جابر عصفور البطل:
عرفت جابر عصفور ناقدا بارعا وأنا أعد رسالتى للماجستير عن طه حسين وفكره التربويى، وقد سبقنى بإعداد دراسته للدكتوراه عنه، واقتربت منه كثيرا باشتراكى فى مؤتمر: “مئة عام على مولد طه حسين سنة 1989”.. لأجد فيه شخصية رائعة شديد الثراء والعمق، يشعرك بحيه وصداقته ببساطة، ممتلئا بحب الوطن والناس، يمتلك مخزونا هائلا من القصص والحكايات وقدره فذة على توظيفها فى التعبير عن مواقفه وقناعاته ، معلما فذا لا يبخل بعلمه ولا ثقافته لكل من يحتاجهم
وهذا الحديث لا يحاول تقييم جابر عصفور ودوره..
وإنما أسعى فقط للإشارة إلى موقفه البطولى إبان ثورة يناير 2011.. فبعد جمعة الغضب 28 يناير وسقوط الضحايا، اضطر مبارك للإعلان عن تغييرات جذرية فى نظامه لعلها تشفى غليل الجماهير الغاضبة: فألغى مجلس النواب المزور .. وعين عمر سليمان نائبا له.. وأعلن انها ستكون آخر فترات رئاسته.. وأنه سيحاسب كل من تسبب فى قتل الناس..ويفتح ملفات الفساد .. وفتح باب للحوار حول المستقبل مع كل القوى السياسية والشباب الغاضب
كما أقال وزارة نظيف واختار وزارة جديدة يوم 1 فبراير .. جاء فيها جابر عصفور وزيرا للثقافة.. وكان واضحا أن مبارك يسعى لاستثمار ما يمثله جابر عصفور من قيم للشرف والعلم والوطنية والنزاهة … بعد أن امتلأ نظامه وعهده بالشخصيات القبيحة والفاسدة والمنحطة
واختلفنا طبعا فى تقييم قبول جابر عصفور للمنصب .. الغاضبون مثلى رأوا فيه محاولة لتبييض وجه نظام فاسد وقاتل
والمتفائلون رأوا أن لا بأس من قبوله المنصب فربما تكون محاولة جادة للإصلاح فى نظام يسعى للبقاء
وكان على جابر عصفور نفسه تحديد إلى أى الرؤيتين ينحاز..
ولم يطل بنا الانتظار فجاءت إجابته سريعا فبعد أسبوع واحد عقدت الوزارة اجتماعا لوضع رؤية للتعامل مع الموقف الملتهب والشباب الغاضب والمعتصم فى ميدان التحرير، وقدم جابر عصفور رؤيته التى ترى ضرورة تأسيس رؤية سياسية جديدة تستجيب لمطالب الشعب وتنعتق من النفق المظلم الذى أوصلها إليه الحزب الوطنى ولجنة سياساته
فانبرى له أنس الفقى وزير الإعلام ليقول له: نحن هنا جميعا نمثل الحزب الوطنى ورؤية الحزب الوطنى
فخرج جابر عصفور من الاجتماع ليقدم استقالته على الرغم من خطورة تقديمها على حياته شخصيا فى نظام مثخن بالجراح وينهار .. وليؤكد أن البطولة هى اختيار الانحياز للحق والمبدأ فى الموقف الصعب
وداعا يا صديقى
يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات
