كتّابمفكرون

“ماذا يفعل أردوغان”…


“ماذا يفعل أردوغان”

لكي نفهم تطورات الموقف في ليبيا، والدور التركي المنتظر يجب أولا أن نفهم ماذا يفعل أردوغان؟

تركيا دولة تطل علي البحر المتوسط ولكنها لا يتوفر لها عمق كبير في مياهه الإقتصادية طبقا لقانون البحار الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1983 ليقنن كيفية ترسيم الحدود المائية وبدأ تطبيقه عام 1994.

تركيا هي أحد دول ثلاث لم توقع علي هذا القانون تشمل اسرائيل وسوريا، مشكلة تركيا تكمن في وجود أكثر من 350 جزيرة يونانية مأهولة بالسكان تنتشر أمام السواحل التركية تعتبر مكملة لليابسة اليونانية ويضيّق الحيز المائي بينها وبين تركيا، وكذلك الأمر مع قبرص بالإضافة لمشكلة الشمال القبرصي الموالي لتركيا.

حاولت تركيا مرارا حتي 2012 أن توقع اتفاقا لترسيم الحدود المائية مع مصر وعدد آخر من الدول متجاهلة الجزر اليونانية وقبرص ورفضت مصر وباقي الدول توقيع هكذا اتفاق.

أثار تركيا اكتشاف آبار الغاز بصورة تبشر بوجود مخزون كبير منه في شرق المتوسط، ثم توقيع اتفاقات ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، والمفاوضات (التي لم تنتهي بعد) مع اليونان بهذا الشأن.

كما أثارها توقيع اتفاقية بين مصر وقبرص لمد خط غاز بينهما عبر البحر، وذلك لتستقبل مصر غاز قبرص لتسييله، ثم أعربت اليونان عن رغبتها الاشتراك في هذا الخط، وكذلك دخلت إسرائيل لتسييل غازها عبر الخط الواصل مع مصر أو عبر ضخه في الخط المصري القبرصي، حيث تمتلك مصر محطتي التسييل الوحيدتين في المنطقة، ومن ثم يمكن نقل الغاز المسيّل بحرا الي أوروبا.

هذه الإكتشافات والاتفاقات (بالإضافة الي عوامل أخري أهمها المشكلة الروسية الأوكرانية) ستؤدي الي تقليل الطلب الأوروبي علي الغاز الروسي الذي يصدر الي أوروبا وهي ليست مشكلة لروسيا فلديها أسواق أخري ولكنها ستؤثر بلا شك علي جدوي الخط الجديد للغاز البديل للخط المار بأوكرانيا (مشروع ترك ستريم) والذي يمر في الأراضي التركية.

ترغب تركيا في أن يكون لها نصيب في غاز شرق المتوسط بفرض الأمر الواقع، ومحاولتها ترسيم الحدود البحرية غير القانونية مع حكومة الوفاق الليبية التي رفضتها معظم دول العالم، وقد بدأت بالفعل في استكشاف الغاز في منطقة تابعة لقبرص بسفينة استكشافات تركية تحميها عناصر بحرية مسلحة.

كما أنها تتطلع الي الثروة النفطية الهائلة الموجودة بليبيا، بهدف توفير متطلباتها البترولية، والضغط علي دول القارة الأوروبية الراغبة في استيراد النفط الليبي.

إضافة الي رغبة تركيا في الحفاظ علي نشاطها الإقتصادي الكبير في ليبيا خاصة في مجالي الإعمار والكهرباء.

كان هذا هو الجانب الإقتصادي إضافة للعوامل السياسية المتمثلة في الآتي:
تبني تركيا (أردوغان وحزبه تحديدا) للتنظيم الدولي الإرهابي للأخوان المسلمين، إحياءا لدولة الخلافة العثمانية، والذي تسببت مصر بشكل رئيسي في إفشال مشروعهما للسيطرة علي المنطقة، ومن ثم فإن الإتفاق الأمني مع حكومة الوفاق سيكون فعالا في تهديد مصر وأمنها القومي.

التواجد التركي في ليبيا يمكنها من إبتزاز وتهديد اوروبا بالمهاجرين غير الشرعيين الذين يتخذون ليبيا مخرجا لهم من افريقيا الى اوروبا.

تسعي تركيا الي إعادة تمركز العناصر الإرهابية المرتزقة من العراق وسوريا الي ليبيا وتحويلها الي قاعدة جديدة يمكن أن تنضم اليها عناصر أخري من نيجيريا (بوكو حرام) ومالي و السودان و دول جنوب الصحراء، يتم من خلالهم تهديد مصر والضغط علي تونس والجزائر وكذلك الضغط علي الدول الأوروبية كما حدث سابقا حينما هددت بإطلاق اللاجئين السوريين الي أوروبا.

تشير بعض التقارير غير المؤكدة الي قيام تركيا بنقل أعداد من المسلحين عبر الطيران المدني فيما أكدت مصادر تركية أن تركيا تدرس إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى ليبيا في إطار دعمها العسكري المزمع لحكومة طرابلس.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى