مدين لأمي باعتذار…..


مدين لأمي باعتذار..
ــــ
قبل أيام قلتُ، في صفحتي، إن تحليل الحامض النووي، DNA، الذي أجريته كشف عن جذور يهودية “٣٠٪”، وجذور شمال أفريقية، ٢٠٪، فضلاً عن ٤٥٪ شرقية ممتدة من أذربيغان وإيران حتى سوريا وتركيا وقبرص ..
كل ذلك الركام النووي وجدناه في الحامض النووي خاصتي.

تلقيت عاصفة احتجاج من الأسرة، ومن أمي التي انفجرت باكية: لسنا صهاينة ولا يهوداً.

للتوضيح:
هذا التحليل لا يخص أسرة الغفوري، بل يفحص الأصول القديمة التي عاشت قبل ٥٠٠ عاماً. ليس الجد الغفوري، بل الجد السحيق الذي لا نعرف له اسماً، والذي أنجب الجعافرة كلهم وغيرهم بمئات الآلاف.

الغفوري أسرة صغيرة داخل أسرة كبيرة اسمها “الجعفري”.. الجعفري ـ جدنا القديم ـ جاء إلى تعز في القرن السابع عشر من “خولان الطيال”، كان بلدياً عادياً اسمه “جعفر عبد الرحمن”، ولا علاقة له ب”الجعفرية” الهاشمية.

أي أن الفحص الذي أجريته يتتبع الجذور القديمة داخل القبيلة في أقصى الشمال.

وأيضاً: عبر أجيال قديمة حدثت زيجات متعددة، وتلك الزيجات أنجبت أبناء وأحفاداً. مثلاً: تزوج والدي، من أسرة “الجعفري”، بأمي، من أسرة “بني عامر”، وأنجباني. الحقيقة أن الأثر “اليهودي” في الحامض النووي الخاص بي، إذا ما اعتبرنا الفحص دقيقاً، جاء من طريقين: الأم والأب. فلا يمكن أن تورث نسبة ٣٠٪ عن طريق واحد.

وهو ما يعني، عملياً، أن أسرة العامري، وهي أسرة كبيرة جداً، تملك أيضاً أثراً يهودياً ما، مثلها مثل الأسرة الجعفرية التي قدمت من خولان.

القول إن هناك أثراً يهودياً في “العامرية” و”الجعفرية”، وهما أسرتان كبيرتان جداً، يطرح السؤال حول: ماذا يقصد معمل مؤسسة My heritage الأميركية، ب”اليهود اليمنيون”. إذ من الواضح أن أي يمني يجري تحليلاً لحامضه النووي سيكتشف أثراً يهودياً! من خلال نقاشنا، تلفونياً، مع الشركة قالوا إن لديهم خارطتين جينيتين منفصلتين: اليمنيون، اليهود اليمنيون، لكنهم لم يستطيعوا تعريف الخارطتين بوضوح.

هذا الموضوع مثير وشيق. فالبرغم من أن الخارطة الجينية لساره ياسين، رفيقتي، تكشف عن أغلبية “شمال أفريقية”، فإن ١٠٪ من حامضها النووي تعود إلى “يهود أشكناز”..

من هم اليهود اليمنيون؟ حاولت الإجابة عن هذا السؤال، قرأت عنه الكثير، وأغلب الظن أنهم يمنيون التحقوا، في حقبة معينة من التاريخ، باليهودية، ثم تركوها أو تركتها نسبة كبيرة منهم. هناك أيضاً جذر يهودي، ربما، يعود إلى يهود الجزيرة العربية الذين جلبهم ملك يماني ودفع شعبه، لدواع سياسية معينة، إلى الدخول في عقيدتهم، قبل أن تتغير عواصف التاريخ ورياحه فيما بعد. وبذلك التحول الديني فإن الخارطة الجيني قد التحمت مبكراً من خلال أقدم الزيجات في التاريخ، وانصهرت ببعضها.

ثمة ما هو مثير أكثر: شبكة الأقارب الجدد. فقد حصلت على شبكة أقارب لا أعرف عنهم شيئاً، منتشرون في: انجلترا، ألمانيا، فرنسا، إيران .. إلخ. من خلال حسابك على موقع الشركة يمكنك رؤية أقاربك الذين يشتركون معك في نسبة معينة من الجينات. لم تتجاوز أعلى نسبة الـ ١٪..

ما أريد قوله لأمي، التي أفزعها أن تستيقظ من النوم فتجد نفسها وقد أصبحت واحداً من الصهاينة:
هذا الفحص لا يخص أسرة الغفوري ولا العامري ولا الجعفري .. هو فحص يبحث عن من هم الأجداد قبل ٥٠٠ سنة، وليس عن الأمس. صحيح إن هناك أثراً يهودياً في العامرية والجعفرية على السواء، لكن هذا لا يعني أنكِ قد صرت صهيونية :)

كل ما في الأمر أن أجدادك اليمنيين التحقوا باليهودية قبل آلاف السنين أو خرجوا منها وبقيت هذه الآثار الجينية. ولأنهم كانوا كثيرين جداً فمن الصعب أن تذوب تلك الآثار خلال القرون القادمة، إذ أنها آثار مدفونة في جينات أغلب اليمنيين.

شقيقي عبد الغفور، المدريدي خفيف الدم، كان الشخص الوحيد الذي رحّب بنتيجة الفحص. وعلى طريقته، كما هي طريقته تماماً، راسلني قائلاً:
عندما عرفتُ أن أجدادنا القدامى كان يهوداً حمدتُ الله كثيراً، حتى إني أصرت أصلي الفجر حاضراً ههه

العزيزة أمي

اطلعي بكرة وصبّحي على الجعافرة والعامريين، وعلى جيرانهم وجيران جيرانهم، قولي لهم:
صباح الخير يا يهود يا عيال اليهود..

Sorry Mum

مروان
ملحوظة:
اليهودية دين، والصهيونية ظاهرة استعمارية.. المنشور لا يزدري اليهودية كدين ولا كإثنية، هو توضيح من ولد لأمه ..لا أقل ولا أكثر.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version