أما المسيحية فقد وصلت فى زمن مبكر إلى العربية، ربما على يد…


أما المسيحية فقد وصلت فى زمن مبكر إلى العربية، ربما على يد بولس الرسول نفسه، ولكن المسيحية فى بداياتها إنقسمت إلى عشرات أو ربما مئات الطوائف، ولاندرى تحديدا أى مسيحية كان يؤمن بها سكان الجزيرة، ولكن المصادر الإسلامية ذكرت لنا رجلا إسمه ورقة بن نوفل كان مؤمنا با لمسيحية الأبيونية، وهى شيعة مسيحية ظهرت فى بدايات المسيحية وانقرضت حوالى القرن السابع الميلادى.!

“والنظام الأساسى لاولئك الأبيونيون أكد إلتزامهم بحفظ ناموس موسى، ولقد أنكروا أن يكون بولس رسولا، ولم يستخدموا سوى إنجيل متى، بل وفى صورة مشوهة، وكان من رأيهم أن المسيح رجل عادى، حبل به بالشكل العادى، ولم يتميز سوى ببره، وعطية الروح القدس السامية، حيث حل الروح القدس عليه أثناء عماده.”!(موسوعة آباء الكنيسة، ج الأول ص: 239 ).

وتأصيل الفكرة أن يسوع بعد إختفائه المفاجئ ترك تلاميذه بلاكتاب مقدس، فلجأ التلاميذ بالطبع إلى العهد القديم ليتعبدوا به، ولما لم يكن لهم معبد مستقل فقد كان معبد اليهود يفى بالغرض، فهما فى النهاية حتى ذلك الحين دين واحد، وأشهر صلاة يصليها اليهود كل يوم هى: شمع يسرائيل، أدوناى إلوهيم، أدناوى إحاد” يعنى: إسمعى ياإسرائيل، الرب إلهنا رب واحد، وهو بالطبع كان فى ذلك الوقت نفس إيمان تلاميذ يسوع، ولكن بعد محمع أورشليم سنة 49 م إستطاع بولس أن يفصل بين اليهودية والمسيحية ويحدث طلاقا بائنا بينهما، بولس بفكره وجرأته وبدعمه المادى أيضا للكنيسة الفقيرة إنتصر على التيار المسيحى اليهودى، وإن بقى البعض يعارض الفكر البولسى واستمروا فى الإعتقاد بأن يسوع نبى عادى من رجل وامرأة ولايتميز إلا باجتهاده فقط، هذه المجموعة عرفها التاريخ الدينى باسم “الأبيونيين” وربما كانت بمعنى الفقراء بالآرامية.!(راجع المسيحية والمحروسة، محمد شومان).!
هذه العقيدة على مايبدو هى التى كانت منتشرة فى مكة أو على الأقل هى ماكان يؤمن بها ورقة بن نوفل الذى كانت له تراجم لبعض الكتب الدينية، وهذا هو مااقتنع به محمد فى البداية فى الفترة المكية، أو على الأقل إقتنع بالجزء الذى يقول بأن المسيح رجل عادى أو ربما أكثر من رجل قليلا ولكنه ليس إلها أو نصف إله، ولكن للأسف كانت للمسيحية عشرات إن لم تكن مئات الطوائف كما أسلفنا فكانت هناك طائفة مارقة أخرى هى الظاهراتية أو الطيفيين الذين اعتقدوا يسوع مجرد طيف فقط لاجسد، وبالتالى فهو لم يقتل ولم يصلب بل ألقى شبهه على آخر، فنجد فى إنجيل بطرس الأبوكريفى وهو يتحدث عن معلمه:

“رأيته يبدو وكأنهم يمسكون به، وقلت: من هذا الذى أراه ياسيد؟ هل هو انت حقا من يأخذون؟أم انهم يدقون قدمى ويدى شخص آخر؟قال لى المخلص: من يدخلون المسامير فى يديه وقدميه هو البديل فهم يضعون الذى بقى فى شبهه من العار انظر إليه وانظر الي؟.(راجع مخطوطات البحر الميت، احمد عثمان ص 137 ).

“مسكين يسوع هذا لقد اخترعوا له آلاف القصص والحكايا، وكان الموضوع سيصير بعد فترة للزوال بعد سيطرة الكنيسة القوية على مقاليد الأمور، لولا ان جاء محمد فى تلك الفترة وسمع تلك الآراء المتضاربة التى أخذ منها معلوماته التى لايمكن أن تراجع ثانية، فهى وحى ربانى، والأرباب فى الغالب لاتخطئ، ومن ذا الذى يستطيع أن يصحح للرب معلوماته، فآلهتنا لاتشيخ ولاتخرف، ولكن عقولنا كما تعلمون جميعا تافهة وناقصة، ويلمح د شوقى ضيف إلى وجود نصارى فى قريش ربما تعلم منهم محمد الحكايات:

“وكان الرقيق الحبشى الذى تزخر به مكة نصرانيا، ويظن أنه كان بها جالية من الروم النصارى، ويقال أنها كان بها عبدان نصرانيان، وأنه كان بها جوار روميات، ويقال أن شماسا زار مكة فى الجاهلية، وكان يعيش فى مر الظهران راهب مسيحى، ويزعم اليعقوبى أن قوما تنصروا من قريش قبيل الإسلام، والمظنون أنه كان فى المدينة بعض النصارى”.( تاريخ الأدب العربى، د شوقى ضيف، ص 59 ).!

إذن يقال أن محمد قد أخذ من الأبيونيين رأيهم فى أن عيسى ليس إلها، وأخذ من الطيفيين فكرة أن يسوع لم يصلب ولم يقتل بل شبه لهم.!




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version