كتّاب

آخر العنقود.. أول الوجع…


آخر العنقود.. أول الوجع

في الحقيقة، يموت أبناء الفلاحين واقفين ولا يعلمون أن سبب موتهم قد يكون تافها قبل أن يقتلهم.

لولا نصيحة وإصرار الدكتور مروان الغفوري على ضرورة نقله إلى صنعاء فورا منتصف ذلك الليل الكئيب، ولولا بقية في حياة أخي الأصغر سياف، لكان قضى نحبه خلال يومين حسب كلام الدكتور الغفوري الذي أنقذ الولد وشخص حالته قبل الكشف وظل متابعا رغم انشغاله حتى أدخلنا سياف إلى المستشفى وبعد خروجه من العمليات قبل أيام، وحتى قبل لحظات أيضا.

ممتنون للدكتور الغفوري قبل أي أحد فقد كان أهم أسباب إنقاذ أخي الغالي.

لقد تجاوز سياف مرحلة الخطر بعد أن أكلت بلهارسيا أوعيته الدموية وأتلفتها وأوشكت أن تفتك بالكبد لولا لطف الله وإسعافه في اللحظات الأخيرة، لقد عاشت الطفيليات وعشعشت في أمعائه وأوعيته حتى اندلق الدم من فمه كنافورة ماء.

في القرى نتعايش مع الأمراض ولا نعلم بها إلا ونحن نحتضر، ليس لأننا نريد أن نخلص من أنفسنا ولكن لأننا نعيش في مناطق لا مستشفيات فيها ولا رعاية صحية ولا ماء شرب صحي ولا اكتراث بالحياة التي لا تعني للأنظمة إلا صوت انتخابي في مواسم الحصاد.

حزين من أجل أخي الذي سيقضى عمره مهددا ومضطرا لتناول العلاج مدى الحياة.

الحمدلله على كل حال يا قلب أخوك ومادمت أنا فأنت في عيوني حتى لو اقتلعتهما من أجلك.
..
استدراك ولعنة..
لا تفرطوا في صحة أنفسكم وأهلكم مهما كانت الظروف، قد يقتلك إهمالك أو تخوفك من مسلخة الحسابات في المستشفيات، قبل شهرين اكتشف أحد أبناء قريتنا أن أمه مصابة بالسرطان وكان في مراحله الأخيرة، ماتت قبل أن يستطيع نقلها إلى مصر.

لعنة الله على دولة تحكم لعقود ولم توفر لمواطنيها أدنى حد من الرعاية الصحية كحق لا منة ولا فضل من حكومة ولا رئيس.


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى