يشرف على الكرة العربية قادة من أمثال تركي آل الشيخ ومرتضى منصور. وتجري دوريات مح…


يشرف على الكرة العربية قادة من أمثال تركي آل الشيخ ومرتضى منصور. وتجري دوريات محلية ببطل وحيد وفرق مهمتها ملء الفراغ. وفي بلدان الشيخ والبيه، لا المؤسسة، فإن الوصول إلى أفضل العقول والمهارات يبدو مستحيلا. الشكل النهائي للمنتخب ليس هو أفضل ما في البلد، ولا حتى الأفضل المتاح. بل أفضل ما جادت به المحسوبية، الفوضى، المصادفات، واللامؤسساتية. عشت ثمانية أعوام في مدينة مصر، القاهرة، وكان في الحارة ابن بواب، أسمر اللون، يتلاعب بالكرة بطريقة لم أر لها مثيلا. لا أقصد الاستعراض الفردي مع الكرة، بل أثناء اللعبة. لا يمكن اكتشاف ذلك الموهوب ولا أمثاله، فنظام الاختيار لا يتيح سوى لفئة قليلة فرصة للظهور. أنفقت قطر على اللعبة أمولا تكفي لردم نصف المحيط الأطلسي، وينفق السعوديون أموالا لا يمكن حتى عدها. في النهاية نحصل على وضع كروي مخيب للآمال. تستحق الجماهير (لنقل: الشعوب. الجماهير تعبير فاشي) نظير أموالها المهدورة ساعة سعادة لا شائبة فيها، لحظة من الفخر الخالص. المنتخب السعودي قدم أداء جيدا مقارنة بماضيه، وليس بالآخرين. انتهى زمن الخصوم الضعاف، كما يكرر الألمان. العرب السعوديون لعبوا بلا قيادة، ولا هجوم، وبجهة واحدة (أغلب محاولاتهم كانت من جهة واحدة). الفوز على الأرجنتين كان خادعا، فهو فوز حدث بفعل التكنولوجيا الفائقة التي لم يعتد عليها الأرجنتينيون (ألغيت ثلاثة أهداف، منها اثنان كان يمكن أن يخدعا أفضل حكم في العالم، وهذا لا يقلل من جهد السعوديين). كرة القدم تعبير عن الوضع العام الذي تعيشه الشعوب، وليست تعويضا عنها. تلعب الحرية والديموقراطية وسيادة القانون دورا حاسما في تطور اللعبة وإنتاج أفضل الفرق. لا يعني ذلك أن الديموقراطية لا بد وأن تفضي إلى كرة قدم جيدة، كما لو أن المسألة نهائية. بل: الديكتاتورية تحول دون تطورها، تعمل على تخريبها، وينتج عنها وضع رياضي عام متواضع المستوى. من غير المتوقع أن تتطور رياضة يشرف عليها تركي ومرتضى! أعني أن تصل وضعا منافسا على الصعيد الدولي. المنتخب القطري قال الحقيقة كاملة وولى: منتخب متواضع، لا تنفع معه كل معسكرات الدنيا ، ولا الغاز المسال كله. الطريق الأمثل هو تسريح الفريق مع جهازه الفني، وتطوير آلية شفافة لصناعة منتخب جديد وجيد. لن يحدث مثل هذا، وسيتفاجأ القطريون مستقبلا كما لو أنهم يكتشفون سرا عميقا. لاحظوا ما جرى مع أغاني كأس العالم: أثارت سخرية واحتقار كل الناس. خيال وحساسية متواضعة تجاه ما هو فن، عبر عن نفسه في النهاية من خلال مشهدين: أغنية توكا تاكا لميريام فارس، والخروج المذل للمنتخب كأول المغادرين. تمنينا أغنية للمونديال، نتذكرها مستقبلا، وحتى تلك الأمنية بدت عصية. هذه الحقيقة يراد لها أن تضيع وراء لحى مسافرة، وتبشير ديني رخيص، وديماغوغية شعبية. وهكذا صارت أوروبا الموبوءة بالمثلية تريد الاعتداء على قيمنا (قالت وزارة التربية والتعليم السعودية إن ٤٦% من قضايا طالبات المدارس في عموم المملكة مرتبطة بالسحاق. تقرير رسمي، 2008). وكأن إهدار ٢٢٠ مليار يورو في “قمار” على مستوى كرة قدم هو أمر من صميم الدين. وكأن الفقراء ليس من نصيبهم ٥٠ مليارا من ذلك المال المهدور، كونه استخرج من باطن الأرض، ما يجعله (مال الله)! كل ذلك يستبدل بتمويهات تهدف في النهاية إلى إخفاء الحقيقة الكبيرة.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Exit mobile version