للشاب الجميل محمد الصوفي:…


للشاب الجميل محمد الصوفي:
أن تكون مبدعاً في ريف، أو جميلاً في مقبرة.
ـــــ

رسالة موجوع لحبيبته السابقة .
محمد الصوفي .
………………….
يا وجعي الأخير :
هل لرسالتي معنىً ، وقد اخترق صوت الزفة أذْنــيّـكِ !
يا رصاصة ً تجاوزتْ أحشائي : مزّقيني من جديد، ثم اطلبي رسالة ذكرى !
هل تريدين وجعا !
فلتسمعي ، إذن :
ستكونين بعد الآن زوجة وفية ، لرجلٍ فاحش الثراء ، تنجب الأبناء ، وتشتري البخور ، وتستلقي منتظرةً آخر كل مساء ! ,
هل تريدين أن أتخيل أكثر !

كان يمكن أن تقولي ” لا ” لربما أصير ثرياً كفاية لأستهوي أحلامك الكثيرة ، لكنك لم تستعذبي انتظاري في مجتمع لَــعْـنـَتــَه الكبرى “امرأةٌ عانس ” !
فلا تخدعيني مرتين !

أنت فتاة _ ككل فتاة _ يكفيك أن يقال لك ” أم هناء ” لتشتعلي فرحاً ، وتطيب كل أوجاعك ، إما بدعوة زفافٍ أو بجلسةِ غيبة !
دعيني أطَـبّـب جراحي وانصرفي ، انصرفي عني للأبد !
فقدتُ قبلك وطن ؛ ولم أعد اكترث لما أفقد بعد ، فهذا قدري القديم ، ما إنْ أهوى ملاكاً حتى أفقده !

يا كل الخسارات :
كان أمامك سيل من الذكرى ،ولفيف لطف ، وقصائد غزلي البكر ، لكنك سقطت مع أول رصاصة مطاط أخطأت الهدف !

لكم أحتاج الآن أن أراكِ على منصة زفاف !
ربما لاختبر قدرتك على تـقمُّص الأدوار وصـنع الضحايا !
ربما لأعرفَ حقاً ما إذا كنتُ حُلماً صادقاً لكِ أم (كرتاً ) بديلاً في حال فاتك قطار المتعة !
صدقيني : لم أعد بعدك أثق بشيء ؛ فقد خُـذِلْتُ من قبلك حد الاكتفاء ! وأنا الآن _ ككل مرةٍ _ أهوي من جديد !

قلتِ لي في آخر حديثٍ بيننا أن “صوت الزفة يخترق أذنيك ِ ”
إذن هي مراسيم فرح ، وأنت عروسٌ تُـعِدّ جنتها بحب ، ولا يبدو مأتماً على الإطلاق !
كان يكفي أن تصنعيه مأتماً ليرتاح حبي في تأبينة وجعي الأخيرة ، لكنك لا تريدين !
هل بإمكان أحد أن يتجرع وجعاً بغير إرادته !
لا أظن ! يا حلوتي ، فإشارة امتناعٍ صغيرة كانت تكفي لِتُوقِف كلّ شيء !

الثري حصن من غرور ؛ يا عزيزتي ، ولا يقبل الأشياء التي تمانع !
رسالة على نحو : ” لا أستطيع مشاركتك حياة من ثلاثة صغار وعقدَيْ زمن ، على اعتبارها مدة كافية بمقدورها قتلي ألف مرة ” .
كانت تكفي ليرفضكِ العريس بعدها وتنالين شيئاً من ألم ثم قليلاً من صراخ ، وينتهي بعد هذا كل شيء ، لكنّك لم تفعلي !
اسمحي لي إذن أن أكون قاسياً ولو لمرة : مادام عام من اللطف وقصائد الغزل ؛لم تكف لتقولي ” لا ” لأجلي أو حتى تسمحي لحبنا العذري بالخلود ولو سرا !

كيف قبلت بغيري ؛ ولو على مضض !
أسأل بحرقتي ، وكيف قبلْت أن تكوني ضعيفة وممَزّقَـة ولم تقدري على الصراخ من نافذة أعلى طابق في المدينة !
كم أنا محتاجٌ لأسأل : هل اشتريت عطر الخزامى ونصف القمر، .لتجهزي شهية عريسك الثري !
أم أن أن شقيقتك الصغرى تكفلت بتجهزيها عنك ، على اعتبار أنك مشغولة بتجهيز دفعات خجل مصطنعة ستقابلين بها عريسك في ليلة دخلته !

هكذا أنت يا سناء : _ ككلِ فتاةٍ في مدينتي _ تقيم العلاقات لتسمع الغزل ، ثم تذهب بعيداً لتنجب الأبناء ،
وإلى جانبك تغفو مليون حكاية خذلان ، ومثلها وجع !

تتشكل الفتاة هنا كصلصالٍ ناعم ؛ بمقدورها أن تكون أي شيء إلا أن تكون فتاة ترفض ثريا !
كيف يرفض رجل من طابقين وثلاث تحف !

كان بوسعك أن تصرخي وتكوني بعدها لا شيء ، أو حتى تكوني فتاة عنيدة بأسوأ الأحوال ، لكنك لم تفعلي !
فهل بإمكانك أن تتخيلي ما بوسع أديبٍ أن يفعل ؟

هل سمعتِ يوماً عن فتاة الأساطير ؛ تلك التي انتحرتْ قبل أن يعبث ببستان أورْكِــيـدِها مارد !!
ألم يكن بمقدوركِ التلويح بما فعلتْ : لربما كنت مرتاحاً الآن ، أنـّـك صنعتِ شيئاً لأجلي أو حتى لأجل وعودك الكاذبة !
يا لك من عازفةٍ فاشلة ! لم تقدري على التضحية لأجلي ولو بهمسة ،
أو حتى بــ ” جواب امتناعٍ ” بائس ، تصرخين به في وجه القدر ثم تغرقين في نهر ٍ من الدمع الكاذب ، كما تفعلين معي الآن !
كان يمكن تسريب كلمة رفضٍ باهتة لعريسك الثري ، لعلّ جرس كرامته يمنعه من أن يمسّ حبيبة آخر ،
لكنّك لم تفعلي !!
كيف استطعتِ إذن أن تكوني قوية معي وتغرقيني وهماً ثم تعجزي عن ” لا ” صغيرة أباحها لك نصاً في كتابٍ مقدس !!
ياللخذلان ، وياللوجع !

زواجك _ يا سناء _ لم يكن قرار محكمة فيدرالية، أو حتى التزام موظفٍ بيروقراطي يحافظ على السيادة !
فلا توهميني رجاء ، ولا تتوهمي أن أباكِ هولاكو ؛ فحتى هذا القائد القاهر ، كان يدلّل فتاته بأسوأ الأحوال !
أباك كائنٌ مثلي ، يا سيدة : يكفيه دمعتان وصرخة وجع، ليعْدِل عن حبٍ رسَمَه لألف عامٍ قادم وأعدَّ لأجله مليون إلْيَاذَة حبٍ وألفا قصيدة !

أنت حزينة لشيء أعلمه : هو أن زوجك الثري ينقصه أن يكون لطيفاً ، وهذا ما تريده فتاة مثلك ،أو تخاله!
لكن عريسك ثري ، جمع ثروته على بيع ذخائر الموت لتجار الحرب ، وجَلبِ علب الكوكايين لعشاق الغرف ! فهو لا يعرف عن هيلين الخالدة سوى أنها امْتَطَتْ قِلاعاً من طروادة في إلياذة هوميروس الغابرة ! فكيف له إذن أن يكتب قصائد الغزل !
ياللسخرية !

بالمناسبة يا سناء ، هيلين لم تكن أسطورة : هي مجرد فتاة ، تــَـسَـابق عليها ملوك الإغريق فمَانَعْت وأشْعَلت لأجل حبيبها حرائق الكون !
كيف إذن لفتاةٍ مثلك أن تعرفها ! وهي ما فقهت في أبهى ساعات صفائها غير : ” أحْرَجْتَنِي يا حبيبي ، هذا من ذوقك ،أوووه هذا كثير عليّ ،بعدين بأصدق نفسي ، وخطأ فادح في التفريق بين ال “ض “، و ال” ظ ” ” كتعقيبٍ وراء كل ألف قصيدة غزلٍ ومليون حرف ! .

يا لك ِ من جبانة !

انتهى

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version