تباينت الحظوظ بين الناس منذ الأزل، فهناك من هو أفضل صحةً،…

تباينت الحظوظ بين الناس منذ الأزل، فهناك من هو أفضل صحةً، ومن هو أكثر جمالاً، ومن هو أوفر ثروةً. ومع تباين الحظوظ ظهر الحسد. ‘الحسد’ هو أن “ينظر” شخص إلى آخر ويود لو كان لديه ما لدى ذلك الآخر من صحة أو مال أو بنين أو أي خير مادى. و’النظر’ كلمة مهمة لأن الناس يربطون الحسد بالعين. فيقولون عن المحسود إنه “أصابته عين”. وفى الإنجليزية يقولون ‘العين الشريرة’ (evil eye)، والفعل فى الروسية (сглазить) مشتق من (глаз) وهي العين.

كلمة ‘حسد’ فى الإستعمال الغربي المعاصر ليست بالضرورة شيئاً سيئاً أو شريراً. فبعض الشركات تستعمل الكلمة (envy) لتسويق منتجاتها، من العطور إلى الحاسبات. ومن الوارد أن يقول شخصٌ لآخر “أحسدك على أولادك” ويعتبر هذا نوعاً من الثناء والمجاملة لا غضاضة فيه. لكنك لو قلت هذا لإنسان شرقي لإنتفض كمن لدغته أفعى، وإستعاذ بالله “من شر حاسد إذا حسد”، وهرع إلى العرافين يشترى حمايتهم. وفى مصر إذا إعتقد الإنسان أنه “أصابته عين” فهو يذهب إل عرافة تقص عروسة من الورق وتخزق عيونها بإبرة وهي تناجى شمهورش شيخ العفاريت. ويعتقد المصريون أيضاً أن الحسد “يربط” العريس ويجعله غير قادر على الأداء فى ليلة الدخلة. (وعلاج ذلك أن تأخذ أمه شيئاً “من ريحته” إلى عرافة تعمل له “عملاً” مضاداً يفك ربطته.)

وفعالية الحسد يرفضها المنطق. خذ مثلاً رجل الأعمال بيل جيتس الذى تقارب ثروته ١٠٠ مليار، ولديه زوجة طيبة مخلصة جميله، وأولاد أذكياء ناجحون. لا بد أن هناك ملايين من الناس من كل شكل ولون يحسدونه على هذه النعم. لو كان للحسد مفعول كما يعتقد البسطاء، لكانت بلاوى الدنيا كلها طربقت على رأس بيل جيتس. غنى عن الذكر أن الرجل وأسرته بخير والحمد لله، مما يدل على أن الحسد مجرد عاطفة بشرية لا تأثير لها إلا على صاحبها.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات