كتّاب

بدائع الاسماء المصرية (2 من 3)…


بدائع الاسماء المصرية (2 من 3)
رحلة الاسماء فى مصر
على الرغم من أهمية الاسماء فى مصر القديمة إلا أنه لم يكن هناك تسجيل مكتوب لها، إلا إذا تطلب الأمر ذلك لظروف خاصة ككتابة الديون أو صكوك الملكية، وفيها كان يكتفى بكتابة اسم الفرد وأبيه وبلدته، فلم تكن الدولة تحرص على وجود علاقة بينها وبين الأفراد، وإنما كانت تكتفى بعلاقتها المباشرة بمسؤلى الأقاليم، وهؤلاء يكتفون بعلاقتهم المباشرة بالعمد أو شيوخ البلد، وهؤلاء الأخيرين هم الذين على صلة مباشرة بالناس فيعرفون أسمائهم وممتلكاتهم وحالتهم الاقتصادية والاجتماعية فيقدرون عليهم ماينبغى دفعه من ضرائب دون الحاجة لكتابة اسمائهم، وكل ماكان يهم الدولة المركزية منذ زمن الفراعنة حتى مطلع العصر الحديث هو مساحة الأض المنزرعة سنويا وقد كانت فى الظروف الطبيعية ثابتة المساحة غير أنه من الممكن أن تزيد وتنقص حسب حالة فيضان النيل، لأن تلك الأرض هى ماسيحدد قيمة ما تحصله خزانة الدولة من خراج، فبمجرد انتهاء فيضان النيل وغمره جميع أراضي الوادى كان “المساحون” ينزلوا بأدواتهم – الذراع والسهم والقصبة- ليمسحوا الأرض أى يحددوا المساحة التى سوف تنزرع هذا العام، ويتم ربط الخراج الذى تستحقه خزانة الدولة تبعا لتلك المساحة، ويحدد اسم الملتزم فى سند أو صك مختوم بخاتم الدولة، ويقوم ذلك الملتزم بتحصيل تلك الأموال من الفلاحين من الفلاحين، تبعا لعدد الفدادين التى يحوزونها، يساعده فى ذلك كاتب وصراف ومشد، وبعض الخفراء، وبطبيعة الحال كان معظم الملتزمين قساة غلاظ القلوب يحصلوا بكل أشكال القسوة والعنف من الفلاحين على ضعف ماسيوردونة لخزينة الدولة من أموال، القصد لم تكن الدولة تحرص على أسماء الناس ولا ألقابهم ولا أعدادهم، ومن يقرأ كتاب “التحفة السنية باسماء البلاد المصرية” تأليف شرف الدين يحيى بن الجيعان، والذى كتبه بتكليف من السلطان الأشرف شعبان 1463-1477م، لا تجد فيه سوى إحصاء لجميع البلاد المصرية وماتضمه من أفدنة أرض مزروعة وقيمة خراجها من الآف دنانير، وظل الحال كذلك لمئات السنين، وكان المماليك الذين استوطنوا مصر وحكموها من سنة1250 – 1517م، يعرفون أهمية تطهير الترع وتعلية الجسور وشق القنوات فحافظت البلدان على مساحاتها وزراعاتها وخراجها، ولكن فى زمن العثمانيين الطغاة الذين حكموا البلاد بولاة جهلة من الآستانة لم تكن الدولة تهتم إلا بالحفاظ على قيمة الأموال المتحصلة من الفلاحين بصرف النظر عن حالة الفيضان وعن مدى اهتمامها بالترع والقنوات، وهو ما جعل الفلاحين يشعروا فى سنوات كثيرة أن الضريبة المفروضة عليهم أكبر من غلة الأرض نفسها، فكثيرا ماكانوا يهجرونها، وقل الزواج والإنجاب وسادت المجاعات، وانخفض عدد سكان مصر من نحو ثمانية مليون فى أواخر زمن المماليك إلى أقل من ثلاثة مليون نسمة مع مقدم الحملة الفرنسية سنة 1798م، وسبب آخر ساهم فى عدم كتابة أسماء الناس وعائلاتهم فى سجلات رسمية أن الناس كانوا لا يمتلكوا حق الرقبة بالنسبة للأرض وإنما يمتلكوا حق الانتفاع فقط فالأرض كلها ملك للسلطان،
وحتى فى المدن لم تكن للدولة علاقة مباشرة بالناس والأفراد والعائلات وانما تحصل على حقوقها من ضرائب وجزية من خلال شيوخ الحرف وشيوخ الحارات القبطية واليهودية، ظل هذا هو الحال منذ زمن الفراعنة حتى زمن محمد على (1805 – 1848م)
كان لدى محمد على تصور للدولة المركزية القوية، وكان لديه تصور لما يمكن أن تقوم به الدولة من مشروعات مركزية فى الرى والقناطر والزراعة، ومشروعات صناعية وتعليم مركزي وجيش حديث
وراح محمد على يواجه العقبات التى رآها تقف حجر عثرة فى سبيل دولته المركزية القوية، فتخلص من الجنود المرتزقة، ومن الأطماع الانجليزية 1807، ومن الزعامة الشعبية 1809، ومن المماليك فى مذبحة القلعة الشهيرة 1811، ولأن المماليك كانوا يشكلون عصب النظام العسكرى والاجتماعى القديم، وكان معظمهم يحوز التزامات هائلة، حانت الفرصة لمحمد على للقضاء على نظام الالتزام الذى يحرمه من الهيمنة الكاملة على أرض مصر وخراجها ويمنعه من القيام بمشروعاته الزراعية وفى سنة 18012، جمع محمد على مابقي من ملتزمين ومنحهم تعويضا تافها نظير تنازلهم للدولة عن صكوك وسندات الالتزام، وأرسل محمد على لشيخ القرى فى مختلف أنحاء البلاد: أن اكتبوا للدولة أسماء الناس وماتحت يديهم من أراض
وهكذا اضطر شيوخ القرى للاستعامة بالكتبة والصيارفة وشيوخ الغفر فى كتابة أسماء الناس، كما هم وكما يعرفهم الناس: بمهنهم أو صفاتهم أو كما يتهكموا عليهم: محمد النجار، مصطفى الفقى، ابراهيم الطويل، محمود أبو الركب
وغدا نستكمل القاب العائلات فى مصر
يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى