قبل أسبوعين كتبت مقالة حول كيف يمكن أن يخسر الجنوب المعركة بعد أن كسب الحرب. الم…


قبل أسبوعين كتبت مقالة حول كيف يمكن أن يخسر الجنوب المعركة بعد أن كسب الحرب. المقالة كانت حول ألف عام محتملة من الحروب..

وقبل يومين كتبت عن كيف فشل الشمال في كسب المعركة والحرب معاً. كانت المقالة حول الراكبين على جملين، والبندقية المتنقلة من كتف إلى أخرى.

المقالة الأولى أثارت فيضاً من الردود والمقالات والردح، وكان أغلبه قادماً من الجنوب. بالضرورة هوجم الكاتب، وليس الكتابة. وجرى النيل من الذات لا الموضوع. كان الاستنتاج الحاسم هو أن ما أكتبه ليس سوى بروباغندا إخوانية. تورط كتاب كبار، بحجم رئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكي، في سوء الفهم المقصود. هناك سوء فهم مقصود، ولا غرابة فالوضع العام في البلد مرضي. وفي سبيل ذلك يجري وضعك في مكان ما، يسهل الاعتداء عليك..

المقالة الثانية أثارت نقمة في الجبل، في الشمال.
لكل ناقم دفتره الخاص، يستخرج منه الكلمات المناسبة، وهكذا صرت تابعاً لقطر والإمارات، للإخوان وعفاش، للسعودية وإيران .. في الوقت نفسه
وصرت متمسحاً، وطالب رزق، أو متعالياً وأنانيا، أو قاتلاً مأجوراً، وأحياناً ميكرفون للإيجار.

وفي المرتين تلقيت رسائل واتصالات من مستويات عديدة، وكنت ولداً جيداً وولداً سيئاً في الوقت نفسه، على حسب
وهذه ليست مبالغة ولا مجازاً..

الجيد في الأمر هو أن الكتابة لا تزال قادرة على الإثارة في بلد هيمنت عليه الحروب والدسائس
وبالنسبة لكاتب يعيش وحيداً في وسط أوروبا، لا يحمل سيف قبيلة ولا جوازاً دبلوماسياً فهذا أمر حسن، أن تصنع الكتابة كل هذه الخضة.

لا يهم من قال ما سيقول، ولا يعنيني في كل الأحوال ما إذا كنت الولد الصالح أم السيء، إن كنت بطلاً أو منحطاً. في الأخير هي كتابة، وكتابة وحيدة، وليست سوى محاولة حثيثة لفهم الأشياء وقول الأمور كما تبين لي، لا علاقة لما أقوله بالحق ولا بالحقيقة بل بما أعتقد أنا أنه قريب منهما.

بمقدوركم أن تنعتوني بالطريقة التي تروق لكم. سأعود غداً وأكتب أشياء أخرى، ولا أملك من خيارات غير ذلك. ومنذ زمن طويل نسبياً كنت ولدا جيدا وفاسداً في الوقت نفسه، ولفترة محددة: حتى أقول الكلمات الصحيحة أو الخاطئة! ثم يجري نقلي بعد ذلك من خلال عملية غفران واسعة وحميمة،أو مشيعاً باللعنات..

قالت لي امرأة هاشمية قبل فترة قريبة: رأيتك من أهل الأعراف، ونسيت أن أرد على رسالتها..

وكان ذلك هو مستوى التسامح الأعلى الذي يطمح إليه كاتب في بلد مثل اليمن: أن يوضع رفاته بين الجنة والنار..

محبتي لكم
جميعا

م غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version