
كلام جميل جدآ ..
مشتعملي به !!!
هذي حلوة
وجبة صباحية كاملة الجمال
طبعا يادكتور هذا الشعور مصاحب للانسان عندما يبلغ اكثر غاياته من الدنيا ويتمرق بالترف والنعم يحن الى الاحلام الرومانسيه الى القريه والوادي والجبل
لكن ااوكد لك اذا ذهبت الى القريه لن تستطيع المكوث اكثر من يومين الى اسبوع وتريد الغوده بسرعه الى اضواء المدينه ووجباتها السريعه
أشاطرك الرغبة والحنين
الله الله
نشاطرك هذه الرغبة الجامحة والحنين
ما اجمل كتاباتك عندما تكون حًل نفسك
نقراء بتامل ونتابعها في مخيلاتنا وكانها الحقيقه التي تعيش معنا في كل اللحظات
صباح الخير يا دكتور برائحة القرية
جميل جدا …الحنين الى الاصل
ماأجمل كتاباتك شفى الله والدكم
شفاه الله وعافاه و يخرج بالسلامه ان شاء الله
أقرأ لك و دوما ابحث عن ما أرى انه سيعيد ترتيب أوراقي أو سيولد شيء جديد .. الحنين هنا أجده برائحة الوزف و السمن في شعبة امطرتها السماء ليلا و كان لها موعد مع مهاجل الرعية.
حفظ الله الوالد واعادك الى ربا صبر سعيد
الف سلامات للولد ان شاء الله.. تلك الرغبات الدفينة إلى القرية و الحنين الدائم، ألم الروح وبلسمه. تلك الحكايا والصبايا والشيوخ والراعيات والشتيمات البليغة، سرنا المخبؤ المفضوح.
” لن تجبني إن أنا استفهمت يا روحي متى.. حُزني الان مصاب بالذهول”
.