كان من حظى انى قمت بتغطية مؤتمر كامب ديفيد للسلام بالصدفة…


كان من حظى انى قمت بتغطية مؤتمر كامب ديفيد للسلام بالصدفة حيث كنت فى بعثة دراسية قصيرة للصحفيين الاجانب فى واشنطن فى بداية سبتمبر ١٩٧٨ . وخلال المؤتمر كان محظورا على الصحافة او غير الصحافة الاتصال باعضاء الوفود الرسمية. المهم انه بعد انتهاء المؤتمر انعقد مؤتمر بلير هاوس فى واشنطن برضه حضره من مصر اساسا د. اسامة الباز ود. بطرس غالى وكانت تربطنى بالاثنين علاقة طيبة وكانت فرصة نادرة للانفراد بهما عشرات المرات خلال هذا المؤتمر الذى لم يغطه اى صحفى مصرى. وقد روى لى اسامة الباز قصصا عديدة عن كامب ديفيد سأقتطف منهاالآن التالية:
بعد اتفاق الاطراف الثلاثة مصر ـ امريكا ـ اسرائيل على وثيقة الاتفاق وقبل التوقيع عليها كانت مجموعة الخارجية فى حالة قلق وانزعاج شديدين. وكان من بينها خيرة ابناء الخارجية المصرية آنذاك مثل احمد ماهر وعبد الرءوف الريدى ونبيل العربى واحمد الزنط. وكان سبب انزعاجهم ان الوثيقة بها تنازلات من جانب مصر دون مقابل من اسرائيل. أما السادات فكان يرى ان القضية هى قضية سلام وليست قضية “تفصيلات” قانونية و”صغائر”. وفى غمرة الحماس ابدى نجوم الخارجية الشباب آنذاك اعتراضهم على عدة نقاط واتفقوا على اقتراحات لتعديلها قبل فوات الأوان. لكن المشكلة هى: من الذى يتجرأ و”يخاطر” يان ينقل اعتراضاتهم للسادات؟
نظر كل واحد منهم الى الآخر لكن الأنظار توجهت كلها ناحية شخص واحد هو نبيل العربى. فالعربى هو قريب لجيهان السادات (اعتقد انه ابن عمتها لزم) وبالتالى فالسادات قد ينزل العقاب بأى احد الا قريب المدام. وقام الجميع بتشجيع نبيل العربى بالذهاب قبل فوات الاوان.
وبالفعل دخل نبيل العربى على السادات وهو جالس مختلى بنفسه يدخن البايب. وقال للسادات انه وزملاؤه لديهم ملاحظات “قانونية” حول نص الاتفاق قد تكون لها عواقب وخيمة. نظر اليه السادات نظرة فاحصة صاعقة وسأله “زى ايه؟”
وبدأ العربى يسرد ما اتفق عليه مع زملائه نقطة نقطة والسادات لا يفتح فمه بل ينفث دخان البايب بهدوء ولا ينظر الى العربى كأنه لا يسمعه او كأنه غير موجود بالمكان. وبرغم اضطرابه فقد استمر العربى فى ابداء الملاحظات حول نقاط معظمها قانونى. فى النهاية قال السادات: هممممممم.. خلاص.. فيه حاجة تانية؟ فرد العربى بسرعة: لا يافندم.. فاجاب السادات: طب اتفضل. انسحب العربى وهو يشعر انه اغضب رئيس الجمهورية.
واضاف لى اسامة الباز بابتسامته الساخرة: كان قد صدر قرار لنبيل العربى بان يتولى منصب العضو المناوب لبعثة مصر فى الامم المتحدة فى نيويورك وكان العربى يتلكأ فى التنفيذ لسبب فى نفسه. وقد نصحه اصدقاؤه بعد لقائه بالسادات بانه لدى عودته للقاهرة من كامب ديفيد فعليه ان يحضر شنطته باسرع وقت ممكن ويطير الى نيويورك.
واختتم الباز حكايته قائلا: السادات استدعانى وحكى لى لقاءه مع العربى وهو يقول بامتعاض: بتوع الخارجية دول فاكرين ان ماحدش فاهم غيرهم.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version