كتّاب

مزيداً من الظلام يا بوتين!…


مزيداً من الظلام يا بوتين!
ـــــــ

لا يوجد سبب سيدعو مزيداً من الناس إلى الانضمام إلى تنظيم داعش، ونشر العنف والويلات في الشرق والغرب
أفضل مما يفعله بوتين في سوريا.

داعش هي الاستجابة التاريخية السوداء ضد الديكتاتوريات والحمقى..

صارت القاعدة تقاتل داعش، بوصف الأخيرة “حركة متوحشة تسيء إلى الاسلام”.
سيستجيب التاريخ، أو مادة التاريخ السوداء، لحرائق بوتين في سوريا وسيأتي تنظيم مسلح جديد يتلقى نصائح أخلاقية من داعش
وهكذا..
يعرف بوتين لعبة الماتروشكا الروسية:
كلما نزعت غلافاً عن اللعبة ظهر غلاف جديد، وهكذا بلا نهاية.

أما كتاب التاريخ البلهاء فسيجلسون في غرفهم ليتساءلوا:
من يقف خلف داعش؟ تُرى من يمولها؟ لمصلحة من يعمل ذلك التنظيم؟

كما لو أنهم يتحدثون عن لص عثروا عليه مختبئاً في الحي!

أما الاسلام ففي قفص الاتهام حتى لو لم تأت داعش. في العام ١٩٩٢ أثار إدوارد سعيد المسألة عبر البي بي سي، وغطاها على نحو مكثف في “تغطية الاسلام”. الموقف العدواني الشامل الذي يبديه الغرب ضد “الصورة التركية للديموقراطية” ليس سوى واحدٍ من تلك التجليات. وعندما تصدر الترجمة الألمانية لكتاب “موسيقا بلا حدود” لإدوارد سعيد يقدّم للترجمة بجملة “مثقف أصولي”! الرجل ليس مسلماً، وهو مثقف أكبر من كل الحدود. لكنه قال أكثر من مرة: عندما ترى موطنك الصغير في طريقه إلى الاختفاء سياسياً أو حيوياً فإن مهمته أن تبذل قصارى جهدك للدفاع عنه. قال إنه فلسطيني، وتذكر ذلك دائماً. كتب عن الإسلام الذي لا يعرفونه وصار أصولياً ومتطرفاً وعنيفاً.

قبل يومين رفع الكاتب المرموق “تشارلز بلو” عريضة احتجاجية في النيويورك تايمز تحت عنوان “مناهضة الاسلام مناهضة أميركا”. اعتمد “بلو” على دراسات وإحصاءات واسعة أجرتها أكثر من مؤسسة، وفي المقدمة منها البيانات اللافتة التي نشرتها المؤسسة الأشهر “بيو” في العام ٢٠١١..
لورانس داونس أجرت استطلاعاً في نورث كارولاينا، وحصلت على النتائج التالية: ٧٢٪ يعتقدون أنه لا بد من منع وصول أي مسلم إلى رئاسة الدولة. أما ٤٠٪ فطالبوا بسن قوانين تجرّم الدين الإسلامي.

مركز بيو نشر بيانات مهمة في ٢٠١١، وكانت النتيجة لافتة: ١٢٪ من المسلمين ينتمون إلى/ يميلون إلى الحزب الجمهوري. بينما قال ٧٠٪ إنهم يميلون إلى الحزب الديموقراطي.
وكانت تلك البيانات، ولا غرابة، متناسبة مع الموقف الجمهوري العام من الإسلام كدين..

في ٢٠١٣ قالت دراسة أجرتها Carnegie Mellon University: في أغلب الولايات الجمهورية تقل احتمالات حصول المتقدم لشغل وظيفة على رد إذا كان في ملفه الشخصي ما يشير إلى أنه مسلم.

في الضفة الأخرى، في باريس أيضاً.. كتبت إرنا باريس، الكاتبة الكندية، في “ذا ميل أند ذا غلوب” مقالة تتحدث عن من أسمتهم : the invisible parisians أو الباريسيين غير المرئييين..
عن طبقة هامشية مسحوقة، تعيش غير مرئية ولا يزال ينظر إليها كعدو. لا تزال بدرجة ما عدواً منذ قدمت من الجزائر مطلع الستينات. بحسب الكاتبة “باريس” فقد منح الاستعمار الفرنسي الجنسية الفرنسية ليهود الجزائر فقط، أم مسلمو الجزائر فعاشوا في الهامش، مفتقرين إلى كل الامتيازات التي حازها يهود الجزائر.

يغني عاشق مغربي عن حبيبته التي تعيش في “حي باربيس”. عندما زرتُ حي باربيس قبل عام بصحبة مثقفة باريسية ـ عربية لم أصدق ما رأيته. عرب في كل الزوايا يبيعون الساعات المسروقة، وأحياء رثة وفقر يكدر النفس البشرية … داخل باربيس. وجدت باعة المخدرات وسرعان ما عرضوا علينا بضاعتهم. أولئك الباريسيون غير المرئيين، الذين سرعان ما يصبحون مجرمين.

كان إدوارد سعيد يصرخ في وجوه المثقفين الأوربيين: ماذا تعرفون عن الإسلام؟ الإسلام دين، وثقافة، وكلا العنصريين مركب على نحو يحول دون انسجامه الأحادي. إنه دين لأكثر من ست لغات كبرى وعشرات اللغات الصغيرة، في طليعتها الفارسية والتركية والملاوية والعربية، وكل لغة تعيش في عالمها اللامحدود. ماذا تعرفون عنه؟

يملأ بوتين، حالياً، الصورة كلها أمام العالم. يستعرض أسلحته وقدراته ويختبر العالم، يختبر استعدادات الناتو أيضا كما يقول “رامس”، القائد السابق للناتو ،لمجلة Focus الألمانية.

فعلت أميركا مثل ذلك في ستينات القرن الماضي. أحرقت ملايين البشر بالنابالم وتركتهم مشوهين وعظاماً. لكنها، بعد مجزرة ماي التي كشفها سيمور هيرش، تراجعت إلى الوراء. تراجعت أيضاً بسبب الضغط الجماهيري الهائل من الداخل. أميركا دولة ديموقراطية، مهما مارست الدولة الديموقراطية من خداع داخلي إلا أنها لا تستطيع أن تغامر بلا نهاية. بوتين لا يتمتع بتلك الفضيلة، فلا وجود لقوى حية في روسيا بمقدورها أن تشكل ضاغطاً جماهيرياً، أخلاقياً أو سياسياً، ضد بوتين.

سيستمر حتى يسمع أصوات الأحزمة الناسفة في موسكو، كما يتوقع جون ماكين.

التنظيمات المتطرقة تخلقها الوحشية، وتحورها. هي تنظيمات لا علاقة لها بالاسلام، أو هي “سلالات متحولة عن الإسلام” إذا استخدمنا كلمات سلمان راشدي، الكاتب الأشهر، لصحيفة WAZ الألمانية قبل ثلاثة أيام.

الوحشية البوتينية ستخلق استجابتها المناسبة. ففي أميركا يرد المسلمون على الاستبعاد السياسي والاجتماعي الذي يمارسه الجمهوريون بالانضمام إلى الديموقراطيين، كما تقول البيانات العلمية.
وفي سوريا والعراق يصبح العنف أكثر فيجد الاستجابة المناسبة.

قلنا دائماً:
الديكتاتوريات والبربريات لا تحصد سوى النماذج التي تناسبها.

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫47 تعليقات

  1. يا مروان الغفوري قدك بتروج للاحزمه الناسفة بروسيا هذة هو الإسلام المتطرف بحد ذاته هنيئا لك
    بركات الوهابية التكفيرية المتطرفة 😂😂😂😂😂

  2. للأسف أن كاتب مثقف مثلك يدعي وجود كوابح أمريكيه تمنع حكومتها من الأنزلاق بالحرب وأنت تعلم أن كل الحروب القذره والتي بنيت على باطل كلها أمريكيه بامتياز. أنت قلق من روسيا وأنت تعلم أنها ما جائت إلا بعد أن دمر الناتو ليبيا وسوريا والعراق وحاليا اليمن وكل ذلك ولم يوجد كوابح فكان تدخل روسيا هو الكابح الوحيد والذي بسببه إقترف الناتو جريمة باريس وأشار على تركيا بإسقاط الطائره الروسيه وقبل ذلك ودون شك دبر تفجير الطائره الأخرى بسيناء. 95% من جرائم العصر الحديث جائت من الدول الديمقراطيه ومازال هناك من يتغنى بها!!
    عجبا عجاب!

  3. السلالات المتحوله عن الاسلام توصيف جميل..
    ولكنها اصبح هي الاسلام بدعم انظمه تعرفها جيدا لديها قدرات ماديه ضخمه ولديها شفاه واصابع مؤجره تستعرض اصول هذه السلاله المتحوله وتبحث عن تاريخ عريق لها لتاصيلها ونشر عقمها الفكري تحت عبارات حديثه وباسلوب مبهر لتختطف عقول اجيال واجيال وتمارس تجاربها في تحويلهم الي مسلمين علي طريقتها ومنهجها والغريب في الامر
    ان ابواقها يدافعون عنها ويشتمون انتاجها الفكري كانه منفصل بل ويوزعون التهم هنا وهناك لقوى خفيه تحاول تشويههم ..ولم يجربوا مرة واحده ان ينظروا للمرآه
    اويبحثون في اعماقهم ..

  4. عصام بارويس
    عندما يجتمع قساوسة الغرب .. ونفاق العرب..
    أسقط العثمانيون جرثومة روسية ، تنفس روبيضة العرب غبار الطائرة ، كحت صدورهم بما فيها ظهر النفاق في صورة إعلامهم فرحا وطربا ، وتهلل زعيمهم ابن سلول في قبره هذا وقت اﻹنتقام ، نظر حلفاء الدب تحت أقدامهم ، ارفع راسك أنت أمامك القائد اردوغان اﻷيوبي، اخلع عنك عمامة المجوسي
    لا تقبل أن تكون نعال بوتين الروسي فيكتبك التاريخ في أرشيفه زبانية ابو رغال.
    محبكم عصام بارويس

  5. داعش هي لعبة إستخباراتية
    إستغلال للشباب المتدين الذي لايفكر والولاء والبراء المغلوط
    حين تنفض آياديهم الخبيثة عن أمتنا ستنكفئ داعش ولن يعد لها وجود

  6. نقسم بكل كلمات الله في كتبه المقدسة الصادق منها والشائعات ان مايفعله الحوثيعفاش في تعز لن يوصلهم الى مخططاتهم فتعز اليوم غير تعز في القرن الثالث الهجري ولن يمروا

  7. الكتاب والمثقفون المسلمون الذين يبررون ارهاب الغرب ضد المسلمين اشد خطرا على المسلمين من اﻻعداء الغربيين فكثير من مثقفي الغرب يرى ردة فعل المسلمين ويرى ايضا الفعل اﻻرهابي الغربي لكن مثقفي العرب اتباع الدوﻻر ﻻيرون اﻻ ردة الفعل وﻻيرون الفعل .

  8. سقط القناع……في وقتنا الراهن ….!!!
    المجد والعزة الحقيقية لكل من لم تتأثر #إنسانيته ولم يتأثر #ضميره ولا #مبدأه بالأحداث الأخيرة في المنطقة .

  9. كلام رائع وجميل فالمتطرفون لاينشأون الانتيجه للاضطهاد والظلم الذي يتعرضون له والان بوتين يعرض روسيا للخطر بفعله الوحشئ في سوريا ستنشاء احيال حاقده علي روسيا وزعيمها بوتن وستتحول الي جناح متتطرف للانتقام

  10. قمة المنطق فليس هناك نور ينبعث من السواد وانما المزيد من السواد , ولكن يا دكتور تحتاج لشواهد الماضي أكثر من شواهد الحاضر لتقريب الصورة لقراء مقبورين في الماضي مثلاُ أن تدخل بوتين سيرفع رايات يا لثارات سوريا تماماً كما رفع تدخل يزيد رايات يا لثارات الحسين…. صدقني توصل أسرع هههههههه

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى