كتّاب

‏نشرت صفحة ويكيليكس رابطاً إلى قاعدة بياناتها حول “غييرت ڤيلدرز”، السياسي الهولن…


‏نشرت صفحة ويكيليكس رابطاً إلى قاعدة بياناتها حول “غييرت ڤيلدرز”، السياسي الهولندي الذي حصد مؤخراً العدد الأكبر من المقاعد (٣٥/١٥٠).

في مخزن ويكيليكس هناك ١٤٠٥ وثيقة متعلقة بڤيلدرز صادرة عن السفارة الأميركية في هولندا.
تصفه الوثائق ب”الفاشي الجديد”، وتتهمه بالتحريض الانتحاري على المسلمين في كل أوروبا.

قرأت عدداً من تلك “المراسلات” بين السفارة والخارجية، خصوصاً في زمن هيلاري هانم. تجد في واحدة منها الإشارة إلى أن إرهابي النرويچي برايڤيك (الذي قتل ٧٧ شخصاً في أوسلو، ٢٠١١) كان قد ذكر السياسي الهولندي ڤيلدرز ثلاثين مرة، واضعاً إياه في مرتبة البطل الملهم. آنذاك قال ڤيلدرز مدافعا عن نفسه: لا علاقة لي بما فعله، ولا أعرفه، ولكن الأكيد عندي أن المسلمين هم من اضطروه إلى ذلك. تقول وثيقة السفارة الأميركية: يا له من دفاع أخرق يقدمه ڤيلدرز.

في وثيقة أخرى تقرأ: ڤيلدرز عدو للمسلمين، للديموقراطية، لأوروبا، للمهاجرين، للنيتو، للحريات، لقد نجح في تصدير الكراهية إلى لندن.

في الأيام الماضية حصل ڤيلدرز على مباركات اليمين الأوروبي بعد فوزه بحوالي 23% من أصوات الناخبين، محققاً المركز الأول. بهذا الفوز يفتح ڤيلدرز بوابة الأحلام لحزام الفاشية الأوروبي الممتد من اليونان حتى آيسلاند.

قد تنجح الأحزاب الأربعة التي تليه في الترتيب في تشكيل ائتلاف حكومي يستبعده، غير أن فعلا كهذا سيوفر له فرصة ذهبية كي يبدو في البرلمان المعارضة الوحيدة، والصوت الأوحد الذي يحمي مصالح هولندا! ثم سيجني ثمن ذلك في قابل الأيام.

بالأمس جلس على مكتبه، وضع علم إسرائيل خلف ظهره وكتب بالإنجليزية: الأردن هي فلسطين.

تشير ظاهرة ڤيلدرز إلى الأزمة العميقة التي بلغتها الديموقراطية الغربية: الانزلاق إلى الشعبوية القومية.

يعيش في أوروبا ٥٠ مليون مسلماً، منهم ستة ملايين في ألمانيا. هذا المجتمع الكبير، الذي يتوزع على القارة كلها، ليس وحده ما/ من تتهدده الفاشية الجديدة. فلا شيء يتفق عليه يمين فرنسا وهولندا وألمانيا كما يتفقون على معاداة بروكسل، حيث مقر الاتحاد الأوروبي. وهي ظاهرة غريبة أثارت العديد من التعليقات في الأعوام الماضية. إذ يتفق اليمين عبر الدول، من حيث المبدأ، على أن الوحدة الأوروبية مسألة خطرة ولا بد من تصفيتها بطريقة ما. أي: على تمزيق أواصر القربى بينهم!

من المرجح أن تتوالى الأزمات في أوروبا مع التبدلات الجوهرية في مراكز الأسواق وموازين القوى حول العالم. وكلما ساء الأداء الاقتصادي برزت الفاشية إلى العلن. تقدر الفاشية على تبسيط الحلول والتفسيرات. وبدلاً عن التعقيد النظري الذي تقدمه الديموقراطية لمسألتي الرفاه والمجتمع فإن الفاشية تقول جملة واحدة: لولا المهاجرون لكانت أحوالنا على ما يرام.

هذا العام حققت ألمانيا أداء اقتصادياً هو الأسوأ في مجموعة العشرين، وقد يفسر هذا الأمر جزئياً هرب نظامها السياسي لخوض معارك عابثة مع المجتمع الألماني- المسلم حول مسألة وهمية اسمها “معاداة السامية”!

إذا عدنا إلى استطلاعات الرأي التي أجريت في الشهور الماضيةؤ في ألمانيا فسنجد الحزب الفاشي aFD يقفز إلى المرتبة الثانية مطيحا بالاشتراكي الديموقراطي، حزب شولتز. صعود مفاجئ، بالنظر إلى أن الحزب تأسس قبل عشر سنوات بينما يتجاوز حزب شولتز القرن والنصف من العمر. يغير هذا الصعود في ديناميكيات الخطاب السياسي، يفتح سوق المزايدات، ويبيح اللغة البغيضة التي تتغيأ الحفاظ على الأصوات وتتوسل مزاج المتطرفين. في المسألة الفلسطينية وقف الفاشيون والديموقراطيون على نفس الخط واستخدموا اللغة نفسها، كما لاحظت الكاتبه الألمانية- اليهودية فيلدمان.

المهاجرون، أو المسلمون، ليسو من قدح نار الفاشية، ولا من أسس مناخ الجريمة كما يدعي ڤيلدرز. فقد قالت دراسة لجامعة ميونيخ أن أعلى نسبة أصوات حصل عليها حزب البديل لألمانيا aFD في مدن الجنوب جاءت من المدن نفسها التي صوتت بكثافة سنة ١٩٣٣ للنازية. وهي بشكل عام مدن يعيش فيها عدد قليل من المهاجرين.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى