كتّاب

نابليون فى مصر…


نابليون فى مصر

عندما هبط الجنود الفرنساو من السفن فى قرية أبو قير المصرية، تركها نابليون فى رعاية قائد الأسطول الأميرال ” بروى”، واحتل الأسكندرية وارتحل عنها فى 6 يوليو فى طريقه للقاهرة، ونجد فى الوثائق الفرنسية خطابا من نابليون للقائد كليبر حاكم الأسكندرية مؤرخ فى 27 يوليو يشكو فيه من أنه لم تصله أى أخبار عن الأسكندرية من 21 يوم، وهذا طبيعى لأن البدو قطعوا الطريق الصحراوى بين المدينتين، والرسل قد تم القبض عليهم فى الطريق، وظل ثلث الطاقم على الأقل يبحث يوميا عن ماء وزاد فى القرى القريبة من الأسطول، ويحرسهم عدد لابأس به من الجنود خوفا من هجمات البدو…………….
كان الأسطول الإنجليزى يبحث بطريقة جنونية ومتسرعة فى البحر المتوسط عن الأسطول الفرنسى، حتى لاح له فى الأفق رابضا فى ساحل أبو قير يوم الأول من أغسطس، وكانت فرحة الأدميرال نلسن طاغية، فهو متفوق برجاله على رجال أو فلنقل على أطفال الأسطول الفرنسى- كان أكثر من نصف البحارة الفرنسيين من الأطفال دون الثامنة عشرة بكثير والغير مدربين بالطبع على الحروب- وانطلقت صفارات الإنذار فى الأسطول الفرنسى تستدعى البحارة من شغلهم اليومى فى شراء الزاد والماء من القرى المجاورة لهم فى ظل إنعدام المؤن لديهم، فكان ثلث رجال الأسطول تقريبا خارج الخدمة، يرافقهم الكثير من الجنود للحماية من هجمات البدو.
فى عصر ذلك اليوم- الأول من أغسطس صار بالإمكان أن يرى الأسطولان بعضهما البعض بالعين المجردة، فالإنجليز يتقدمون بسرعة جنونية فى حوالى 13 بارجة، وينتظرهم الفرنسيين قرب الشاطئ بحوالى 14 بارجة، وعدد جنود الطرفين حوالى 8 آلاف بحار لكل فريق، يساندهم 1182 مدفع للفرنساو، ويقابلهم 1012 مدفع لدى الإنجليز، مع فارق مرعب لصالح الإنجليز من حيث الكفاءة، بالإضافة لغياب ثلث طاقم الأسطول الفرنسى، وفى تلك اللحظات الناريخية الحاسمة يطلب نلسن وجبة الغذاء له ولظباطه ويخبرهم أن الغد سيجعله إما مكرما فى مجلس اللوردات الإنجليزى، وإما شهيدا فى ساحة كنيسة وستمنستر، ويتقدم بأسطوله منتويا الحرب فورا بلا انتظار …………….
والتحم البطلان، نلسن الإنجليزى يعانى من ألم فظيع فى ضرسه، دفعه للإعتكاف فى حجرته، وبروى الفرنسى يعانى من حالة إسهال حاد دفعته لأن يقطع مؤخرة بنطلونه، كانت الساعة السادسة والربع عندما بدأت الحرب، فى السابعة تماما يصاب بروى اصابة مباشرة بشظية مدفع فى راسه ويده اليسرى، ولكنه يرفض العلاج وترك موقع القيادة، وماهى إلا نصف ساعة أخرى حتى يصاب بقذيفة تشطر فخذه نصفين، ويرفض أن ينقله رجاله للعلاج ويتركوه يموت مكانه فى موقع القيادة كبطل من أبطال الملاحم اليونانية، ويتحدد شكل المعركة.
بعده بقليل تصيب شظية الأدميرال الإنجليزى الأعور نلسون، وتصيبه فوق عينه العوراء مباشرة ليصاب بارتجاج ويفقد البصر بعينه الوحيدة مؤقتا، فيبلغ الرجال قائلا ” لقد قتلت، سلموا لى على زوجتى”، ولكن الرجال تقوده إلى عنبر المرضى فى السفينة، ويفتح عينه ليرى الجرحى أمامه، فيصر فى نبل على أن يقف فى الطابور فى دوره وراء الجرحى من جنوده، ويستغل الوقت فى إملاء رسالة على سكرتيره ” لقد بارك العلى القدير جيوش جلالة الملك فى المعركة الأخيرة”، صحيح كانت المعركة فى بدايتها ولكنها كانت محسومة النتائج فى رأيه على مايبدو.!!!
فى العاشرة والربع مساءا تنفجر السفينة الأم ” لوريان” قائدة الأسطول الفرنسى وتسقط للقاع محملة بالكنوز الذهبية وتماثيل القديسين وصناديق الآثار المرصعة بالماس التى حملوها من كنيسة القديس يوحنا الأورشليمى فى مالطا، وتسترد آلهة السماء كنوز الكنيسة التى نالتها من رعاياها الفقراء.!!!
وتستمر المعركة طوال الليل وصباح اليوم التالى، وتنتهى بهزيمة مروعة للأسطول الفرنسى لم يتوقعها بهذه الفداحة أى جندى فى الفريقين، وتشرق الشمس على الآلاف من الجثث الطافية على سطح الماء، منها 218 قتيل إنجليزى، و677 جريح، سارع نلسن بدفنهم فى جزيرة أبو قير التى تم تغيير إسمها إلى جزيرة نلسن، بينما كانت النتيجة كارثية على الجانب الآخر، 1700 قتيل، و 1500 جريح، و 3200 أسير، وتدمير الأسطول الفرنسى وأسره باستثناء بارجتين لم تشاركا فى المعركة وهربت داخل أفريقيا .!!!
كانت فرحة البدو على الشاطئ طاغية على إنتصار لم يكن لهم فيه يد، ولكن فرحتهم لاتعادل فرحة أوربا التى غمرتها السعادة بانكسار نابليون أخيرا أمام نلسن الذى تحول فى لحظة تاريخية فاصلة إلى إله من آلهة الأوليمب، ويرسل إليه السلطان سليم الثالث جائزة رفيعة القيمة هى ” ريشة الإنتصار” وهو تقدير رهيب عبارة عن ساعة مرصعة بالماس تثبت فى القبعة، وفى بلده يصبح اللورد نلسون الذى يكافأ بمعاش قدره 2000 جنيه سنويا، وعندما رأته الملكة مارى جن جنونها وأغشى عليها من الفرحة، وأفاقت لتقبل زوجها وكل من فى القاعة الملكية وهى تردد ” بارك الله فيك وحمى منقذنا الباسل الشجاع نلسن”، وأمسك الملك فردناند المتزن العاقل بيد نلسن قائلا ” أنت منقذى وحافظى”، كانت الفرحة أسطورية بشكل يفوق التصور ………..
يوم 13 أغسطس كان نابليون يطارد مراد بك فى الصالحية حين بلغه النبأ، ونابليون رجل لاتظهر إنفعالاته بسهولة، وينسب له التاريخ عبارة طويلة قالها ملخصها ” البحر ورائى والأعداء أمامى، والسم تقطره البسمات، إذن أيها السادة نحن مجبرون أن نأتى بجلائل الأعمال فى مصر، وسنأتى بها، ويجب أن ننشئ إمبراطورية عظيمة، وسننشئها، لقد أصبح هناك بحر يفصلنا عن الوطن، ولكن ليس هناك مايفصلنا عن آسيا وأفريقيا “.!!!




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫36 تعليقات

  1. استاذنا الغالى
    بركة انك بخير
    ديما تعلمنا وتثقفنا
    شكرا على معلوماتك الجميلة
    ومنتظرين المذيد عن الحملة الفرنسية
    ربنا يبارك صحتك
    ومتغيبش علينا كتير

  2. من الأشياء التى سرقها نابليون من جزيرة مالطا سيف لا فاليت الذى بنى العاصمة فاليتا و كان جرند ماستر يحكم مالطا عام ١٥٢٠ و هو فرنسا الأصل و من فرسان مالطا الذين هزمو الأتراك عام ١٥٣٠ حين حاولو الاستيلاء عليها

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى