قضايا المرأة

لأجل ثورة الهامش


لن أكتب مرثية هذه المرة، ليس لأن فقدنا لا يستحق الرثاء أو لأن شهيداتنا لا يستحقون العزاء، لكن لأنني، هذه المرة، اخترت التشبث بالأمل مثل رفيقتي. لربما يتوقف يوماً حصد أرواحنا بهذه السهولة، ولربما أدركنا يوماً لماذا علينا أن نواجه القتل والاقصاء والقمع والحبس والكراهية فقط لأننا نساء. هذه المرة اخترت التشبث بالأمل، لكنه أمل شديد الوعي بالصعوبات والعقبات والخسارات المرتقبة ومحمّل بالنقد أيضاً. الأمل في أن يجمعنا خطاب موحد لكن دون أن يسعى لمحو اختلافاتنا وخلافاتنا حتى نصبح نسخة وحيدة مكررة. الأمل في أن يجمعنا خطاب يشمل نساء الهامش، عاملات البيوت، وعاملات الجنـــ-س، النساء المثليات والنساء غير المعياريات والنساء العابرات ومن يعرّفن أنفسهن كنساء، دون اقصاء أو تجاهل، خطاب- مظلة، يجمعنا ويظللنا جميعنا دونما الحاجة لتبرير استحقاقيتنا للوقوف تحتها.

في الحقيقة، رغم ولعي بالمرثيات وعشقي للنكد والتنكيد، أحمل بداخلي آمالاً وأحلاماً متعددة. أحلم بخطاب جذري شديد التطرف، خطاب لا يحابي السلطات السياسية القمعية طمعاً في تحسين طفيف وقوانين كرتونية، ولا يجامل المؤسسات الدينية حفاظاً على مشاعر غالبية لا تتوانى عن إهدار دمنا. لا أريد خطاباً يتجاهل وجود قطيع فيلة يستفرد بنا ويدوسنا داخل غرفة ضيقة. أرغب في خطاب يسمي الأشياء بمسمياتها ولا يخجل من كوننا نسويات نتبنى مواقف واضحة سياسية واقتصادية وبيئية، ولسنا مجرد مصلحات إجتماعيات نناضل تحت راية ما تطلبه الحكومات وما ترضى عنه المجتمعات. أحلم بخطاب لا يخفض سقف مطالبنا حتى يقع على رؤوسنا ويكتم أنفاسنا على رأي ماريا، خطاب لا نعتذر فيه عن غضبنا وعهرنا وبذاءاتنا ولا ندافع فيه عن أنفسنا من تهم كراهية الرجال ومحاولات زعزعة المجتمع ومحاربة الدين. نحن نقوم بكل ذلك فعلاً ولا نجد فيه أدنى غضاضة. أحلم بخطاب تتقاطع فيه أصواتنا جميعاً، دون تشذيب أو تهذيب، وتختلط فيه لهجاتنا وشتائمنا المحلية، خطاب حي بعيداً عن جمود اللغة الرسمية التي لم نختر جميعنا أن تكون لغتنا أو تدل على هويتنا وانتمائنا. خطاب يستخدم مفردات سيدات الشاي وبائعات الخضار والخياطات والكوافيرات الشعبيات وليس بحاجة لمعجم لغوي أو شرح مطوّل. أحلم بخطاب يستوعب جميع سياقاتنا وخصوصياتنا، ولا يعيد إنتاج المركزية الأوروبية ويتعامل مع من هن على الأطراف كمجرد هوامش ومرايا تعكس قضايا النواة الشرق أوسطية ولا تمتلك صراعاتها الخاصة.
أحلم بخطاب لا يختزل كلمة احتلال في احتلال فلسطين ويغض بصره تجاهلاً أو عمداً عن احتلال الصحراء الغربية وأسيراتها ومناضلاتها.

لأجل ثورة الهامش
إيمان عمارة
______
الرابط لقراءة المقال كاملا 👇🏽

لأجل ثورة الهامش

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى