أخلاقيات الصحابة “رض”…


أخلاقيات الصحابة “رض”

فى عركة بدر المباركة بين المسلمين والمكيين لنا عدة مشاهد لافتة للنظر لأنها تعبر عن الواقع الجديد لرجال تلك المرحلة والذين سيصبحوا قدوة للاجيال التالية، باعتبارهم الصحابة الأطهار للرسول الكريم ، وقرنهم-لا مؤاخذة- خير القرون، وتصرفاتهم خير التصرفات.!
أمية بن خلف سيد من سادات قريش والعرب، لما رأى كثرة القتلى فى المعركة ولمس كم الحقد الذى يدفع اليثاربة والمسلمين إلى قتل الأشراف بلا رحمة، قرر الإستسلام للأسر، فنادى صديقه القديم عبد الرحمن بن عوف وعرض عليه أن يسلم نفسه له كأسير، ومعه إبنه أيضا، وكان سيدنا عبد الرحمن مشغولا بجمع الغنائم، ويمسك فى يده عدة دروع وسيوف نجح فى سرقتها فى المعركة، ولكنه وازن بين فدية أمية وبين ثمن الدروع فرجحت كفة أمية، وبالطبع وافق بن عوف وأخذ أسيريه ورجع بهما إلى معسكر المسلمين، فالأسير كما جرى العرف له معاملة خاصة، ولنترك بن عوف يحكى لنا تلك المعاملة الخاصة من رجال محمد الأطهار:

“فوالله إنى لأقودهما، إذ رآه بلال معى وكان هو الذى يعذب بلالا بمكة ليترك الإسلام، فلما رآه قال: رأس الكفر أمية بن خلف، لانجوت إن نجا”
ثم صرخ بأعلى صوته: ياأنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف، لانجوت إن نجا، فأحاطوا بنا حتى جعلونا فى مثل المسكة، وأنا أذب عنه” (السهيلى، مجلد ،3 ص 40).!

فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم إبنه لأشغلهم، فقتلوه ثم أتوا حتى تبعونا، وكان رجلا ثقيلا، فلما أدركونا قلت له: إبرك، فبرك فألقيت نفسى عليه لأمنعه، فتخللوه بالسيوف من تحتى”( ابن كثير، البداية والنهاية، ج 3، ص 287 ).!

لاحول الله يارب، إفترس المسلمون القرشيين بلارحمة ولاشفقة، فقتلوا فيهم كما شاءوا، وسلم الشريف أمية نفسه ليتم معاملته كأسير، ولكن كان هناك عبد من عبيده هو بلال بن رباح، مازال يحمل الكره والحقد الذى يحمله العبيد لأسيادهم فدعا الناس لقتله حتى وهو أسير بلاسلاح، وتكاثر حوله المسلمين الأطهار المعصومين فترك لهم الرجل إبنه ليشبعوا شهوة القتل فيه، ولكنهم إفترسوا إبنه بسرعة ومازالت نفوسهم متعطشة للدماء، وصمموا على قتل العجوز الأعزل الأسير بأن ظلوا يقطعونه بالسيوف بينما إبن عوف يرقد فوقه لحمايته من تلك الذئاب الجائعة، ولكى لا يظن أحد البطولة فى ابن عوف، فهو إنما يدافع عن أسير سيطلب فى مقابله مبلغا ضخما، أما لو مات فلن يربح سوى سيفه وملابسه، فدفاعه عنه لا يندرج تحت بند البطولة الإسلامية كما يدعون، وهاكم تعليق ابن عوف نفسه:

“فكان عبد الرحمن يقول بعد ذلك: يرحم الله بلالا أذهب أدرعى وفجعنى بأسيرى”.!( السيرة النبوية، ابن حبان، ص 69 ).!



يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version