قرأت ثلاثة مقالات في الساعة الماضية:…


قرأت ثلاثة مقالات في الساعة الماضية:
“ما وراء إعجاب الحركات اليمينية الشعبوية بإسرائيل” ـ فايننشال تايمز
“إصلاح الرأسمالية لا الثورة عليها” ـ بلومبيرغ
“البلقان، مركز الإسلاموفوبيا” ـ فورين بوليسي

قليلة هي الصحف العربية التي “تصلح” للتصفح، ونادراً ما يعثر المرء على كتابة تلفت الانتباه. في السنوات الماضية عكفت على متابعة خيري منصور في القدس العربي، وهاشم صالح في الشرق الأوسط، ولا أتذكر أني رأيت عنواناً لأحدهما وتجاوزته. آلمني رحيل خيري منصور بشكل عميق، وملأني رعباً. ثمة موات شامل للكتابة العربية، أو: يصعب عليّ، ربما لأسباب متعلقة بكسلي الدائم، الوصول إلى الكتابة الجيدة. أعرف أسماء عربية كبيرة ولا أدري ما إذا كانت لا تزال تنتج كتابة ما. بالأمس دُعيت للكتابة في “صحيفة الاستقلال”، وهي صحيفة عربية إليكترونية. وبعد تصفحي السريع لها أبديت موافقتي، وسأكتب مرتين إلى ثلاث مرات في الشهر. الشكل الذي بدت عليه الصحيفة، بالأمس وأمامي، كان شبيهاً ب”بروجيكت سيندكيت”. أنا تلميذ مواظب على دراسة ما ينشر في بروجيكت سينديكيت منذ سنوات، وهناك نقاش لا ينتهي حول المسائل الأكثر جدّة وإرباكاً في عالم اليوم: الديموقراطية، الحرية، الثورة، المال، الذكاء الاصطناعي، الدين، وغيرها. كنت أحلم بصحيفة، بأن أدير صحيفة، وعندما كبرتُ حلمت بدار نشر. ولا أزال في طريقي من وإلى المستشفى أحلم بالطريقة نفسها، مرتين في اليوم: بصحيفة في المساء، وبدار نشر في الصباح. قال بورخيس، معلمي الأكبر: لطالما تخيلت العالم على هيئة مكتبة. وقبل قليل وجدت أمامي إعلاناً ممولاً باللغة الإنجليزية يقول: إن غياب الدليل على وجود الله لا يعني إن الإلحاد هو الإجابة. مع احتمال أن تذهب إلى الجحيم وفرصة أن تربح الجنة ألا يبدو الإيمان بالله فكرة براجماتية جيدة؟ اشترك معنا في النقاش حول المسألة. ولوهلة وجدتني مؤمناً أشد الإيمان بوجود جنة في العالم الآخر، هناك حيث لا تحرق الصحف ولا الكتب. وقبل قرنين من الزمن قال هاينرش هينه، معلقاً على حادث قيام متطرفين ألمان بإحراق كتب يهودية “هناك حيث تحرق الكتب سيُحرق الإنسان في النهاية”. وبعد أكثر من ٩٠ عاماً من مقولته قام بشرٌ بإحراق بشر آخرين، الملايين منهم. لماذا لا يوجد عدد أكثر من الكتب، عدد أكبر من الصحف، لماذا لا يملك كل شخص مكتبة، وكل أسرة صحيفة، ويعاد توزيع التراب والماء على كوكبنا بحيث يبدو على شكل افتتاحية كونية؟

كله تمام؟

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version